تظاهر العشرات من أبناء محافظة السويداء جنوبي سورية، اليوم الأربعاء، مطالبين برحيل النظام السوري وتطبيق القرارات الأممية، وفي مقدمتها قرار 2254، وسط مراسم استذكرت فيها مناقب المناضل السوري رياض الترك الذي رحل قبل أيام في باريس.
وانطلقت التظاهرة التي جاءت بدعوة من التجمع المهني في المحافظة، من دوار الشعلة إلى ساحة الكرامة في المدينة، وسط تفاعل جماهيري واسع بعد أن بدأ المتظاهرون في اللجوء إلى أساليب جديدة في التظاهر، مثل عدم الاكتفاء بالتجمهر في مكان معين والاستعاضة عن ذلك بالسير والتنقل، لتحقيق أكبر قدر من الزخم.
وجاءت فكرة المظاهرات السيارة وعدم ثباتها بموقع معين على يد ناشطين من أبناء قرية الجنينة شرقي المحافظة قبل أسابيع، وساهمت في إعادة الزخم الشعبي للحراك، وأثبتت دعم الحاضنة الشعبية المستمر، حيث قامت العديد من النسوة بنثر الأرز على المتظاهرين من شرفات منازلهن وأطلقن الزغاريد باستقبال المنادين بالحرية والخلاص من الاستبداد.
وردد المشاركون خلال التظاهرة هتافات تطالب بتحرير النقابات المهنية والقضائية والتعليمية والصحية والخدمية من سطوة حزب البعث والأجهزة الأمنية، وتفعيل دورها لبناء سورية خالية من الفساد والمحسوبيات.
من جانبه، قال الناشط المدني عماد العشعوش، لـ"العربي الجديد"، إن "تجمع الهيئات المهنية بدأ يأخذ دوره القيادي في حراك شوارع مدينة السويداء، محاولا تثبيت رؤية وطنية مفادها أن الوطن يقوم على كاهل الفعاليات المهنية بكافة الشرائح، وهم يمثلون الوجه الساطع والموقف الحر لجميع النقابات.. في اعتقادي أنه تجمع أكثر فاعلية حتى الآن من التيارات السياسية الحديثة".
أما الناشطة الحقوقية سلام عباس فقالت إن "البلاد التي ليس فيها استقلال للقضاء والجهات العدلية لن تنمو ولن تتقدم يوماً. خلاص البلاد والعباد من الظلم يقتضي تخليص القرار القضائي من تغوّل الأجهزة الأمنية والحزبية وسطوتهما اللاشرعية واللادستورية".
وأكدت عباس، خلال حديث مع "العربي الجديد"، استمرار خروج التظاهرة النقابية بشكل دوري أسبوعي "حتى تحرر النقابات من هذه الوصاية المفروضة، التي دائماً ما تحرف بوصلة العمل العدلي والنقابي بشكل عام عن بوصلته".
وفي السياق، يقول الناشط المدني هاني عزام، خلال حديث مع "العربي الجديد": "أعادتني هذه التظاهرة التي يقودها التجمع المهني إلى بداية الثورة السورية، عندما كان محامو السويداء وأطباؤها ينظمون مظاهراتهم الداعمة للمحافظات السورية الأخرى من أمام نقاباتهم، وجعلتني أمام مفارقة بين اليوم والأمس".
ويضيف: "في تلك الأيام كان المتظاهرون يقمعون من قبل الأجهزة الأمنية دون أي اعتبار لمكانتهم التي تقاس في الدول الراقية من مكانة الدولة، كما أن التفافهم اليوم حول بعضهم البعض بتجمع واحد يتكلم باسم الطبيب والمهندس والحقوقي والمعلم والفلاح والعامل والحرفي والتاجر شيء غير مسبوق على مستوى سورية ككل". وتابع: "ما يشد الانتباه ويجعل من ذلك أكثر تميزا استقبال المجتمع لهذه التظاهرات، بالأمس كانت تقمع واليوم تستقبل بالأرز والزغاريد والتحايا من شرفات المنازل".
إحدى السيدات كانت تهلل للمتظاهرين من أمام منزلها، وقالت في تصريح لـ"العربي الجديد": "هؤلاء أخوتنا وأخواتنا، يطالبون بحقوقهم وحقوقنا، لم أستطع بداية مشاركتهم في وقفاتهم الاحتجاجية لأسباب صحية خاصة، ولا أنكر أن الخوف كان سبباً آخر، لكن سلميتهم ورقيهم يدفع كل من يشاهد هذه المظاهرات تتحرك لديه أحاسيس ومشاعر الحرية". وتضيف: "بداية من يوم الجمعة القادم سأكون وأولادي متواجدين في ساحة الكرامة، لمشاركة أهلنا في عرس الكرامة".
وكانت ساحة الكرامة اتشحت الساحة بالسواد حدادا على روح المناضل والمعارض السوري رياض الترك، فيما رفعت عدة لافتات وصور تذكر بنضاله ضد النظام.
وألقى الشيخ مروان رزق كلمة، تطرق خلالها إلى مسيرة حياة الترك، واصفاً إياه بـ"الحر الذي أبى إلا أن يقول كلمة الحق طيلة حياته، ما عرضه للسجن والاعتقال أكثر من مرة من عهد الرئيس أديب الشيشكلي، مرورا بعهد الرئيس جمال عبد الناصر، حتى عهد الأسد الأب ثم الابن".
وقال الناشط المدني عدنان أبو عاصي لـ"العربي الجديد": "أقل ما يمكن فعله هو التذكير بتاريخه النضالي وتسمية إحدى الساحات باسمه، وهذا سيكون عُرفا لانتفاضة السويداء في ذكرى كل ضحية من ضحايا السلطات السورية".