استعدادات إسرائيل لمواجهة "حماس": طائرات وتدريبات تحت الأرض

03 أكتوبر 2016
إسرائيل بنت قرية للتدريبات وتحتها نفق (مناحيم كهانا/فرانس برس)
+ الخط -
كشف تقريران صحافيان، نشرا في "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس"، الاستعدادات الإسرائيلية لمواجهة حركة "حماس" في حال أطلقت دولة الاحتلال عدواناً جديداً ضد المقاومة وفلسطينيي غزة، وهي استعدادات تبدأ، كما يشير التقرير في "يديعوت أحرونوت"، بنشاط وحدة مجندات من المدرعات في إدارة ومراقبة أجواء غزة، بواسطة سرب من الطائرات بلا طيار، تصل دقتها لغاية مراقبة ورصد تحركات الأفراد من قيادات وعناصر "حماس"، وتحديد مكانهم، وتختتم بالتدريبات الجديدة التي يقوم بها الجيش على القتال تحت الأرض وفق تقرير "هآرتس".

ففي تقرير مطول تحت عنوان "الاستعدادات تبدأ تحت الأرض"، يكشف المحلل العسكري، عاموس هرئيل، عن أن قائد القيادة الجنوبية في جيش الاحتلال، الجنرال أيال زمير، دشن الأسبوع الماضي نفقاً حفره جيش الاحتلال، تحت قاعدة تدريبات لواء "الناحال" في النقب، وهو نفق حفر تحت بلدة تحاكي في أزقتها ومبانيها بلدة فلسطينية، أو مخيماً في قطاع غزة. وظيفة هذا النفق الإسرائيلي هي توفير موقع ميداني للقتال تحت الأرض، داخل نفق هجومي لـ"حماس" في حال اندلاع مواجهة عسكرية، بحيث يتم نقل القتال إليه بدلاً من انتظار وصول عناصر "حماس" منه إلى الجانب الإسرائيلي من الحدود.

ويهدف التدرب على القتال في النفق إلى توفير فرصة للجنود لمحاكاة قتال حقيقي في الأنفاق، حيث تقل كمية الأوكسجين ويصعب التنفس، وسط قتال في ظلام دامس، وذلك بموازاة القتال فوق الأرض، والتدرب على سبل احتلال منطقة مأهولة بالسكان، وتملك شبكة من البنى التحتية تحت الأرض، وإن كان الجيش، بحسب هرئيل، يفضل عدم الوصول إلى حالة يطبق فيها هذا النوع من القتال فعلياً في ساعة الصفر. ويتحدث هرئيل، والذي أتاح له الجيش كما يفهم من التقرير فرصة التواجد خلال هذه التدريبات، عن الفجوة الكبيرة بين استعدادات الجيش الإسرائيلي، قبل عدوان "الجرف الصامد"، وبين الاستعدادات والتدريبات الحالية، بما يوحي باستخلاص العبر من الفشل والإخفاق الإسرائيلي في العدوان الأخير على غزة. ويقول هرئيل إنه تم بناء قرية للتدريبات، ومن الواضح أنها صممت بما يجمع بين طبيعة البلدات والقرى التي يتحصن فيها "حزب الله" في جنوب لبنان، وبين مزايا البناء في قطاع غزة، مع إضافة مواقع أو "مقر قيادة عمليات" فيه غرفة لقيادة وإطلاق الصواريخ الموجهة والصواريخ المضادة للدبابات.

ويأتي بناء القاعدة للتدريبات، التي تحاكي القتال في المناطق المبنية والمأهولة بشكل كبير، طبقاً لتعليمات رئيس أركان الجيش الحالي، الجنرال غادي أيزنكوت، كجزء من عبر الحرب الأخيرة على غزة، خاصة وأن أيزنكوت كان قد أعلن العام 2016 عام الحرب على الأنفاق الهجومية لحركة "حماس"، واعتبارها المهمة الأولى للجيش الإسرائيلي. ويتم التركيز في هذا المجهود، كما يقول هرئيل، على الجانب الدفاعي المتمثل في رصد وكشف الأنفاق الهجومية والسعي إلى هدمها. وكان جيش الإحتلال قد قام بعمليات هدم مكثفة على امتداد الحدود مع قطاع غزة، عندما نشر عشرات آليات الحفر الثقيلة، مع ترديد مقولة عن الوصول إلى حل تكنولوجي لتحديد موقع الأنفاق، حيث أعلن الجيش عن هدم نفقين هجوميين، وذلك بالتوازي مع إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية عن وضع خطة لبناء ساتر في باطن الأرض، يقوم على بناء جدار إسمنتي بعمق عشرات الأمتار، لاعتراض عمليات حفر الأنفاق، وحفر خنادق تغمرها المياه وراء هذا الساتر الإسمنتي، مع وضع دراسة حول كلفة هذا المشروع، قدرت بـ2.7 مليارَي دولار، يقول هرئيل إنه تم رصد مبلغ صغير منه. وكانت وزارة الأمن الإسرائيلية قد أعلنت مؤخراً أنها على وشك إعلان مناقصات تكون مفتوحة أمام شركات بناء دولية للمشاركة في هذا المشروع.



في المقابل، يقول هرئيل إن الجيش يعكف، إلى الجانب الدفاعي، على تطوير وتعديل خططه الهجومية، مع وضع خطط ميدانية مفصلة للقتال في مناطق ومناطق "مركبة" توجد فيها مناطق سكنية مأهولة، وتحتها شبكة أنفاق، وذلك من خلال دمج عدد أكبر من القوات الهندسية والآليات اللازمة للقتال في مثل هذه المواقع. وبحسب الجنرال زمير، فإنه في حال سعت "حماس" إلى استدراج الجنود الإسرائيليين إلى داخل هذه الأنفاق، وعلى عمق كبير، حيث يفقد جيش الإحتلال كل امتيازاته، فإن التعليمات تقضي في مثل هذه الحالة بتحويل هذه الأنفاق إلى مصيدة لعناصر "حماس" وتفجيرها بهم.

وفي مسار الحرب الجوية، أو الاستخباراتية الجوية، تبرز "يديعوت أحرونوت" دور وحدة المجندات من سلاح المدرعات اللاتي تعملن على تشغيل سرب من طائرات المراقبة والرصد بدون طيار، والمزودة بكاميرات متطورة قادرة على تحديد مكان قيادات وعناصر "حماس" على الأرض، تمهيداً لإرسال المعلومات والصور إلى سلاح الجو. وتحت عنوان "مدفعيات من السماء، عيونهن على حماس"، يكتب المراسل العسكري، يوآف زيتون، إنه بعد عام على دمج مجندات في وحدة "الطائرات الصغيرة بدون طيار"، تقوم المجندات من سلاح المدفعية، بمراقبة كل خطوة من خطوات كبار المسؤولين في "حماس"، وأصبح بالإمكان مشاهدة ثمار عملهن على الشاشات الموضوعة في مقار وغرف العمليات لأكثر جبهة هشة. وبحسب التقرير فإن نشاط جهاز المخابرات العامة (الشاباك) وشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) هو الذي كرس الهدوء في العامين الأخيرين منذ العدوان على غزة عام 2014، وهو نشاط "يقوم بالأساس على جمع المعلومات، وتحديث وزيادة عدد الأسماء في بنك الأهداف الإسرائيلي، استعداداً لساعة الصفر التي سيتم فيها قصف هذه الأهداف، جنباً إلى جنب مع الجهود الرامية إلى اكتشاف الأنفاق الجديدة وهدمها، والتي تم اعتبارها المهمة الأولى للجيش الإسرائيلي كما حددها رئيس الأركان الجنرال غادي أيزنكوت".

ووفقا لتقرير "يديعوت أحرونوت" فإن الجيش يستخدم عدة أطقم خاصة من المجندات في هذا النشاط، لجمع المعلومات الاستخبارية ومراقبة كل قطاع غزة، حيث تقوم المجندات، وبالاستعانة بطائرات بلا طيار مزودة بكاميرات وأجهزة تجسس متطورة، برسم خريطة جديدة يومياً، مع إضافة كل هدف جديد يتم رصده، "سواء كان موقعاً جديداً لحماس، أو ظهور مركبة جديدة في مكان ما، لا يفترض أن تكون فيه، أو حركة أشخاص من وإلى منازل لناشطين من حماس، أو لمباني الرصد والمراقبة التابعة لحماس، أو غرف قيادة العمليات، ويتم نقل كل المعلومات وتوجيهها إلى قائد مفرزة غزة البريغادير جنرال، يهودا فوكس". وتقوم مهمة هؤلاء المجندات على جمع المعلومات البصرية، من صور ومقاطع فيديو مصورة. وينقل المراسل عن هؤلاء المجندات قولهن "نحن نحضر تفصيلاً بعد آخر، من التفاصيل المكونة للأحجية الاستخباراتية، وكثيراً ما يبدأ عملنا مثلاً بمتابعة تحرك مركبة لأحد كبار قادة حماس، الذي يصل إلى السياج الحدودي، وعندها يتم إطلاق طائرة بدون طيار لمتابعة تحركاته لساعات طويلة، وأحياناً حتى وصوله إلى شاطئ البحر، أو إلى الشمال منه".

ويكشف التقرير عن أن الجيش يستعين على نحو واسع بطائرات صغيرة بدون طيار يطلق عليها اسم "راكب السماء"، ويتم استخدامها في الأعوام الأخيرة على مختلف الجبهات، من هضبة الجولان المحتلة شمالاً وحتى قطاع غزة في الجنوب. وقالت قائدة طاقم مجندات تفعيل الطائرات بدون طيار، أوفير أيال، إن المجندات، وبعد استدعائهن لتفعيل الطائرات الصغيرة بدون طيار، يقمن مثلا بمتابعة تحركات نشطاء "حماس"، ويمكنهن من خلال تحليل المعطيات التي ترسلها الطائرات تحديد مواقع اجتماعاتهم، وبالتالي إضافة هذا الموقع إلى "بنك الأهداف"، خاصة وأن بمقدورهن مشاهدة صور الموقع من خلال الشاشة الصغيرة التي تبث صوراً بشكل مباشر وبجودة عالية، فيما تقوم المجندة بتوجيه الطائرة من خلال مقود صغير "جوي ستيك". كما تراقب هذه الوحدة، بحسب أيال، تدريبات "حماس". أما قائد الوحدة العامة في الجيش، البريغادير ران إشكنازي، فقد قال، لـ"يديعوت أحرونوت"، إن الوحدة تشغل هذه الطائرات في كل مكان، وفوق أجواء غزة، ونابلس، كما في أجواء لبنان.