استياء عراقي من تراخي نظام الأسد و"قسد" بوقف تسلل "داعش"

18 ابريل 2021
تواصل القوات العراقية تحصين مواقعها على الحدود (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من البيانات العراقية المتكررة التي تتحدث عن استمرار عمليات تحصين الحدود مع سورية بدعم من قوات التحالف الدولي، عبر نصب أبراج وكاميرات مراقبة ووضع الأسيجة وحفر الخنادق، على طول هذه الحدود التي تمتد لأكثر من 600 كيلومتر، إلا أنّ مشكلة تسلل مسلحي تنظيم "داعش" بين الفينة والأخرى ما زالت مستمرة، خصوصاً عبر محافظة نينوى شمالي العراق. ويلقي مسؤولون أمنيون وبرلمانيون بجزء من المسؤولية على قوات النظام السوري، ومليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، على اعتبار أنها تسيطر على الشريط الحدودي من الجهة المقابلة للعراق، من مناطق البوكمال والتنف، وصولاً إلى دير الزور والحسكة بشمال شرق سورية.
ومنذ مطلع شهر إبريل/ نيسان الحالي، أحبطت قوات الأمن العراقية ثلاث محاولات تسلل لمسلحي التنظيم، وافدين من داخل الأراضي السورية، تم في إحدى تلك المحاولات الاشتباك مع عدة مسلحين، ما أجبرهم على التراجع، بحسب مسؤول عسكري عراقي في بغداد، تحدث لـ"العربي الجديد". وقال المسؤول إنّ عمليات تسلل مسلحي "داعش" من سورية إلى العراق ما زالت مستمرة بين وقت وآخر، وأغلب المتسللين هم عراقيو الجنسية ممن يوجدون في الشمال والشمال الشرقي السوري.

تم إحباط ثلاث محاولات تسلل لمسلحي داعش منذ مطلع إبريل

ووفقاً للمسؤول ذاته، فإنّ عمليات التسلل تأتي بسبب "عدم مبالاة من جانب النظام السوري والفصائل الداعمة له الموجودة على حدود العراق، وكذلك قوات قسد، في ضبط هذا الأمر"، مشيراً إلى أنّ "هناك فساداً مالياً واضحاً ومعروفاً، وعمليات تهريب لعناصر داعش من سورية إلى العراق، مقابل مبالغ مالية كبيرة". واعتبر المسؤول أنه "على الرغم من الجهود العراقية الداخلية في ضرب خلايا داعش، وتتبع جيوبه وتفكيكها، إلا أنّ عبور بضعة مسلحين من التنظيم إلى العراق، يمكن أن يحدث تفجيرات وهجمات تزهق أرواح أبرياء".
وسبق للمتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، أن وجّه انتقادات لنظام بشار الأسد، نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي بشأن تسلل مسلحي "داعش"، إذ تحدث عن "ضعف من الجانب السوري في ضبط الحدود، يؤدي إلى تسلل المخربين". وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أمس، أقرّ الخفاجي بـ"استمرار التهديد على الحدود"، مبيناً أن "القوات الأمنية العراقية تفرض سيطرتها يوماً بعد يوم، وتقوم بعمليات مستمرة لإحباط الهجمات التي ينفذها داعش من الجانب السوري حيث هناك بعض الثغرات التي تسعى القوات العراقية لرصدها ومنع أي عمليات تسلل". وأضاف "خلال الأشهر الماضية، تمكنت القوات العراقية من قتل واعتقال بعض العناصر الذين حاولوا عبور الخط الحدودي بين البلدين. إضافة إلى ذلك، فإن السلطات الأمنية والعسكرية تواصل تعزيز المنطقة بمزيدٍ من التقنيات الحديثة من خلال نشر الكاميرات، وإنشاء خطوط أمنية عناصرها مدربون بشكل جيد على التعامل مع التهديدات في المساحات الشاسعة والصحاري".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وأول من أمس الجمعة، تحدث عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، عباس صروط، عن استمرار تسلل عناصر "داعش" عبر الحدود السورية إلى العراق، مؤكداً في إيجاز للصحافيين في مبنى البرلمان أن "عمليات التسلل لم تتوقف أبداً". وقال إن "العراق يستعين بالتقنيات الحديثة لتأمين الحدود، من خلال كاميرات مراقبة ومعدات فنية متطورة، إضافة إلى تفعيل الجهد الاستخباري الميداني على الأرض في رصد نقاط التسلل، ولكن الملف يحتاج إلى مزيدٍ من الوقت، خصوصاً أن الحدود تمتد لمئات الكيلومترات وفيها تضاريس مختلفة ومعقدة".
بدوره، أكد معاون قائد "الحشد العشائري"، في محافظة الأنبار الحدودية مع سورية غربي العراق، اللواء طارق العسل، كذلك أن "تسلل عناصر داعش لا يزال مستمراً"، موضحاً في حديث مع "العربي الجديد" أن "بعض الجهات تتعامل مع ملف الحدود العراقية السورية، وهي جهات أمنية وعسكرية مسؤولة، على أنه ملف تجاري واقتصادي، وبالتالي تحدث عمليات فساد إداري ومالي، مما يؤثر على أمن الحدود ويخلق ثغرات قد تكون غير مقصودة. ولكن تنظيم داعش يعرف هذا الأمر، ويقوم باستغلاله، ويتسرب إلى الأراضي العراقية".

أكثر ما يُهدد الحدود العراقية السورية هو القرب من مخيم الهول

أما عضو مجلس النواب كاطع الركابي فأكد أنّ "الحكومة مُطالبة بتأمين الحدود وزيادة الزخم العسكري فيها، لا سيما مع الزيادة الملحوظة في عدد الهجمات التي ينفذها تنظيم داعش في مناطق متفرقة من البلاد، إضافة إلى محاولات تنفيذ العمليات الإرهابية في المدن المحررة واستهداف العاصمة بغداد". واعتبر الركابي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "أكثر ما يُهدد الحدود العراقية السورية هو القرب من مخيم الهول الذي يحوي الآلاف من عناصر التنظيم الذين يشكلون خطورة حقيقية على أمن البلاد، لا سيما أنّ جيلاً جديداً من عناصر التنظيم من الشبان باتوا جاهزين للتوغل إلى العراق، ومحاولة استرجاع أي مما يمكن استرجاعه من الأراضي التي كانت تحت احتلال التنظيم، وهو أمر لا يمكن أن يحدث، ولكن يبقى للمحاولات أثر أمني قد يؤدي إلى خروقات وهجمات".
وكانت قيادة التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق، قد نفت في وقتٍ سابق وجود أي مؤشر على عودة ظهور تنظيم "داعش" في البلاد، مؤكدة استمرار تعاونها مع القوات العراقية بالضغط على بقايا التنظيم. وقال المتحدث باسم التحالف، العقيد واين ماروتو، إن "داعش مهزوم من الناحية الإقليمية، لكنه ما زال يمثل تحدياً"، مبيناً في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع" أن "عناصر داعش سقطوا، لكنهم لم يخرجوا". وأضاف أن "داعش يحتفظ بالقدرة على ترهيب المجتمعات في العراق، وفي سورية وأماكن أخرى".

المساهمون