قال وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي إن "الاتصالات الأمنية والسياسية مستمرّة بشكل حثيث لتسليم المجرمين والمتورطين الذين تسبّبوا باندلاع جولة الاشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان"، لافتاً إلى أن لا معطيات أمنية حول إمكانية تطور الأمور وخروجها عن السيطرة إلى مخيمات أخرى".
وشدد مولوي لدى ترؤسه، اليوم الاثنين، اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي، على أن "الأجهزة الأمنية لن تسمح بانفلات المعارك إلى خارج حدود المخيم". وقال: "يجب وضع حدٍّ للتفلّت الأمني حفاظاً على سمعة الدولة والشرعية اللبنانية".
وأعرب مولوي عن رفض بلاده أي دعم للتنظيمات المسلحة والمتطرّفة الموجودة في الأراضي اللبنانية، قائلاً: "لن نترك مجالا لمن يريد تحويل لبنان وأمنه إلى صندوق بريد لتوجيه رسائل سياسية أو تبادل الرسائل الأمنية، ولن ننجرّ إلى أي مكانٍ آخر، وسنكون بوجه كل مسلّح على الأراضي اللبنانية، متطرّف ومتشدّد، يتسبّب بأي اشتباكات أو أذى للبنانيين والموجودين على أرضه، ويحصل على تمويل من جهات خارجية، ويؤثر على الأمن اللبناني".
وبحث الاجتماع اتخاذ القرارات المناسبة لضمان حفظ الأمن في البلاد، في ضوء التطورات الأمنية الأخيرة ولا سيما البيانات التحذيرية لعددٍ من السفارات.
وأشار مولوي إلى أن التحذيرات والدعوات بالمغادرة التي وجهتها دول خليجية لرعاياها في لبنان، هي إجراءات طبيعية تقوم بها السفارات لضمان أمن مواطنيها وحمايتهم، لافتاً إلى أن ما قامت به السعودية هو تأكيدٌ على قرارات سابقة مُتَّخذة، إذ تمنع الأخيرة دخول مواطنيها إلى لبنان.
وأكد مولوي للسفارات العربية والرعايا العرب "أننا نحافظ على أمنهم كما نحافظ على أمن اللبنانيين". وقال: "لا شكّ أن الدول العربية تحبّ لبنان وتعمل لمصلحته، وتشجّع قيامة البلد وسياحته"، مضيفاً "ليس صحيحاً ما يُحكى عن أن التدابير التي اتخذتها الدول العربية ستؤثر سلباً على السياحة في لبنان، فالموسم السياحي واعد وناشط وسليم ولا شيء يمكن أن يضربه ولبنان آمن".
ولفت مولوي إلى أن الهدوء يسود في مخيم عين الحلوة، و"المداخل مضبوطة أمنياً بشكل جيد جداً" لتجنّب أي جولة أخرى من الاشتباكات.
وقال إن المعالجات الأمنية والعسكرية مستمرّة كما الاتصالات السياسية، مشددا على أن "لا غطاء سياسيا لأي مجرم أو جماعة متشددة أو متطرفة".
وأضاف: "سنقوم بتوقيف مطلقي النار ومتابعتهم أمنياً أينما كانوا". وقال: "الأمن لا يكون بالتراضي بل بالعدالة والقضاء والمحاسبة وببسط سلطة الدولة ومحاسبة كل مجرم عن أي جريمة أمنية أو جنائية".
وعرّج وزير الداخلية اللبناني على الملف السياسي، مشدداً على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقتٍ "لإحداث نقلة نوعية في الحياة السياسية وذلك لمصلحة لبنان وبناء الدولة وتطبيق القانون". وقال إن هذا الأمر ينسحب على أداء مختلف الأجهزة الأمنية، والعسكرية، والإدارية والدبلوماسية.
وشدد على "أهمية تكامل الشرعية العربية والدولية مع الشرعية اللبنانية لنصل إلى بناء الدولة بالشكل الصحيح".
هدوء حذر في عين الحلوة
ويسود الهدوء الحذر مخيم عين الحلوة منذ ليل الأربعاء الماضي، مع تسجيل خروقات بسيطة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تشرف على تنفيذه لجنة هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وذلك بعد سلسلة اشتباكات مسلحة بدأت في 29 يوليو/تموز الماضي، وأسفرت عن سقوط 13 قتيلاً، وأكثر من 60 جريحاً، ونزوح مئات العائلات إضافة إلى أضرار جسيمة في الممتلكات والمنازل.
والتقى القيادي في حركة فتح، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عزام الأحمد، أمس الأحد، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في حضور المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي ورئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني باسل الحسن، وعدد من القيادات الفلسطينية في لبنان.
وبحث الأطراف الوضع في المخيم والإجراءات اللازمة لتثبيت وقف إطلاق النار.
وقال النائب عن صيدا (جنوب البلاد) عبد الرحمن البزري لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع في المخيم هادئ حالياً وهناك دعوات للناس للعودة إلى منازلهم الأمر الذي يثبّت الوضع السياسي، لا سيما بعد الاتصالات التي جرت على مدى أيام عدة سواء في صيدا بين القوى الصيداوية والفصائل الفلسطينية أو على المستوى المركزي الحكومي بين الرئيس ميقاتي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعزام الأحمد، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وغيرها من الجولات والمساعي".
وقال: "يجب أن تترجم هذه المساعي بإزالة المظاهر المسلحة وتثبيت وقف إطلاق النار لاستعادة الثقة ودفع العائلات التي نزحت للعودة"، مشيراً إلى أن "هناك لقاءات نعقدها مع قيادات فلسطينية في هذا الإطار لتثبيت هذه الخطوات كلها".
وأشار البزري إلى أن بيانات التنبيه الصادرة عن سفارات دول عربية خليجية، تدخل في سياق التحذيرات الروتينية "ولا أبعاد سياسية لها، ولا يجب تحميلها أكثر من ذلك"، مستبعداً أن تكون لغايات سياسية معينة، أو للضغط باتجاه انتخاب رئيس، أو لسحب اليد من الملف الرئاسي، خصوصاً أن قطر والسعودية، هما جزء من اللجنة الخماسية بشأن لبنان، التي تضم أيضاً الولايات المتحدة الأميركية، ومصر وفرنسا.
وتعليقاً على تصريح مولوي، اعتبر البزري أن من واجبات وزير الداخلية قول هذا الكلام، مضيفا: "نتمنى أن يكون بيده فعل ذلك، وبكل المناطق اللبنانية، ولكن قناعتي تبقى أن الدولة اللبنانية وربطاً بسياساتها، على مرّ السنين، عاجزة عن فرض الأمن بالمناطق، وموضوع السلاح بشكل عام غير مطروح على طاولة البحث الآن".