احتجاجات السويداء تتواصل.. والنظام السوري يحاول إرهاب المتظاهرين

14 سبتمبر 2023
يتمسك المتظاهرون بالحراك السلمي لتحقيق الانتقال السياسي في البلاد (Getty)
+ الخط -

حلّقت طائرات حربية تابعة للنظام السوري على ارتفاعات متوسطة في سماء محافظة السويداء، جنوب البلاد، بعد ليلة شهدت إطلاق قذائف على مبنى فرع حزب "البعث" بالمدينة، في حدث غير مسبوق يعتقد نشطاء وصحافيون أن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام تقف وراءه، في محاولة لحرف المسار السلمي للحراك الثوري الذي تشهده المحافظة عن مساره.

وحلّقت طائرات حربية في سماء محافظة السويداء، صباح اليوم الخميس، في حدث وُصف بـ"النادر"، يُعتقد أنه يحمل رسائل ترهيب لأهالي هذه المحافظة الذين دخلت انتفاضتهم ضد النظام يومها الخامس والعشرين، وسط إصرار على استمرارها حتى تحقيق أهدافها في التغيير السياسي.

وتعرض محيط مبنى فرع حزب البعث في مدينة السويداء، مساء أمس الأربعاء، إلى قصف بقذيفتي "آر بي جي"، كما ألقيت قنبلة يدوية على منزل مسؤول سابق في هذا الحزب الذي يحكم البلاد منذ ستين عاماً.

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن الحدثين "أكدا سعي النظام إلى خلط الأوراق في المحافظة"، مضيفةً أن "النظام يريد دفع الحراك السلمي إلى مسارات أخرى تخدم أهدافه". 

وأشارت المصادر إلى أن "ما حدث كان متوقعاً"، إذ إن "النظام يبذل كل جهده لتشويه الحراك في السويداء". 

وأكدت مصادر محلية أن القذيفة الأولى أُطلقت من سيارة "لا توجد عادة إلا لدى الأجهزة الأمنية في المحافظة"، في إشارة إلى أن هذه الأجهزة تقف وراء الحادثة. ورأى الصحافي نورس عزيز، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "النظام يدفع باتجاه جر الشارع للاقتتال وأحداث أمنية تستوجب تدخل الجيش والمليشيات".

وجاء الحادثان بعد إطلاق النار على المحتجين من مقر حزب البعث، أمس الأربعاء، لتفريقهم، وهو ما أدى لاستياء عارم في عموم المحافظة التي تؤكد على سلمية حراكها، وترفض محاولات النظام جرّه إلى العسكرة لتُسهل محاصرته بالقوة.

ويهدّد النظام عبر أشخاص تابعين لأجهزته الأمنية أهالي السويداء بتفجير الأوضاع في المحافظة في حال استمرار الحراك السلمي، ملوّحين بورقة تنظيم "داعش" الذي تنتشر خلاياه في البادية السورية المتاخمة للسويداء من الجهة الشرقية. كما أرسل هؤلاء الأشخاص الناشطين على وسائل التواصل تهديدات مبطّنة باستهداف شيوخ العقل في المحافظة، وخلط الأوراق في محاولة لإيقاف المد الثوري الذي لم يتراجع زخمه على مدى نحو شهر.

الاحتجاجات تتواصل

واستمر توافد المحتجين إلى ساحة الكرامة في قلب مدينة السويداء، اليوم الخميس، مردّدين شعارات ضد النظام وحزبه، على غرار: "خاين.. خاين.. حزب البعث خاين".

وأصدرت "الانتفاضة الشعبية" في السويداء، اليوم الخميس، بياناً أكدت فيه استمرار التظاهرات "حتى تغيير النظام"، وأن "الانتقال السياسي ضرورة حيوية بمرجعية القرار الأممي 2254، وهو مقدمة لتغيير النظام"، مطالبةً بـ"تفعيل القرار الدولي 2218 الصادر عام 2013 والذي نص على تحويل مرتكبي الجرائم بحق الشعب السوري إلى محكمة الجنايات الدولية"، مؤكدةً على "التمسك بالهوية الوطنية السورية ورفض كل المشروعات الانفصالية". 

كما طالب البيان بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والكشف عن مصير المغيبين قسرياً، محملة النظام وحزبه وأجهزته "مسؤولية إراقة الدماء السورية منذ عام 2011"، مشيرةً إلى أن "الخدمات من كهرباء ومحروقات ومياه ليست هبة أو منّة (...) وأن هذا الأمر غير قابل للمساومة".

ويهدّد النظام محافظة السويداء محدودة الموارد بالحصار والحرمان من الخدمات في حال استمرار حراكها السلمي الذي كان قد بدأ احتجاجاً على سوء الأحوال المعيشية، إلا أنه سرعان ما تحول إلى حراك ثوري يطالب بالتغيير السياسي في البلاد. 

وفي السياق، رأى الناشط المدني سامر أبو دقة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن النظام "يحاول اليوم إعادة سيناريو عام 2011 من خلال استدراج المحتجين للمواجهة المسلحة"، مضيفاً أن "اللعبة الأمنية باتت مكشوفة وغير خافية على أحد".

وتتحضر السويداء لمظاهرات حاشدة، غداً الجمعة، لـ"التأكيد مرة أخرى على سلمية الحراك ومواجهة كل أساليب الترهيب التي ينتهجها النظام للقضاء على هذا الحراك"، وفق الناشط المدني هاني عزام في حديث مع "العربي الجديد"، الذي قال إنّ "قوة حراكنا في سلميته، وهو ما يربك النظام وأجهزته القمعية".

وقالت شبكات إخبارية محلية، اليوم الخميس، إنّ إطلاق النار على المحتجين "زادهم إصراراً على التمسك بالحراك السلمي لتحقيق الانتقال السياسي في البلاد". 

ودعا الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في سورية الشيخ حكمت الهجري، في كلمة له أمام المحتجين، إلى ضبط النفس عقب حادثة إطلاق النار، مؤكداً على سلمية الحراك الذي تشهده المحافظة.

المساهمون