استهداف حقل العمر... الضربات الأميركية لم تردع المليشيات

06 فبراير 2024
قوات أميركية قرب حقل العمر، 2019 (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

تشير المعطيات الميدانية إلى أن الضربات الجوية التي نفذها الجيش الأميركي ضد مليشيات إيرانية وأخرى متحالفة معها في سورية والعراق، ليل الجمعة- السبت الماضي، رداً على مقتل 3 جنود أميركيين في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، في هجوم على قاعدة "البرج 22" قرب الحدود الأردنية – السورية، لم تردع هذه الجماعات، إذ واصلت استهداف قواعد تابعة للتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" في سورية بعد الضربات الأميركية، آخرها قاعدة حقل العمر النفطي.

استهداف حقل العمر النفطي

وأعلن ما يسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، التي تضم فصائل مدعومة من "الحرس الثوري" الإيراني، في بيان فجر أمس الاثنين، استهداف قاعدة حقل العمر النفطي، في محافظة دير الزور شرقي سورية، "بواسطة الطيران المسيّر". وأضافت أن استهداف "قاعدة الاحتلال الأميركي" يأتي "نصرة لأهلنا في غزة".

قتلى من "قسد"

من جهته، قال المركز الإعلامي لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي تتلقى دعماً من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في بيان أمس الاثنين، إن 6 من مقاتلي هذه القوات قتلوا وجرح آخرون في هجوم من طائرة مسيّرة "انتحارية"، مصدرها مناطق سيطرة النظام السوري. وأضافت أن الهجوم استهدف أكاديمية للتدريب العسكري في حقل العمر في ريف دير الزور ليل الأحد الاثنين.

وفي السياق، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أمس، أن طائرة مسيّرة تابعة لـ"المقاومة الإسلامية" قصفت، بعد منتصف ليل الأحد – الاثنين، موقعاً لقوات المهام الخاصة التابعة لـ"قسد" في حقل العمر النفطي، ما أسفر عن مقتل 7 وإصابة 18 آخرين من قوات "الكوماندوس" التابعة لـ"قسد" بجراح، بعضها خطيرة، في حصيلة غير نهائية.

هجمات لم تتوقف في سورية

استهداف حقل العمر النفطي ليس الهجوم الأول بعد الضربات الأميركية الأخيرة، إذ قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أول من أمس الأحد، إن صواريخ أطلقت على قاعدة "كونيكو"، شمال شرقي محافظة دير الزور، فيما كانت "المقاومة الإسلامية في العراق" قد تبنت، السبت الماضي، هجوماً بالطائرات المسيّرة استهدف قاعدة خراب الجير بريف محافظة الحسكة، شمال شرقي سورية، وقاعدتَي "التنف" بريف حمص الشرقي عند المثلث الحدودي بين الأردن والعراق وسورية، والقرية الخضراء بريف محافظة دير الزور الشمالي الشرقي، برشقة صاروخية، وطائرة مسيّرة.

واختارت فصائل "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"سيد الشهداء" والأوفياء" و"الإمام علي" الانضواء في جبهة واحدة، أطلقت عليها يوم 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أي بعد "طوفان الأقصى"، "المقاومة الإسلامية في العراق". وتبنت إلى غاية الآن أكثر من 135 عملية ضد الوجود الأميركي في العراق والأراضي السورية المجاورة.

ويعد حقل العمر النفطي أكبر القواعد التي توجد فيها قوات أميركية في شرق سورية، لذا تعمد المليشيات الإيرانية، سواء الموجودة في سورية أم في العراق، إلى استهدافه في سياق تبادل الرسائل في الميدان بين واشنطن وطهران.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية شنت، ليل الجمعة -السبت، هجمات على 85 هدفاً، يُعتقد أنها تابعة للجانب الإيراني في سورية والعراق، رداً على مقتل 3 جنود أميركيين وجرح 40 آخرين في الأردن، بطائرة مسيّرة أطلقتها الفصائل المسلحة المدعومة من إيران.

وكشف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، في حينه، أن الضربات تركزت في7 مواقع، 3 منها في العراق و4 في سورية. واستخدمت القوات الأميركية طائرات حربية تشمل قاذفات بعيدة المدى تنطلق من الولايات المتحدة.

كما أطلقت الغارات الجوية أكثر من 125 ذخيرة دقيقة التوجيه، مستهدفة منشآت للقيادة والسيطرة والاستخبارات، ومخازن للطائرات المسيّرة، ومرافق لوجستية لتوريد الذخائر للمليشيات الإيرانية.

هدف سياسي لهجمات المليشيات التابعة لإيران

ولكن استمرار الهجمات على القواعد الأميركية في شرق سورية من قبل الفصائل المقربة من إيران يؤكد أن الهجمات لم تردع هذه الجماعات، ما ينذر باتساع نطاق المواجهة رغم أن الجانبين الإيراني والأميركي يبدو أنهما ليسا بصدد نقل الصراع إلى مستوى تصعب السيطرة عليه.

عبد السلام عبد الرزاق: رسالة طهران هي أنه لن يكون هناك تمرير لصفقة في فلسطين من دونها

واعتبر المحلل العسكري السوري عبد السلام عبد الرزاق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الهدف الرئيس لاستهداف مليشيات إيران مواقع أميركية في المنطقة، أخيراً، هو سياسي بامتياز". وأضاف أنه "كان رسالة من طهران بأنه لا يمكن الجلوس على طاولة المفاوضات أو تمرير صفقة في فلسطين من دون إيران".

وبرأيه، فإن "مقتل الجنود الأميركيين في البرج 22 كان خطأ ارتكبته المليشيات"، مستبعداً أي رد إيراني واسع لو استمرت الضربات الأميركية، "أو ربما نشهد رداً إعلاميا كما تعودنا".

من جانبه، رأى مدير وحدة الدراسات في مركز "أبعاد" محمد سالم، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه من المبكر الحكم على الهجمات الأميركية "لأنها من المفترض سلسلة".

ولفت إلى أنه "حتى الآن، فإن هذه الضربات تفتقر بالفعل إلى الفاعلية الكبيرة، وبالتالي، تبقى في إطار ما يسمى بالرد المتناسب الذي تنتهجه الولايات المتحدة، وقد أثبت هذا الأسلوب عدم فاعليته سابقاً في ردع هذه المليشيات".

وبرأيه، فإن إيران "لا تريد التسخين ولا تريد ردود فعل أميركية مؤثرة، لذلك استبقت ردة الفعل الأميركية بعدد من الإجراءات، منها زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري إسماعيل قآاني إلى العراق (الاثنين الماضي)، والذي أقنع حزب الله العراقي بتعليق الهجمات على الأميركيين بهدف امتصاص النقمة الأميركية ومنع توسعها".

لا رغبة في التصعيد

إلى ذلك، عزا المحلل العسكري رشيد حوراني عدم ردع الضربات الأميركية للفصائل المقربة من طهران إلى أن هذه الجماعات "تخوض ما يشبه حرب العصابات ضد القواعد الأميركية في سورية والعراق".

رشيد حوراني: المليشيات الإيرانية احتاطت وأعادت الانتشار خارج مقارها 

وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "يبدو أن طهران قرأت جيداً الموقف الأميركي غير الراغب في التصعيد العسكري"، مشيراً إلى أن "المليشيات الإيرانية احتاطت وأعادت الانتشار خارج مقارها خلال الفترة التي تلت استهداف البرج 22 وإعلان الولايات المتحدة نيتها الرد على مقتل جنود لها".

ورأى أن الاستهداف المتكرر للقواعد الأميركية في سورية والعراق "هدفه الضغط على الإدارة الأميركية للانسحاب من سورية، وهو ما يصب في النهاية لصالح مشروعهم في المنطقة".

المساهمون