أكد سياسيون ومحامون تونسيون، اليوم الثلاثاء، أنّ قرار دائرة الاتّهام المختصّة بالنظر في قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف بتونس منع السفر عن عضو "جبهة الخلاص" شيماء عيسى والمحامي الأزهر العكرمي، ومنعهما من الظهور في الأماكن العامّة، بعد الإفراج عنهما في ما يُعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، هو قرار غير مسبوق، وغير قانوني، وفضفاض.
وفي هذا السياق، قالت عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامية دليلة مصدق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا القرار غير مسبوق، ولم يصدر أي قرار مماثل في تاريخ تونس"، واصفة إياه بأنه "غير قانوني وهو قرار سياسي".
وأكدت أنّ "هيئة الدفاع ستردّ رسمياً على هذا القرار ضمن مؤتمر صحافي، الخميس"، مبينة أن "لا تبرير له، كما أنه من الواضح أن السلطة تضيق بالمعارضين، ولا تريد ظهورهم للعموم لأن هذا يزعجها".
إقامة جبرية؟
بدوره، أكد الناشط السياسي محمد القوماني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذا القرار غير مسبوق، فعادة يكون هناك قرار بمنع السفر، وهو يتواتر لدى أغلب المشمولين بقضايا سياسية، رغم أنه يعطل حياة ومصالح هؤلاء، لأنه يطول زمنياً، وعادة ما تبقى الملفات مفتوحة لفترة طويلة، ولكن الغريب هو قرار منع الظهور في الأماكن العامة، فالمصطلح غير دقيق، وهو يشبه نوعاً ما الإقامة الجبرية".
واستطرد أن "الإقامة الجبرية تكون في فضاء ضيق، دون المنع من الظهور في الأماكن العامة، أي إنّ الشخص غير مشمول بالمنع من الظهور"، مشيراً إلى أن "هذه العبارة تشمل تقريباً كلّ شيء، الطريق، والحفلات، والتظاهرات الكبرى".
ولفت القوماني إلى أن "هذا يدل على تردد السلطة في التعاطي مع السياسيين، خاصة فيما سُمّي بقضية التآمر"، مبيناً أنّ "الجهات الرسمية والقضائية لم توضح بدقة سبب الاعتقالات السياسية، وما سُمّي بالمؤامرة، حيث كانت المصطلحات غامضة، ورغم المطالبة بتوضيحات وشنّ إضراب جوع من قادة جبهة الخلاص، لم يأتِ ردّ".
وأكد أن "السلطة تتجاهل الملف، وكما صرحت هيئة الدفاع سابقاً بأنه خاوٍ، ولا سند قانونياً له"، مضيفاً أنه "من الواضح أن السلطة محرجة، مع تزايد الضغط الداخلي والخارجي، وتنديد عدة منظمات بالاعتقالات، حيث وصفت منظمات حقوقية أن انتهاكات حقوق الإنسان غير مقبولة، وطالبت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين".
وتابع القوماني أن "الإفراج عن شيماء عيسى والمحامي الأزهر العكرمي خطوة متأخرة، لكنها أُرفقت بقرار منع الظهور، وكأن السلطة تضيق بالرأي المخالف، ولذلك تزيد من التضييقات، ويبرز ارتباكها أكثر وأكثر في الوقت الذي كان يجب مراجعة السياسات الخاطئة".
من جهته، رأى عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، بلقاسم حسن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذا القرار لو تم العمل به فعلاً، فهو قرار جائر، فقرار الإقامة الجبرية معمول به، ولكن الحرمان من التنقل والظهور هو انتهاك لحقوق الإنسان".
وأضاف أن "هذا القرار تضييق على الحقوق والحريات، وغير مقبول"، مبيناً أنه عوض بقاء عيسى والعكرمي في السجن، فإنه يتم سجنهما خارج السجن بطريقة ما"، معتبراً أن "السلطة تريد سجن المعارضين في بيوتهم".
أمّا الناطق الرسمي باسم "النهضة"، عماد الخميري، فأكد لـ"العربي الجديد"، أنّ "أغلب الإجراءات منذ 25 يوليو/ تموز 2021 لا تستقيم لا دستورياً، ولا قانونياً، ولا سياسياً"، مضيفاً أن "مثل هذا القرار غريب وغير مسبوق".
وكان الناطق الرسمي باسم محكمة الاستئناف بتونس الحبيب الترخاني، قد أكد، أمس الاثنين، أنّه إثر قرار دائرة الاتهام الصادر بتاريخ 13 يوليو الحالي، والقاضي بالإفراج عن متهمين اثنين في ما عُرف بقضية "التآمر على أمن الدولة الداخلي"، فقد تقدّمت الوكالة العامّة لمحكمة الاستئناف بتونس بطلب تحجير السفر عنهما ومنعهما من الظهور في الأماكن العامة. مبيناً، في تصريح لإذاعة "موزاييك" الخاصة، أنّ دائرة الاتهام أصدرت الجمعة قرارها بتحجير السفر عن المتهمين الاثنين، ومنعهما من الظهور.