- الاتحاد يثير جدلاً ومخاوف من تحديات أمنية بسبب تشكيل مجموعات قتالية مثل "فرسان الهيثم" لمحاربة داعش، وتباين الآراء حول دوره في استقرار المناطق الصحراوية والأمن القومي.
- تقسيم الآراء بين مؤيدين يرون الاتحاد فصيلاً وطنيًا يدعم الجيش ضد المسلحين، ومنتقدين يشككون في جدوى وأهداف الاتحاد ويربطون بعض أعضائه بأنشطة مشبوهة.
في مطلع مايو/أيار الحالي، وفي مؤتمر عُقد بمنطقة العجراء، جنوبي مدينة رفح المصرية، أعلن عن تأسيس اتحاد القبائل العربية في مصر، بمشاركة 30 قبيلة سيناوية مصرية، وبرئاسة رجل الأعمال المقرب من النظام إبراهيم العرجاني. وكان هناك ما يسمى باتحاد قبائل سيناء، بقيادة الشيخ إبراهيم المنيعي، ولكن بعد انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب محمد مرسي، في عام 2013، اتهم المنيعي، قوات الجيش المصري بشن حرب إبادة ضد أهالي سيناء، مطالباً بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، ثم نزح بعد ذلك إلى قطاع غزة. وظهر بعد ذلك، مجلس اتحاد القبائل العربية عام 2013، وهدف المجلس في حينه إلى تجنيد الشباب السيناوي المدني للعمل في مجموعات أطلق عليها أهالي سيناء تسمية "البشمركة"، العاملة تحت قيادة القوات المسلحة بغرض مطاردة المسلحين في سيناء، وهو ما أكده رئيس مجلس شيوخ القبائل العربية، علي فريج، في تصريحات قال فيها إن القبائل في سيناء "أدت، ولا تزال، دوراً كبيراً إلى جنب القوات المسلحة المصرية لاسترداد سيناء".
وفي المؤتمر التأسيسي الأول بالعجراء، أعلن النائب والصحافي مصطفى بكري، المتحدث الرسمي باسم اتحاد القبائل العربية عن تدشين الاتحاد رسمياً، وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيكون رئيساً شرفياً له، كما تم الإعلان عن اختيار العرجاني رئيس اتحاد قبائل سيناء، رئيساً لاتحاد القبائل العربية وتم تغيير اسم قرية العجراء إلى مدينة السيسي. وأعلن بكري، عن "أهداف عامة كدمج القبائل تحت مظلة وطنية، وجعلها سنداً للدولة لدعم الأمن في المناطق الخاضعة للقبائل، ودعم التنمية، وتأسيس دولة فلسطينية". ومنذ تأسيس اتحاد القبائل العربية في سيناء احتدم الجدل وسط مخاوف من أن القبائل السيناوية المكونة لعصب هذا الاتحاد، مسلحة في معظمها، إذ تشكلت مجموعات قبلية قتالية تحت اسم "فرسان الهيثم"، بهدف محاربة تنظيم داعش في سيناء إلى جوار القوات المسلحة.
هشام قاسم: دعم أي تجمّع قبلي عبث بالأمن القومي
أغراض تأسيس اتحاد القبائل العربية
ورأى المحلل السياسي عمار علي حسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ما تفعله مؤسسات الدولة المصرية من دعم وإنشاء اتحاد القبائل العربية "ينسجم مع نهج تاريخي لها منذ مئات السنين، إذ دأبت على استمالة القبائل العربية رغبة في ضمان استقرار مساحات شاسعة من الصحاري المصرية، في ظل صعوبة تأمينها بالقوة لنظامية". وبحسب علي حسن فإن "الدولة المصرية وللمرة الأولى عملت على تجميع البدو في اتحاد واحد، حتى لو اقتصر الأمر على كونه جمعية أهلية لا علاقة لها بالسياسة، ففي هذا الصدد يبدو الأمر شديد الخطورة، لا سيما أن اتحاد القبائل العربية يمتلك نفوذاً اقتصادياً هائلاً وله أرض يقف عليها وسلطة قد تجعله يتبنى مطالب ونزوعاً نحو الاستقلال أو الابتعاد عن الدولة المصرية".
وتابع أن "الخطورة تزيد بوجود هذا الاتحاد على الحدود، فهو يستطيع التواصل مع بلدان أخرى، وبالقطع سينحو قريباً إلى السياسة سواء الموالية للسلطة كما نرى حالياً، أو ضدها في لحظة ما أو مرحلة ما بعد هذه السلطة". وأكد علي حسن أن "البلاد الآن أمام مشكلة في غاية الخطورة، خصوصاً أن السلطة المصرية تبدو شديدة البخل في ما يتعلق بالشفافية وتقديم المعلومات للرأي العام"، لافتاً إلى أن "ثمة درجة عالية من التعتيم على الصحافة والبرلمان المصري حالياً لا يسائل أحداً، والأغلبية الساحقة من المصريين لا تعرف ما طبيعة اتحاد القبائل العربية ولا أسباب تشكيله، وما إذا كان تجمعاً سياسياً أو جمعية أهلية خيرية، وهل فعلاً يساعد الجيش في حربه على الإرهاب، كما قال مصطفى بكري، أم أنها زلة لسان منه؟".
في السياق، اعتبر السياسي هشام قاسم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إسباغ الدعم الرسمي على أي تجمع قبلي مهما كان نوعه وتسليحه، يُعد عبثاً بالأمن القومي، وقد يفتح الباب أمام فوضى أمنية في المستقبل، بل هو ضرب لمفاهيم الدولة الحديثة في مقتل، كونه يخالف أبسط المبادئ التي تحصر السلاح في يد المؤسسات الرسمية للدولة". ومع ذلك، رأى قاسم أن "شح المعلومات المتاحة بخصوص اتحاد القبائل العربية ودوره، يجعل الحديث عن إمكانية تحوله لمليشيا على غرار قوات الدعم السريع في السودان أمراً شديد الصعوبة، خصوصاً أن الأخيرة كان الهدف الأساسي من تأسيسها هو إنشاء مليشيا تقاتل مع الجيش السوداني في دارفور، في حين لا يمتلك الأشخاص المدنيون في اتحاد القبائل العربية القدرات العسكرية والتدريب اللازمين لمواجهة جماعات تم تدريبها بشكل احترافي في أفغانستان وباكستان والبلقان". وقلّل قاسم في الوقت نفسه أهمية دور اتحاد القبائل العربية في استقرار سيناء أمنياً أو تنموياً، قائلاً: "بهذه التركيبة، لن يتجاوز دورهم العمل مرشدين للأجهزة الأمنية والعسكرية في تعقب جماعات العنف، لكنهم، وحتى الآن على الأقل، لن يكون لهم تأثير ذو قيمة في المشهد السياسي والأمني في مصر وسيناء".
حاتم صابر: لا خطورة من إمكانية مواجهة اتحاد القبائل العربية الدولة مستقبلاً
انتقادات للاتحاد الجديد
بدوره، انتقد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام، عمرو هاشم ربيع، دعم الدولة المصرية أو بعض مؤسساتها على الأقل لاتحاد القبائل العربية بعد تأسيسه. وشدّد ربيع في حديث لـ"العربي الجديد" على أن "هذا الاتحاد مكوّن من أشخاص سبق اتهامهم بالاتجار في المخدرات أو التورط في خطف ضباط شرطة، ناهيك عن حصولهم على مبالغ تفوق 5 آلاف دولار من كل شخص مقابل عبور المواطنين الفلسطينيين معبر رفح، وهو يقدم رسالة خاطئة حول كيفية إدارة المشهد في مصر، ويعكس أمراً شديد الخطورة على الساحتين السياسية والأمنية في مصر". وتابع ربيع: "كان الأولى لنشر ودعم الاستقرار والتنمية في مصر، دعم الكيانات الحزبية ومؤسسات المجتمع المدني"، متسائلاً عن "الثمن لدعم كيان سمعته ليست فوق الشبهات".
وأبدى مخاوفه من "تداعيات دعم الدولة لهذا الكيان في المستقبل البعيد". ولكن ربيع استبعد كذلك إمكانية تحول هذا الاتحاد لمليشيا على غرار "الدعم السريع" في السودان والتورط في مواجهة الدولة المصرية، مشيراً إلى أن هذا السيناريو "غير وارد بالمرة، وأن قرار دعم اتحاد كهذا وبهذه التركيبة أمر لا يثير الارتياح، بل يفتح الباب على مصراعيه حول تساؤلات عن أهداف هذا التشكيل وإسباغ الدعم الرسمي عليه". الانتقادات الموجهة لاتحاد القبائل العربية ولرئيسه إبراهيم العرجاني بإمكانية التحول لمليشيا أو تكرار سيناريو الدعم السريع في السودان، لا تجد قبولاً لدى شريحة من المصريين الذين ينظرون للاتحاد باعتباره "فصيلاً وطنياً" قدم الكثير من الدعم للجيش في حربه مع المسلحين.
ورأى المحاضر في الأكاديمية العسكرية، العقيد حاتم صابر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "لا خطورة مطلقاً من إمكانية تحول اتحاد القبائل العربية إلى مليشيا قد تواجه مؤسسات الدولة في المستقبل، على غرار الدعم السريع في السودان". وأشار إلى أن اتحاد القبائل العربية "غير مسلح وليست له أي إمكانات عسكرية، بل إن هناك رهاناً رسمياً على دوره في بسط الأمن والاستقرار والتنمية في شمال سيناء ودعم أجهزة الدولة". ولفت صابر إلى أن "اتحاد القبائل العربية أدى دوراً في دعم الجيش في الحرب على جماعات العنف، بما قدمه من تضحيات ومعلومات عن أماكن تمركز المسلحين وساحات مواجهتهم، وكانت خدماتهم للمؤسسات الأمنية جلية وواضحة، وأدوا دوراً في النجاح في اقتلاع العنف من سيناء وخفض عدد الهجمات المسلحة من 360 هجوماً يومياً إلى صفر". وأكد أن "الأمور الأمنية في سيناء تحت السيطرة، ولا يمكن السماح بأي تحدٍّ أمني بأي شكل من الأشكال، بل إن دور اتحاد القبائل العربية الأمني قد تم تجريبه وتدقيقه، ولا توجد أي احتمالات لأي عبث أمني من جانبه أو مواجهة مؤسسات الدولة الآن أو في المستقبل".