المساعدات التي تم إسقاطها بواسطة الطيران لم تصل إلى شمالي القطاع
جزء كبير من المساعدات لأهالي غزة سقط في مياه البحر
الغزيون شمالاً يتجمعون يومياً في عدة مناطق بانتظار وصول المساعدات
في الوقت الذي تتزايد فيه الانتقادات للقاهرة، لاستمرار عجز الحكومة المصرية عن إدخال آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية والمكدسة عند معبر رفح، إلى قطاع غزة الذي يعاني سكانه من مجاعة، تم إسقاط مساعدات لأهالي غزة جواً في الأيام الماضية.
إسقاط المساعدات لأهالي غزة عبر طائرات مصرية
وأكد متحدث عسكري مصري، أمس الأربعاء، أن بلاده نفذت بالتعاون مع الأردن والإمارات وقطر وفرنسا، عملية "إسقاط أطنان من المساعدات لقطاع غزة باستخدام عدد من طائرات النقل العسكرية التابعة للقوات الجوية، شمالي القطاع، تضمنت كميات كبيرة من المواد الغذائية والاحتياجات الإنسانية العاجلة".
وأشار، في بيان، إلى أن "المساعدات المقدمة من مصر والأردن والإمارات وقطر وفرنسا، تضمنت كميات كبيرة من المواد الغذائية والاحتياجات الإنسانية العاجلة للتخفيف من آثار الأزمة الحادة الناجمة عن استمرار العمليات العسكرية بالقطاع".
وقال إن "ذلك يأتي بالتزامن مع استمرار فتح معبر رفح البري لدخول المساعدات إلى الأشقاء بقطاع غزة، والمساعي المصرية الجادة على كافة الأصعدة من أجل ضمان استمرار تدفقها بصورة كافية ومستدامة، والوصول إلى تسوية عادلة للأزمة الراهنة".
من جهته، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفالية خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، أمس، إنه "خلال 4 أشهر، قيل كلام كتير، وقلت الكلام قبل كده (قبل ذلك)... مصر أبداً أبداً لم تغلق معبر رفح". وأضاف السيسي: "عشان نعمل حاجة في أوضاع كده واقتتال، لازم نخلي بالنا مش يحصل مشكلة واحنا بنعمل الإجراء... خلال أيام بسيطة يا رب نصل إلى وقف إطلاق النار، ونبدأ إغاثة حقيقية لأهالي قطاع غزة".
وسبق ذلك إعلان الجيش الأردني، الاثنين الماضي، تنفيذ 4 إنزالات جوية لمساعدات إغاثية لصالح سكان غزة.
مصادر: سقط جزء كبير من المساعدات في البحر ما أدى إلى تلفها
وأفادت مصادر محلية ومؤسسات أن "المساعدات، التي تم إسقاطها بواسطة الطيران الحربي، لم تصل إلى الشمال، كما أن جزءاً كبيراً منها سقط في مياه البحر المتوسط، دون أن يصل إلى أيدي المواطنين".
ووفقاً لشهود عيان ومصادر محلية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن المساعدات لأهالي غزة "لم تصل إلى شمالي القطاع، حيث الاحتياج الأكبر لها، في ظل النقص الحاد في الغذاء والشراب والأدوية، مع تعمد الاحتلال الإسرائيلي منع وصولها للمواطنين الذين رفضوا أمر الإخلاء القسري من شمالي القطاع إلى جنوبه".
وأشاروا إلى أن "المساعدات الجوية، تم إسقاطها في عدة مناطق، أهمها غربي مدينة دير البلح وسط القطاع، وكذلك شمالي مدينة النصيرات، حيث توجد قوات الاحتلال في المنطقة منذ أسابيع".
سقوط جزء من المساعدات لأهالي غزة في البحر
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن قوات الاحتلال "أطلقت النار باتجاه المواطنين الذين ذهبوا إلى شمالي النصيرات للوصول إلى المساعدات، فلم يتمكن أي شخص من الوصول إليها، فيما سقط جزء كبير من المساعدات في مياه البحر المتوسط، ما أدى إلى تلفها. ورغم ذلك فقد خاطر مواطنون بالسباحة للوصول إليها، فيما تمزقت كميات من أكياس الطحين في سماء المنطقة الجنوبية فور إنزالها من الطائرات الحربية".
وأشارت المصادر إلى أن "المواطنين في شمالي قطاع غزة، يتجمعون يومياً في عدة مناطق، في انتظار وصول المساعدات، براً أو جواً، إلا أنهم يعودون فارغي الأيدي، لعدم وصول المساعدات جواً إليهم. كما أن التي تأتي بكميات قليلة عبر الحواجز الإسرائيلية، يتم إطلاق النار على من يقترب لاستلامها، ما يؤدي إلى ارتقاء شهداء ومصابين يومياً".
وأشارت مؤسسات إنسانية عاملة في غزة إلى أن الاحتياج تضاعف عدة مرات خلال الشهر الأخير، لا سيما في ظل تراجع ملموس في كمية المساعدات لأهالي غزة عبر معبري رفح وكرم أبو سالم، نتيجة مسيرات المستوطنين على بوابة معبر نتسانا (العوجا)، وكذلك قرب معبر كرم أبو سالم. وأدى هذا الأمر إلى توقف عمل المعبر لأكثر من 15 يوماً خلال الشهر الحالي، وانخفاض الكميات في بقية الأيام، بالتزامن مع القصف الإسرائيلي لقوات الشرطة بغزة، والتي كانت تؤمن وصول المساعدات إلى مراكز الإيواء، ما تسبب في حالة من الفوضى، ورفض المؤسسات الدولية تحريك شاحنات المساعدات داخل القطاع، حرصاً على المساعدات والطاقم العامل على توزيعها.
عمرو هاشم ربيع: الخطوة تأتي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
وفي السياق، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي سعيد صادق، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك انتقادات شعبية قوية متكررة على وسائل التواصل الاجتماعي، لتقاعس الدول عن تقديم الدعم المطلوب لأهل غزة".
وأضاف: "مع اقتراب شهر رمضان (يبدأ في الأسبوع الثاني من شهر مارس/آذار المقبل) واحتمال عقد اتفاق هدنة، تحاول تلك الأنظمة ترك انطباع إيجابي عن دورها، خاصة أن الرأي العام يتذكر آخر الأعمال وليس أولها أو منتصفها، ولذلك كان المطلوب أعمالاً علنية تظهر الدعم لأهل غزة، وهكذا جاء الإخراج ليتوافق الرد الرسمي مع الطلب الشعبي".
خطوة إسقاط المساعدات لأهالي غزة جاءت متأخرة جداً
من جهته قال نائب رئيس مركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، عمرو هاشم ربيع، لـ"العربي الجديد"، إن خطوة إسقاط المساعدات لأهالي غزة "تأتي رغبة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه. صحيح أنها متأخرة جداً، لكن أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي".
واعتبر أن "الخطوة متأخرة، لأن كم الأضرار البشرية المتعلقة بالشهداء، نتيجة القصف والمرض وحتى الجوع، كبير للغاية، وكم المساكن التي تم هدمها كبير للغاية، وكم الاحتياجات للأجهزة الطبية بعد الهجمات البربرية على المستشفيات ضخم جداً".
وأضاف ربيع أن "الأمر الملفت، هو المشاركة الإماراتية والأردنية، كما لو كانت تبدو كنوع من القلق من تنفيذ أمر بشكل فردي، وهذا ليس جيداً بحق مصر، لأنها يجب أن تعمل دون إذن".
واعتبر أن "مصر كان من المفترض أن تفتح الأنفاق بيديها وتدخل المساعدات لأهالي غزة دون إذن من أحد. فالأنفاق التي أغلقها (الرئيس الراحل حسني) مبارك، وأغلقت بعد 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران) نتيجة أمور معينة، كان يجب أن تفتح لإدخال المساعدات الإغاثية دون إذن من إسرائيل. مصر لا تستأذن محتلاً صهيونياً ولا مستوطناً. وإذا كان هناك قلق من أن ذلك يستفز الطرف الآخر، فالآخر جبان للغاية".