تستمرّ لليوم الثاني على التوالي أعمال الشغب والمواجهات بين قوات الأمن الباكستانية وأنصار جماعة دينية محظورة تسمّى جماعة "لبيك يا رسول الله" في مناطق مختلفة من باكستان، في وقت تواصل فيه الحركة زحفها نحو العاصمة من أجل الاعتصام المفتوح فيها إلى حين الوصول إلى أهدافها، التي من أبرزها إخراج السفير الفرنسي من باكستان، وإطلاق سراح زعيمها سعد رضوي.
في الوقت نفسه، أغلقت السلطات الباكستانية كلّ الطرق المؤدية إلى العاصمة إسلام أباد ومدينة راولبندي العسكرية، بالإضافة إلى الطرق المجاورة لها في مناطق أخرى من إقليم البنجاب، بعدما أعلنت حركة "لبيك يا رسول الله" توجه مسيرة أنصارها نحو العاصمة.
وأعلنت الحكومة الباكستانية توقف الدراسة في المدارس والجامعات في بعض المناطق، تحديداً تلك التي فيها نفوذ كبير للحركة، ومناطق فيها مخاوف من انضمام المتظاهرين إلى المسيرة الكبيرة التي تتوجه من لاهور إلى العاصمة. كما توقفت حركة المواصلات إلى حدّ كبير في معظم أرجاء مدينة راولبندي العسكرية والعاصمة إسلام أباد بسبب أعمال الشغب التي يقوم بها أنصار الحركة، بالإضافة إلى إجراءات السلطات، حيث نصبت الشرطة والقوات شبه العسكرية حواجز أمنية كثيرة من أجل التصدي لأي تحرك للحركة.
وكانت الحكومة الباكستانية قد أعلنت، أمس الأربعاء، نشر القوات الخاصة في جميع أرجاء إقليم البنجاب لمدة شهرين، بحيث تكون لديها صلاحيات استخدام القوة من أجل تفريق المتظاهرين والتصدي لهم، وذلك بعدما فشلت المفاوضات بين الحكومة والحركة.
من جهة ثانية، أعلنت الحكومة المحلية في إقليم البنجاب عن مقتل خمسة من عناصر الشرطة وإصابة أكثر من 200 آخرين بجروح إثر أعمال شغب وعنف قام بها أنصار حركة "لبيك يا رسول الله" المحظورة في مختلف مناطق إقليم البنجاب، وسط باكستان.
وقال رئيس الوزراء في الحكومة المحلية بإقليم البنجاب عثمان بزدار، في بيان، إنّ أعمال الشغب طاولت معظم أرجاء المدينة، مشدداً على أنّ قوات الأمن "تتعامل بحزم مع كل من يعبث بأمن البلاد"، مطالباً المتظاهرين باحترام القانون وبألا يعبثوا بأمن البلاد وممتلكات الناس.
وتحركت صباح اليوم المسيرة الكبرى لأنصار حركة "لبيك" من مدينة كامونكي بإقليم البنجاب، وتمكنت من الوصول إلى مدينة كوجرانواله، وهي تواصل السير نحو العاصمة إسلام أباد.
من جانبه، قال وزير الداخلية الباكستاني شيخ رشيد، في تصريح صحافي، إن السبب وراء فشل المفاوضات بين الطرفين هي الحركة نفسها، لأن لديها مطالب غير مقبولة، لافتاً إلى أنها تدعو لطرد السفير الفرنسي، في حين أنه غير موجود في إسلام أباد.
كما أكد شيخ رشيد أن الحكومة لن تسمح لأحد بأن يعبث بأمن البلاد، وأن القوات الخاصة في إقليم البنجاب تم نشرها بطلب من الحكومة المحلية في الإقليم، وستبقى موجودة فيه لمدة شهرين.
وكان وزير الإعلام فواد شودري قد أكد أمس، في حديث له مع وسائل إعلام محلية، أن الحكومة قررت أن تتعامل بجدية مع حركة "لبيك يا رسول الله"، وأنه يتم التعامل معها كحركة عسكرية معارضة، مشدداً على أن قرار التعامل مع الحركة كحركة عسكرية مناوئة جاء بعد المشاورات والتنسيق بين المؤسسة العسكرية والحكومة والاستخبارات.
أما عن استخدام القوة وما ادعته الحركة من قتل وجرح بعض أنصارها، قال الوزير إن الحكومة تتعامل مع المتظاهرين بكل هدوء ودون استخدام القوة، وما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي ليس إلا جزءاً من الحملة الإعلامية.
وكانت حركة "لبيك" قد أكدت في بيان، أن الحكومة لم تفِ بالوعود، وهي تستخدم قوة مفرطة في وجه المتظاهرين، وبالتالي فأنصارها مضطرون لمواصلة التظاهرات.
وحركة "لبيك يا رسول الله" جماعة دينية صوفية تأسست في عام 2011، دخلت في صراع مع الحكومة الباكستانية في عام 2017 لمطالبتها بإقالة وزير العدل في ذلك الحين زاهد حامد، وتمكنت من ذلك بعد اعتصام دام لأسابيع في العاصمة.
ولاحقاً، طلبت الحركة طرد السفير الفرنسي بسبب الإساءة للرسول، عليه السلام، ودخلت الحكومة الباكستانية عدة مرات في التفاوض معها ولكن المفاوضات لم تنجح. وكانت الحكومة قد قررت عرض القضية على البرلمان، وهو الأمر الذي لم تفعله حتى الآن.