استمع إلى الملخص
- **ردود الفعل والتداعيات**: دعت حكومة شرق ليبيا لنقل السفارات إلى بنغازي بسبب الظروف الأمنية، وأعربت عن استغرابها من تصرفات حكومة الوحدة الوطنية، بينما استاءت وزارة الخارجية الليبية من استقبال مصر لحكومة غير معترف بها.
- **الدور المصري والأميركي في الأزمة الليبية**: التحركات المصرية لم تدرس كفاية، خاصة مع دعم الولايات المتحدة لحكومة الدبيبة، مما يعرض المصالح المصرية لانتكاسة.
عادت العلاقات بين مصر وحكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة إلى مربع الأزمات مجدداً بعد فترة هدوء، بعدما فجر استقبال أسامة حماد رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب الليبي المحسوبة على معسكر شرق ليبيا، غير المعترف بها دولياً، بشكل رسمي في مصر، من جانب رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أزمة جديدة بين المسؤولين في القاهرة وحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس المعترف بها دولياً. وفي تطور مفاجئ استقبل مدبولي، أول من أمس الأحد، رئيس حكومة شرق ليبيا أسامة حماد، في المقر الصيفي للحكومة المصرية في مدينة العلمين الجديدة.
سعد سلامة: تأتي الزيارة في إطار سياسة مصرية مبنية على احتضان القوى الحاكمة في شرق ليبيا
تداعيات زيارة رئيس حكومة شرق ليبيا
ورداً على ذلك، طردت حكومة الوحدة الوطنية اثنين من الدبلوماسيين من السفارة المصرية في طرابلس، ما أثار أزمة دبلوماسية جديدة بين ليبيا ومصر، وزاد من حدة التوترات القائمة بالفعل بين الإدارات المتنافسة في شرق ليبيا وغربها. وأمهلت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس بقيادة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، أول من أمس الأحد، مستشار السفارة عادل محمد حسني والسكرتير الثاني محمد ممدوح مصطفى الشربيني 72 ساعة لمغادرة البلاد. والاثنان متهمان بالقيام بأنشطة استخباراتية تضر بمصالح الدولة. وجاء القرار استجابة للزيارة الرسمية لرئيس حكومة شرق ليبيا أسامة حماد إلى القاهرة. وشارك في الاجتماع بلقاسم حفتر مدير صندوق تنمية وإعمار ليبيا وأحد أبناء اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مما أثار احتجاجات من جانب حكومة الوحدة الوطنية، لأنّ حكومة حماد غير معترف بها دولياً. وفي رد فعل بدا أنه مرتبط بطرد موظفي السفارة المصرية، ناشدت حكومة شرق ليبيا جميع الدول الأجنبية نقل سفاراتها ومؤسساتها الدبلوماسية الدولية من طرابلس إلى بنغازي.
وبررت حكومة شرق ليبيا هذا الطلب بالإشارة إلى الظروف الأمنية غير المستقرة في العاصمة، في إشارة إلى الاشتباكات العنيفة بين مجموعات مسلحة التي اندلعت نهاية الأسبوع الماضي في حي تاجوراء بالمنطقة الشرقية لطرابلس، والتي أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة 16 آخرين.
وأعربت حكومة شرق ليبيا في بيان رسمي، عن استغرابها من تصرفات وتصريحات حكومة الوحدة الوطنية عقب زيارتها لمصر. وجاء في البيان: "نثمن دور السلطات المصرية وحضورها الداعم في تعزيز العلاقات بين بلدينا، من خلال اللقاء معنا ومناقشة عدد من القضايا المشتركة".
في السياق، قال المستشار بالمجلس الرئاسي الليبي سعد سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "إذا ما أردنا أن ننظر إلى هذه الزيارة من زاوية إيجابية فإننا نقول بأنها تأتي في إطار سياسة مصرية مبنية على احتضان القوى الحاكمة في شرق ليبيا، جعلها تستجيب لأي خطط قد تتبناها مصر بالشراكة مع تركيا من أجل دفع الأطراف الليبية نحو الجلوس من جديد إلى طاولة الحوار السياسي، ولكن هذه المرة برعاية مصرية تركية". وأعربت وزارة الخارجية الليبية عن استيائها من هذا الاستقبال، وذكرت في بيان أنها "تعبر عن عميق استيائها ورفضها للتصرف الدبلوماسي الذي أقدمت عليه الحكومة المصرية، من خلال استقبالها بشكل رسمي لأجسام موازية لا تحظى بأي اعتراف دولي". وأضافت: "رغم أن هذه الخطوة ليست ذات أي أثر واقعي، إلا أنها خروج عن وحدة الموقف الدولي الرافض لعودة البلاد إلى حالة الانقسام والاحتراب، كما أنها تتنافى بوضوح مع الدور المصري والعربي والإقليمي المنتظر في دعم وحدة ليبيا واستقرارها وتحصينها من محاولات التشويش والتقسيم".
تقديرات مصرية: فرص إنهاء الدبيبة الأزمات التي تواجهه كبيرة في ظل الدعم الأميركي
علاقة الدبيبة بالأميركيين
وحسب معلومات توفرت لـ"العربي الجديد"، فإن هناك تقديرات لدى مسؤولين في وزارة الخارجية المصرية عن الملف الليبي، بأن التحركات الجديدة لم تحظ بدراسة كافية قبل اتخاذها خاصة في ظل تمتع الدبيبة بموقف ثابت مع الإدارة الأميركية، إذ تعتبره واشنطن حليفاً موثوقاً، عكس قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر". وأشارت تقديرات المسؤولين في الخارجية المصرية إلى أن "فرص إنهاء الدبيبة الأزمات التي تواجهه كبيرة في ظل الدعم الأميركي، وهو ما يعرض المصالح المصرية في غرب ليبيا لانتكاسة جديدة، خصوصاً بعد الحصول على حصة من إعادة الإعمار هناك". وجاء لقاء مدبولي وحماد بعد زيارة قام بها رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل إلى ليبيا في السادس من أغسطس/آب الحالي، بشكل مفاجئ، حيث التقى خليفة حفتر، وسط تساؤلات بشأن توقيت الزيارة وتفاصيلها. وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن كامل نقل مطلباً أميركياً يتعلق بالترتيبات الخاصة بالحدود الجنوبية الليبية.
وبحسب المعلومات فإن رئيس المخابرات المصرية "بحث مع المشير المتقاعد حفتر، تشكيل قوات عسكرية مشتركة من القوات التابعة لشرق ليبيا الخاضعة لقيادته، والقوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في غرب ليبيا، لتأمين الحدود الجنوبية الليبية وضبطها ومنع انتقال العناصر الإرهابية من مالي إلى ليبيا خلال الفترة المقبلة، وذلك في ظل معلومات استخباراتية أميركية حول نشاط للعناصر المتطرفة هناك، ووجود خطط لانتقالهم إلى ليبيا في ظل عمليات المواجهة، بعد إعلان مالي والنيجر وبوركينا فاسو عن كونفدرالية الساحل والتنسيق لمواجهة الأخطار المشتركة". وبحث كامل أيضاً مع حفتر "مخاوف الدول الغربية والإدارة الأميركية من نشاط القوات التابعة له في منطقة الجنوب الغربي الليبي، حيث تعتبر تلك الدول أن نشاط هذه القوات في المنطقة الخاضعة لسيطرة قوات حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، من شأنه أن يعيد أجواء الحرب بين الجانبين ويسقط اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين في 2020".