استشارات تأليف الحكومة اللبنانية الإثنين والثلاثاء وسط شكوك بـ"ولادتها"

24 يونيو 2022
نجيب ميقاتي ينال الثقة مجدداً بتشكيل الحكومة (حسين بيضون)
+ الخط -

أعلنت الأمانة العامة لمجلس النواب اللبناني أن استشارات تأليف الحكومة سيُجريها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الإثنين والثلاثاء المقبلين وفق جدول مواعيد محددة، وعلى مستوى الكتل البرلمانية والنواب المستقلين، في وقت تشكك أوساط سياسية متابعة في مدى قدرة ميقاتي على إتمام مهمته قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون أواخر أكتوبر/تشرين الأول القادم.

ونال ميقاتي في الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها عون أمس الخميس تصويت 54 نائباً، وهو أدنى رقم في مسيرة تكليفاته، القسم الأكبر منه منحه إياه الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل"، وحلفاؤهما ضمن فلك 8 آذار، وبعض أصوات النواب السُنة. وفي المقابل، عجز عن تأمين أصوات أكبر كتلتَيْن مسيحيتَيْن، هما "تكتل الجمهورية القوية" التي تمثل "حزب القوات اللبنانية" بقيادة سمير جعجع، و"تكتل لبنان القوي" برئاسة النائب جبران باسيل، صهر عون، إلى جانب "خسارته" الأصوات الدرزية.

وامتنع 64 نائباً عن التسمية، بينما حاز السفير السابق نواف سلام على 25 صوتاً، بدعمٍ أساسي من "الحزب التقدمي الاشتراكي" بقيادة وليد جنبلاط، و"الكتائب اللبنانية" بقيادة النائب سامي الجميل، و10 من النواب التغييريين و3 من المستقلين. وكانت حظوظ سلام مرتفعة وشكلت تهديداً لميقاتي الذي انتشرت أنباء قبيل الاستشارات بأنه قد يعتذر في حال تراجعت أسهمه، وهو سيناريو قضت عليه خطوة "القوات اللبنانية" بعدم التسمية وتشتّت قوى المعارضة رغم مشاوراتها المكثفة لتوحيد الموقف الحكومي.

وحصل رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري على صوتٍ واحدٍ، وروعة الحلاب على صوتٍ واحدٍ، في حين سجلت مقاطعة النائب أشرف ريفي لليوم الاستشاري.

ولوحِظ تبعاً للجدول الموزَّع من قبل الأمانة العامة لمجلس النواب، أن يوم الإثنين يشمل عقد لقاءات مع العدد الأكبر من الأحزاب السياسية، منها "كتلة التنمية والتحرير" (بقيادة نبيه بري تتألف من 15 نائباً)، و"كتلة الجمهورية القوية" (تتألف من 19 نائباً هي الأكبر برلمانياً)، و"كتلة الوفاء للمقاومة" (تمثل حزب الله ومؤلفة من 15 نائباً)، و"التكتل الوطني المستقل" (يضم 4 نواب ويرعاه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية)، و"كتلة نواب الكتائب"، و"كتلة اللقاء الديمقراطي"، عدا عن كتلٍ أخرى ومستقلّين والنواب التغييريين الـ13.

و"تُرِك" "تكتل لبنان القوي" ليوم الثلاثاء، مع "كتلة نواب الأرمن" المؤلفة من 3 نواب ومحسوبة عليه رغم أنها منحت أمس صوتها لميقاتي بعكس "التكتل" الذي لم يسمّ أحداً، كما تشمل الاستشارات عدداً من النواب المستقلين.

وكان لافتاً خروج النائب محمد يحيى من "لبنان القوي" والذي عمد أمس الخميس إلى تسمية ميقاتي وإعلان موقفه بشكل منفصل عن وفد التكتل، وبالتالي فقد أصبح فريق باسيل النيابي الذي يذهب إلى استشارات الثلاثاء مؤلفاً من 16 نائباً بدلاً من 17.

"تعقيدات" في تشكيل الحكومة

وعكس عملية التكليف التي سارت بسلاسة بلا مفاجآت مهمة تذكر، يتوقع أن يشهد تشكيل الحكومة تعقيدات كثيرة. ولا يمانع ميقاتي أن يكون رئيساً مكلفاً ورئيس حكومة تصريف أعمال في الوقت نفسه، وكان قد لمّح إلى ذلك في مواقف إعلامية أطلقها أمس الخميس، مشدداً على سعيه جاهداً إتمام عملية تأليف حكومة لا تكون من لون واحدٍ. وركز في تصريحاته بالدرجة الأولى على ضرورة استكمال الملفات التي تتابعها حكومته أساسا خصوصاً على مستوى التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

واعتبر الكاتب السياسي، جورج علم، في حديث مع "العربي الجديد" أنه "ليس هناك تشكيلٌ لحكومة جديدة، خصوصاً أن هناك ثغرة ميثاقية تتمثل في أن معظم الكتل المسيحية لم تسمّه كما لم ينل أصواتاً درزية، عدا عن الأصوات الخجولة جداً التي حصل عليها بشكل عام أي 54 من أصل 128، وهي ليست ثقة كبيرة بالرئيس المكلف".

أضاف قائلا: "هناك عناوين كبرى على الحكومة أن تعالجها لا تزال موضع خلاف سواء ما يتعلق بالإصلاحات أو التفاوض مع صندوق النقد الدولي أو ملفات أخرى أساسية منها ترسيم الحدود البحرية جنوباً وغيرها الفاقدة حتى الساعة للتوافق"، مشدداً "من هنا ستكون حكومة تصريف الأعمال سمة هذه المرحلة وسيكون الاستحقاق الأساس والداهم بدء البحث في التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية".

واستبعد علم سيناريو تأليف حكومة تضم الشخصيات الوزارية نفسها مع بعض التعديلات، معتبراً أن "المشكلة تكمن عندها في البيان الوزاري فهل سترضى الأطراف التغييرية والسيادية ببيان يتضمن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة؟ وهل يمكن إعادة تفعيلها من دون البحث بالبيان الوزاري؟". هذه المسألة تحديداً يرى علم أنها تحتاج إلى توافق ولا يعتبر أنها مطروحة.

وتوقف علم عند ما حمله اليوم الاستشاري من دلالات، التي قال إنها "تظهر أن الكتل التي رفعت شعارات السيادة خلال حملاتها الانتخابية لم تتوحد في ما بينها لتسمي رئيساً بديلاً عن ميقاتي، فكان التضعضع سائداً، إلى جانب وجود قطبة مخفية بين "القوات" وميقاتي لأن الحزب بعدم تسميته رجح كفته على سلام".

عون: مقاومة الاحتلال ليست بإرهاب

وبعيداً عن الملف الحكومي، عقد الرئيس اللبناني اليوم لقاء مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، جدّد خلاله "موقف لبنان من القضية الفلسطينية والمتمثل في تأكيد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس، وتكريس حق العودة إلى أرض فلسطين للاجئين الفلسطينيين"، معتبراً أن "مقاومة الاحتلال من قبل الشعب الفلسطيني ليست بإرهاب".

وقالت الرئاسة اللبنانية في بيان إن هنية "أطلع عون على آخر التطورات في فلسطين وما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس وغزة والضفة الغربية، لا سيما مشاريع الاستيطان التي تنفذ إضافة إلى التعرض الدائم لأماكن العبادة واقتحام المسجد الأقصى وغيرها من الممارسات العدوانية".

وأكد هنية "التضامن الكامل مع لبنان في مواجهة التحرش الإسرائيلي على الحدود البحرية اللبنانية - الفلسطينية، وليس اللبنانية - الإسرائيلية، في محاولة لسرقة الثروات الطبيعية للبنان، من الغاز أو النفط".

وأضاف قائلا: "وأكدنا أن الإسرائيلي مغتصب لفلسطين ولا يحق لهذا الاحتلال أن تمتد أذرعه إلى أي بلد عربي، ولا إلى لبنان وحقه الكامل في ثرواته الطبيعية ونفطه وغازه".

المساهمون