أعلن القيادي في حزب "العدالة والتنمية" المعارض في المغرب، عبد القادر اعمارة، اليوم الاثنين، عن استقالته من الحزب، بعد ساعات من صدور بيان للأمانة العامة للحزب الإسلامي أثار جدلا واسعا، بعد أن ربط زلزال الحوز الذي ضرب المغرب، في الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري، بـ"المعصية، واعتباره تذكيرا بالرجوع إلى الله".
وكتب اعمارة، الذي سبق أن شغل مناصب وزارية، في تدوينة على "فيسبوك": "بقلب يعتصره الألم على ما آلت إليه تجربة حزب العدالة والتنمية، فإني أعلن عن استقالتي من الحزب وكل هيئاته منذ هذه اللحظة".
وجاءت الاستقالة بعد بيان أصدرته الأمانة العامة للحزب، أمس الأحد، قالت فيه إن "من معاني الرجوع إلى الله ما يفيد أننا مبتعدون عنه في أمور معينة، وعليه وجب أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى كي يضمد جراحنا ويعوضنا عن مصيبتنا خيرا". واعتبر البيان، أنه "يجب أن نراجع كذلك كي نرجع إلى الله، لأن كل شيء يصيب الإنسان فيه إنذار، والصواب هو أن نراجع كأمة ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا، ليس فقط بمعناها الفردي، ولكن بمعناها العام والسياسي".
وشدد على أن "السؤال المطروح ليس فقط عن المخالفات الفردية، وإنما عن الذنوب والمعاصي والمخالفات بالمعنى السياسي، وتلك الموجودة في الحياة السياسية عامة والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها".
وكان اعمارة قد تقلد في عهد حكومتي عبد الإله بنكيران الأولى والثانية منصب وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة بين 2012 و2013، ثم منصب وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة من 2013 إلى 2016. كما تقلد في عهد حكومة سعد الدين العثماني في 2017 منصب وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء. وفضلا عن عضويته في الأمانة العامة، الجهاز التنفيذي للحزب الإسلامي، تولى مسؤولية مالية الحزب لسنوات عدة.
وكان لافتا ابتعاده عن الشأن الداخلي لحزب "العدالة والتنمية" منذ عودة بنكيران لتولي رئاسة الحزب، إثر النكسة الانتخابية التي مني بها الحزب في الانتخابات التشريعية في السابع من سبتمبر/أيلول 2021.
إلى ذلك، اعتبر رئيس "مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية"، رشيد لزرق، أن اعمارة يحاول من خلال استقالته أن "يقدم نفسه كعقلاني يحاول بعث رسالة مفادها أنه ضد الاتجاه الخرافي لعبد الإله بنكيران الذي يحاول العودة إلى المشهد السياسي بأي شيء، ولو بالركوب على الزلازل والكوارث الطبيعية، وربطها بالأفعال"، وفق تعبيره. وأضاف: "اعمارة بهذه الاستقالة يؤكد أنه نموذج للنخبة البرغماتية".
وقال لزرق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "العدالة والتنمية" من خلال بيان أمانته العامة وربط حدوث الكوارث الطبيعية بالذنوب والمعاصي "حاولت الركوب على الحالة النفسية للمغاربة والخوف لتبرير فشلها الانتخابي. كما يعبر عن الصعوبة التي يواجهها الحزب أمام واقع الخروج من الحكومة، وعن غياب منهج راجح".
ولفت إلى أن موقع "العدالة والتنمية" في المعارضة يلزمه بطرح بدائل سياسية واجتماعية واضحة وقادرة على معالجة مشكلات أوسع، معتبرا أن بيان الأمانة العامة عبر عن "إفلاس سياسي وتوظيف الدين في قضية العدل الاجتماعي والخيار الديمقراطي وتحريك الخريطة الاجتماعية وتوازناتها". وأضاف: "كل ذلك يظهر فشل العدالة والتنمية في محاولة العودة إلى المشهد السياسي من خلال بنكيران، وفي إفراز جيل جديد قادر على تخليص عقلهم الجمعي من التناقضات والتعارضات والجمود والسلبية".