سجلت العاصمة العراقية بغداد، صباح اليوم الخميس، هجوما هو الأول من نوعه منذ تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد السوداني، بواسطة عبوة ناسفة استهدفت رتلا يحمل معدات غير عسكرية لصالح التحالف الدولي، وذلك على طريق (التاجي) الخارجي، شمالي بغداد.
ولم تتبن أي جماعة الهجوم، كما لم تعلق السلطات العراقية على الحادث الذي أكدته وسائل إعلام محلية نقلت عن مصادر أمنية قولها إن الرتل واصل سيره بالتحرك إلى وجهته نحو محافظة صلاح الدين، شمالي البلاد، دون أن يسفر الهجوم عن أي خسائر أو أضرار.
ويأتي الاعتداء بعد يومين من تقارير بشأن إسقاط القوات الأميركية في قاعدة "عين الأسد"، غربي الأنبار، طائرة مسيرة حلقت على مقربة من القاعدة، ما يثير المخاوف حيال عودة صفحة الهجمات التي كانت تنفذها فصائل حليفة لإيران ضد المصالح الأميركية، للضغط من أجل مطلب إخراج القوات الأميركية من البلاد، والذي بدأ فعليا قادة في تحالف "الإطار التنسيقي" بالدعوة إليه مجددا، أبرزهم زعيم تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، هادي العامري، الذي اعتبر في بيان له، الأسبوع الحالي، أن السيادة في البلاد "لن تكتمل دون خروج القوات الأجنبية".
ولم تعلق خلية الإعلام الأمني العراقية المسؤولة عن إعلان المواقف الأمنية حول الهجوم، كما لم يصدر من جانب التحالف الدولي أي تأكيد على الهجوم الذي أورده عدد من وسائل الإعلام العراقية المحلية.
وقال عضو بارز في تحالف "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، إن "التهدئة الأمنية بين الفصائل من جهة، والجانب الأميركي من جهة أخرى، ما زالت قائمة، وكان هناك تواصل قبل أيام ما بين قادة تلك الفصائل ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، من أجل منع أي تصعيد عسكري ضد الأهداف الأميركية في العراق، بالتزامن مع ذكرى اغتيال الولايات المتحدة زعيم فيلق القدس قاسم سليماني والقيادي بالحشد الشعبي أبو مهدي المهندس".
وبين المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن "هجوم اليوم قد يكون تصرفا ذاتيا غير مدروس من قبل جماعة أو أفراد، لكن لا يوجد أي قرار بعودة صفحة الاستهداف مرة أخرى".
واستدرك بالقول إن "عودة عمليات استهداف الأرتال التابعة للتحالف الدولي قد تكون من أجل الضغط على حكومة السوداني لفتح ملف إخراج القوات الأميركية من العراق، فالسوداني وحكومته حتى الساعة لا يوجد لهم أي تحرك رسمي بهذا الصدد، وهناك ضغط كبير عليه من قبل بعض أطراف الإطار التنسيقي والفصائل المسلحة".
وسيلة ضغط
من جهته، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "انفجار اليوم قد يؤشر أيضا إلى وجود خلافات ما بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وبعض قادة الفصائل، والعودة للعمل العسكري هي وسيلة ضغط على السوداني لتلبية مطالب وشروط تلك الأطراف المتعلقة بملف الوجود الأجنبي، أو حتى الملفات الأخرى المتعلقة بقضايا المناصب وغيرها".
وبين الشريفي أن "السوداني يدرك جيداً خطورة فتح ملف الوجود الأميركي في العراق خلال المرحلة الحالية، خصوصاً وهو يحتاج بشكل كبير للدعم الأميركي على مختلف الأصعدة، وعلاقاته جيدة حالياً بالأميركيين، ودليل ذلك الزيارات المتكررة للسفيرة الأميركية له، ولهذا هو لا يريد خسارة هذا الدعم".
وأضاف أن "التصعيد العسكري من قبل الفصائل المسلحة ضد الأهداف الأميركية ربما يعود خلال الفترة المقبلة ويتم خرق الهدنة، التي من خلالها أوقفت تلك العمليات لفترة طويلة، والعمليات المقبلة ربما لا تقتصر فقط على استهداف الأرتال، فقد تشمل القواعد، وهذا الأمر سيحرج السوداني كثيرا أمام الولايات المتحدة الأميركية وعموم المجتمع الدولي، وهي ربما تكون وسيلة ضغط عليه وتهديد من قبل أطراف سياسية ومسلحة".
وجاء هذا التصعيد بالتزامن مع إحياء أنصار فصائل مسلحة في العراق الذكرى الثالثة لاغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، في 3 يناير/ كانون الثاني 2020، بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي.