على الرغم من سقوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السباق الانتخابي لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن، إلا أنّ التحركات الرامية لإتمام اتفاق تطبيع العلاقات بين الاحتلال الإسرائيلي والسودان ما زالت جارية، من أجل الإعلان الرسمي عنها خلال وقت قصير.
وكشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، عن عقد لقاء مرتقب على مستوى عسكري، سيضم مسؤولين أمنيين وعسكريين من مصر والسودان وإسرائيل، بناءً على طلب مصري. وأكدت المصادر أنّ اللقاء المزمع عقده خلال أيام قليلة، يأتي بعد تنسيق بين القاهرة والخرطوم، إذ طالب المسؤولون في مصر بضرورة التنسيق ووضع الخطوط الفاصلة المتعلقة بالعلاقات بين البلدان الثلاثة، وذلك في ظلّ قلق مصر المتنامي بشأن مصالحها مع السودان، والقضايا ذات الطابع الخاص مثل أزمة سدّ النهضة، والأمن في منطقة البحر الأحمر، والنزاع الحدودي بين القاهرة والخرطوم حول حلايب وشلاتين.
وبحسب المصادر، فإنّ الاجتماع المرتقب الذي من المقرر أن يشارك فيه من مصر مسؤولون بجهاز المخابرات العامة، إضافة إلى مساعد وزير الدفاع للشؤون الخارجية، وقائد المنطقة الجنوبية، سيتقدمه بحث ملفات مكافحة الإرهاب ذات الأبعاد المشتركة بين الأطراف الثلاثة، مشيرةً إلى أنّ هناك مطالب إسرائيلية بوقف الدعم المقدم من السودان للفصائل الفلسطينية المسلحة وفي مقدمتها حركة "حماس"، التي كانت تتمتع بعلاقات متميزة وقوية للغاية مع النظام السوداني السابق بقيادة عمر البشير.
التنسيق حول الأمن في منطقة البحر الأحمر، سيحظى بجانب كبير من المباحثات
ولفتت المصادر إلى أنّ التنسيق حول الأمن في منطقة البحر الأحمر، سيحظى بجانب كبير من المباحثات بين الأطراف الثلاثة، وذلك ضمن الخطط المصرية الرامية للتضييق على التواجد التركي أيضاً في تلك المنطقة؛ فهناك تواجد تركي كبير في الصومال، فضلاً عن اتفاقية تطوير جزيرة سواكن السودانية التي وقعتها أنقرة مع نظام البشير الذي أطاحت به الثورة.
وبحسب المصادر، فإنّ اتفاق التطبيع السوداني الإسرائيلي، سيغيّر طبيعة المنطقة بالكامل، وسيخلق تحديات أمنية وعسكرية جديدة يجب الترتيب المسبق لها، ليس بين تل أبيب والخرطوم فقط، ولكن بين القوى الأفريقية الفاعلة.
يأتي ذلك في الوقت الذي من المنتظر أن يصل فيه وفد رسمي إسرائيلي الأحد المقبل إلى السودان، في إطار ترسيخ عملية تطبيع العلاقات بين الطرفين. وبحسب هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، فإنّ هذه الزيارة ستكون الأولى منذ أن أعلن ترامب الشهر الماضي، التوصل إلى اتفاق حول تطبيع العلاقات الإسرائيلية - السودانية. وقال المصدر الذي تحدث لـ"الهيئة"، إنّ الوفد سيضم موظفين في مجالات مهنية معينة ولن يكون سياسياً، موضحاً أنّ "عدد الأعضاء فيه سيكون أقل مما كان في الوفد الذي زار الإمارات في شهر سبتمبر/أيلول الماضي". ومن المتوقع أن يشمل الوفد الإسرائيلي مسؤولين من مجلس الأمن القومي، ومن وزارة الخارجية.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد طلبت من السودان السماح لشركات طيران إسرائيلية باستخدام مجاله الجوي بشكل منتظم عقب الإعلان عن تطبيع العلاقات بين الطرفين. ومن المقرر أن تعبر في الأيام المقبلة رحلتان جويتان إسرائيليتان للمرة الأولى أجواء السودان إلى كمبالا عاصمة أوغندا وبنوم بنه عاصمة كمبوديا. وكانت عبرت طائرة تجارية إسرائيلية تابعة لشركة "العال" الأجواء السودانية الأحد الماضي، منطلقة من مطار بن غوريون إلى مدينة عنتيبي الأوغندية، وهي فارغة، لتقل وفد من 153 أوغندياً لتدريبهم على أساليب الزراعة الحديثة في إسرائيل.
وأعلن البيت الأبيض في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أنّ ترامب وقّع مرسوماً برفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وأنّ الخرطوم وتل أبيب اتفقتا بوساطة أميركية على تطبيع العلاقات بينهما. ووصف بيان مشترك أميركي - سوداني - إسرائيلي، اتفاق التطبيع بين السودان وإسرائيل بـ"التاريخي".
وفد رسمي إسرائيلي يصل الأحد المقبل إلى السودان
وكانت مصادر دبلوماسية مصرية وخليجية قد قالت لـ"العربي الجديد" في أغسطس/آب الماضي إنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يبذل جهوداً للإسراع بإدخال السودان دائرة الدول العربية المطبعة، كجزء من التخطيط الأميركي الجديد للمنطقة، عبر إغراء الخرطوم بانهمار المساعدات المالية واللوجستية عليها من الولايات المتحدة وأوروبا ودول خليجية. وأعلن المتحدث السابق باسم الخارجية السودانية، حيدر بدوي، تأييد حكومة بلاده للتطبيع، الأمر الذي تلقفه مباشرة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالترحيب، قبل أن تعود الخارجية السودانية عبر وزيرها عمر قمر الدين لنفي التصريحات السابقة، ثمّ تعلن إقالة المتحدث الرسمي، الذي يبدو أنه قد تحدث بما ليس مصرحاً بنشره، خصوصاً مع إشارته لوجود اتصالات بالفعل بين الجانبين.
ولاحقاً، قالت مصادر مصرية أخرى إنّ إقامة علاقات طبيعية، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي بين السودان ودولة الاحتلال، ستكون حجر زاوية لتأسيس سوق كبيرة للطاقة في منطقة البحر الأحمر، بشراكة مع مصر والسعودية، وذلك من خلال الاستفادة من خبرات الشركات القريبة من الدولة العبرية ورغبتها في دخول المنطقة والاستثمار في التنقيب عن النفط والغاز، وتكامل الجهود السودانية مع المشروعات المقترحة بين مصر والسعودية والاحتلال الإسرائيلي في مجال إنتاج وإسالة الغاز الطبيعي.