احتجاجات إيران: ارتفاع عدد قتلى زاهدان وسط إضرابات وتجمعات جديدة

01 أكتوبر 2022
تستمر الاحتجاجات في إيران منذ 17 سبتمبر/أيلول الماضي (الأناضول)
+ الخط -

ما زالت إيران تعيش على وقع الاحتجاجات المستمرة منذ السابع عشر من الشهر الماضي على وفاة الشابة مهسا أميني، بعد احتجازها من قبل شرطة الأخلاق بتهمة عدم الالتزام بمعايير الحجاب. لكن الحادثة لم تكن إلا شرارة فجرت هذه الاحتجاجات، مدعومة بأسباب وعوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية متراكمة دعمت حتى اللحظة استمراريتها، على الرغم من تراجعها الكبير خلال الأسبوع الماضي.

وشهدت الاحتجاجات، أمس الجمعة، فصلاً عنيفاً في مدينة زاهدان، مركز محافظة سيستان وبلوشستان، بعد سقوط العشرات بين قتيل وجريح، من بينهم قيادات أمنية وعسكرية.

وأعلن الحرس الثوري الإيراني، اليوم السبت، أن نائب قائد استخبارات "سلمان" التابعة للحرس في محافظة سيستان وبلوشستان، العقيد حميد رضا هاشمي، وعضوين آخرين بالحرس و"الباسيج" التابع له، قد قتلوا خلال الاشتباكات مع "الإرهابيين" في مدينة زاهدان، أمس الجمعة.

وكان رئيس محافظة سيستان وبلوشستان حسين مدرس خياباني قد أعلن، الليلة الماضية، مقتل 19 شخصاً وإصابة 21 آخرين في المواجهات الدامية التي شهدتها مدينة زاهدان، لكن أنباء غير رسمية ومجموعات بلوتشية معارضة تتحدث عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصاً وإصابة العشرات، إلا أن السلطات لم تؤكد بعد هذه الأرقام. كما أن السلطات المحلية أعلنت تعطيل المدارس، اليوم السبت، في مدينة زاهدان، ودوام الجامعات في المدينة بشكل افتراضي.

الرواية الرسمية بشأن أحداث زاهدان تؤكد أن "مثيري الشغب" و"انفصاليين إرهابيين" هاجموا، بعد صلاة الجمعة، مركز الشرطة رقم 16 في زاهدان، وأرادوا السيطرة عليه، لكن "التدخل السريع لقوات الشرطة حال دون ذلك". كما أعلنت السلطات المحلية في المحافظة اعتقال عدد من المهاجمين، فنقل نادي "المراسلين الشباب" التابع للتلفزيون الإيراني، عن أحد المعتقلين ما قال إنه "اعترافه بأن ركاب سيارة بيجو وزّعوا السلاح بين عناصر شريرة" أمام مركز الشرطة.

إلا أن مكتب رجل الدين السني البارز، المولوي عبدالحميد إسماعيل زهي، الذي دعا في رسالة متلفزة سكان محافظة سيستان وبلوشستان إلى الهدوء وإجراء تحقيقات بشأن الحادث، قدم رواية في بيان صادر عن المكتب، تقول إن بعض الشباب أطلقوا بعد صلاة الجمعة هتافات وتوجه عدد قليل منهم نحو مركز الشرطة رقم 16، ورموا الحجارة باتجاهه، فردت عليهم قوات الشرطة بإطلاق النار، ما أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح.

واليوم السبت، ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية المحافظة نقلاً عن مراسلها أن "الهدوء عاد إلى مدينة زاهدان".

123

وراجت خلال الأيام الماضية أنباء عن اغتصاب شرطي فتاةً بمدينة تشابهار في المحافظة، وهو ما أثار موجة غضب، ومهاجمة مقار حكومية في المدينة.

ودعا رجل الدين السني المولوي عبد الحميد إسماعيل زهي، الخميس، السلطة القضائية إلى "البت الخاص والعاجل" بما يطرح عن اغتصاب شابة، مؤكداً ضرورة الشفافية وتنفيذ العدالة في هذا الخصوص.

كما نقلت وكالة "تسنيم"، اليوم السبت، عن حاكم مدينة سراوان بمحافظة سيستان وبلوشستان، سعيد تجليلي، قوله إن أحد قضاة المدينة نجا من عملية اغتيال فاشلة، مشيراً إلى أن مسلحين أطلقوا النار صوب السيارة التي كانت تقلّ القاضي مهدي فاني خليل آباد.

تجمعات وإضرابات

وتشير الأنباء غير الرسمية ومقاطع مصورة متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي إلى تجمعات احتجاجية وإضرابات طلابية وتجارية، في عدة مدن إيرانية، اليوم السبت. فحسب هذه المصادر، شهد وسط العاصمة طهران، اليوم تجمعاً احتجاجياً، بالإضافة إلى أنباء عن تجمعات مماثلة وإضرابات في عدة جامعات إيرانية.

ويرفع المحتجون هتافات "مرأة حياة حرية" وشعارات سياسية أخرى ضد السلطات، مع قيام محتجات بخلع حجابهن.

كذلك، ثمة فيديوهات لم يتسنَّ لـ"العربي الجديد" التأكد من صحتها، تظهر إضراب المحال التجارية في عدة مدن في محافظتي كردستان وأذربيجان الغربية غربي إيران، فضلاً عن تواجد مكثف لقوات الأمن والشرطة ومكافحة الشغب في هذه المدن ومحافظات إيرانية أخرى.

وتزامناً مع استمرار الاحتجاجات داخل إيران، خرجت اليوم السبت احتجاجات في عدة مدن في أنحاء العالم، بعد دعوات مكثفة خلال الأيام الماضية لتنظيم هذه التجمعات في 150 مدينة، وذلك للتضامن مع المحتجين في داخل إيران.

في الأثناء، تتداول مواقع التواصل عشرات المقاطع المصورة عن تجمعات احتجاجية في جامعات إيرانية وعدة نقاط بالعاصمة طهران ومدن أخرى. وجاءت التجمعات الطلابية في العديد من الجامعات في طهران ومحافظات أخرى، بعد بدء الدراسة الحضورية في هذه الجامعات بعد أسبوع من العام الدراسي الجديد. ومعظم الجامعات الإيرانية نظمت الدراسة افتراضياً خلال الأسبوع الماضي على خلفية الاحتجاجات في البلاد.

وقامت وسائل إعلام شبه رسمية بتغطية احتجاجات الطلاب الإيرانيين وإضراباتهم اليوم السبت، فذكرت وكالة "نور نيوز" الإيرانية أنّ الطلاب احتجوا على أداء الشرطة والتصدي للمحتجين، مشيرة إلى أنهم أطلقوا "هتافات حادة". 

وأضافت الوكالة أنّ تجمعاً آخر نُظم خارج الجامعة بالقرب من ساحة "انقلاب" (الثورة) وسط طهران، لافتة إلى أنّ قوات الشرطة تصدت للمحتجين واعتقلت بعضهم. وتظهر فيديوهات متداولة وقوع مواجهات بين الشرطة والمحتجين في نقاط أخرى وسط طهران. 

كما نشر موقع "كلمة" رسالة حول الاحتجاجات الأخيرة للزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي الذي يعيش في "إقامة جبرية" من 12 عاماً، بعد احتجاجات 2009 على نتائج الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها موسوي.

وطالب الأخير في رسالته القوات العسكرية الإيرانية بـ"الوقوف إلى جانب الشعب"، قائلاً إنّ الشابة مهسا أميني كانت "بنت إيران وبنت كردستان وبنت الإنسانية"، ومعتبراً أنّ وفاتها "منعطف في التاريخ". ووصف موسوي أوضاع إيران بأنها "حساسة ومحزنة". 

وبشأن مواجهات زاهدان أمس الجمعة، أصدر مجلس تأمين أمن محافظة سيستان وبلوشستان بياناً، أورد فيه أنه "في أعقاب الإجراءات التحريضية لمجموعات معارضة للثورة وأعداء النظام بهدف استغلال وتوظيف مشاعر الشباب وأحاسيسهم، تغلغل أمس الجمعة عدد من العناصر المتطرفين والمسلحين بين المصلين في مسجد مكي بزاهدان، وحرضوا المصلين على مهاجمة مركز الشرطة بجوار المسجد"، مشيراً إلى أن الحادث أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المهاجمين وإصابة عدد من قوات الشرطة. 

وأضاف البيان الذي نشرته كالة "إرنا" الإيرانية أنّ العميد حميد رضا هاشمي، رئيس استخبارات الحرس الثوري بمحافظة سيستان وبلودشستان، قتل خلال "تطهير المكان من الزعران والمخلين بالأمن بعد تعرضه لرصاص من مثيري الشغب"، مشيراً إلى إصابة عدد آخر من زملائه. 

وتوعد القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، بـ"الانتقام" لقتلى "جريمة الجمعة السوداء" في زاهدان، مؤكدا استمرار الحرس في "المواجهة المستمرة مع مؤامرات الاستكبار العالمي والإرهابيين العملاء من قبل الأجهزة الأمنية الأجنبية".

ونشرت حملة "نشطاء البلوتش" أسماء 42 شخصاً، قالت إنهم قتلوا خلال مواجهات أمس الجمعة مع الشرطة والأمن. وأفادت الحملة بأنّ بعض المصلين توجهوا بعد صلاة الجمعة نحو مركز الشرطة بناء على دعوة منتشرة في العالم الافتراضي، للاحتجاج على وفاة مهسا أميني والأنباء عن اغتصاب فتاة بلوتشية، مشيرة إلى أن المحتجين استهدفوا المركز بالحجارة وردت قوات الشرطة عليهم بإطلاق النار. لكن السلطات المحلية تقول إن "مسلحين انفصاليين" هاجموا مقر الشرطة، موجهة أصابع الاتهام إلى جماعة "جيش العدل" المسلحة المعارضة المصنفة في إيران "منظمة إرهابية".

وتعقيباً على الاحتجاجات، أصدرت وزارة الاستخبارات الإيرانية، مساء الجمعة، بياناً مطولاً في 10 بنود، متحدثة عن "مؤامرة" ضد الجمهورية الإسلامية، ورصدها دوراً لدول أجنبية ومنظمة "مجاهدي خلق" المعارضة المستقرة في ألبانيا، و"مجموعات معارضة وعملية للاستعمار وعناصرها العمليين في الداخل"، على حد تعبيرها.

وأضافت أنها اعتقلت "9 رعايا من ألمانيا وبولندا وإيطاليا وفرنسا وهولندا والسويد ودول أخرى خلال وجودهم في ساحة الشغب أو وراء كواليس المؤامرة"، فضلاً عن اعتقال 5 من أعضاء مجموعات، قالت إنها "تكفيرية وإرهابية، مع ضبط 36 كيلوغراماً من المتفجرات"، وسط حديث عن إحباط خطة لهؤلاء المعتقلين لـ"اغتيال أحد كبار المسؤولين، وخطط تفخيخ إحدى هيئات العزاء (الدينية) في شيراز وساحة الشهداء في مشهد"، بالإضافة إلى "إفشال عمليتي تخريب بطائرتي ركاب"، حسب ما ورد في بيان الوزارة.

المساهمون