إيهود باراك: لا يوجد أمل في إقناع الولايات المتحدة باعتماد الخيار العسكري ضد إيران

05 ديسمبر 2021
إسرائيل تواصل الضغط على واشنطن (جاك غويز/ فرانس برس)
+ الخط -

قال رئيس الحكومة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك الذي كان شريكاً في السابق بحكومة بنيامين نتنياهو، ووزيراً للأمن بين عامي 2009 و2013، إنه لا يوجد اليوم أمل أو احتمال بأن تنجح إسرائيل في إقناع الولايات المتحدة باعتماد حل عسكري ضد إيران لردع برنامجها النووي في الفترة القريبة.

وأكد باراك، في مقال رأي نشرته اليوم صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن التقدم الذي حققته إيران في السنوات الأخيرة في مشروعها النووي، خصوصاً بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي تحت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وبفعل الضغوط الإسرائيلية، يؤكد حجم فشل سياسات نتنياهو.

وقال إن نتنياهو عطّل الاتفاق، لكنه بموازاة ذلك، وباستخدام خطاب استعلائي، لم يفعل شيئاً لبناء خيار عسكري حقيقي بالتعاون مع الولايات المتحدة، يمكن من خلاله تنفيذ ضربة "جراحية" عينية، قادرة على إعادة المشروع الإيراني للوراء.

وأقرّ باراك بصحة مقولة رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي نفتالي بينت، عن الهوة بين تصريحات نتنياهو وبين ما تم فعله على أرض الواقع، مشيراً إلى أن إيران وبفعل ذلك باتت على مسافة أشهر من الوصول إلى مكانة دولة على "العتبة النووية".

وأضاف باراك أن الوصول إلى بناء خيار عسكري إسرائيلي يحتاج على الأقل لعدة سنوات، على أن يتم ذلك بتعاون وثيق مع الولايات المتحدة، وتغيير السياسة الإسرائيلية بما يتلاءم والواقع الجديد، وهو إمكانية وصول إيران إلى حالة دولة على العتبة النووية.

وتابع باراك "يبدو أن الولايات المتحدة تستعد للتعامل مع إيران انطلاقاً من كونها دولة على العتبة النووية، بينما كانت إسرائيل تسعى لمنع إيران من تحقيق ذلك".

ودعا باراك إلى تغيير السياسة الإسرائيلية وفقاً لهذه التطورات، بعيداً عن التصريحات النارية والتهديدات فارغة المضمون، موضحاً أن تلك التصريحات قد تترك انطباعاً لدى بعض الإسرائيليين، لكنها لا تؤثر لا في الإيرانيين وسعيهم لتحقيق هدفهم ولا في الأطراف المشاركة في المفاوضات النووية مع إيران.

وخلافاً للدعاية الإسرائيلية، قال باراك إن وصول إيران إلى دولة على العتبة النووية لا يشكل تحدياً وجودياً بالنسبة لإسرائيل، ولكنه يضعها أمام واقع استراتيجي جديد، مشيراً إلى أنه يعتقد أن إيران لا تعتزم تجاوز مرحلة "العتبة النووية" كي يحافظوا على إنجازاتهم ولا يضطروا للاعتراف بأنهم يخرقون اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية.

"ليسوا حمقى"

وشدد باراك بشكل قاطع على أن إيران: "لا تسعى لتطوير قدراتها النووية من أجل إلقاء قنبلة نووية على إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي من جاراتها، تماماً مثلما لا تحتفظ كوريا الشمالية بقوتها النووية لضرب كوريا الجنوبية، أو اليابان أو الولايات المتحدة، وإنما لضمان بقاء نظام كيم جونغ أون".

وتابع قائلا "نظام آيات الله هو نظام متطرف ومتعصب لكنهم ليسوا حمقى. هم مثل كوريا الشمالية يريدون بقاء النظام والاحتفاظ بقدرته، لكنهم لا يريدون العودة للعصر الحجري. إذا وصلت إيران إلى دولة على العتبة النووية ستتمتع بمكانة إقليمية وعالمية أفضل وتكون محصنة أمام أي تدخل عسكري أجنبي لإسقاط النظام، أو تقييد نشاطه الإقليمي، وسيُنظر لها كدولة حققت توازناً استراتيجياً مع إسرائيل، وستعتبر دولة استطاعت تحدي العالم وفرض إرادتها".

ومع أن باراك يتبنّى الادعاءات الإسرائيلية بأن إيران معنية وترغب في رؤية زوال إسرائيل من العالم، وإضعافها تحت ضغوط مقاومة وجودها غير الطبيعي في المنطقة، إلا أنه أشار إلى أن: "إسرائيل لا تقف يتيمة أو عاجزة، ففي كل مقياس واضح للعيان نحن أقوى من إيران، أو من أي تحالف للخصوم. توجد لدينا فرص للتعاون مع جيراننا من الدول السنية، وكلما تصرفنا بحكمة سنحظى بدعم كافة الدول العظمى الأقوى في العالم".

وأضاف باراك: "منذ أكثر من خمسين عاماً تعتبر إسرائيل بنظر العالم دولة نووية عظمى، ووفقاً لتقارير ومصادر أجنبية فإنها تستعد منذ سنوات لإمكانية ظهور دولة نووية معادية في المنطقة بالرغم من كل جهودها لمنع ذلك".

انهيار نظام منع انتشار الأسلحة النووية

ومع إشارته إلى التغيير في وجهة السياسة الأميركية لجهة مواجهة التحدي الصيني الذي بدأ منذ إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، فإنه يصل إلى القول إنه من الصعب إقناع الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، كما يشكك أصلاً في وجود خيار أميركي إسرائيلي كهذا. "هذا الواقع يفرض على إسرائيل محاولة استخلاص أقصى ما يمكن من نتائج لصالحها عبر تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة لتحديد أهداف مشتركة للدولتين"، كما جاء في المقال.

ويخلص باراك إلى القول إن الخطر في وصول إيران إلى مكانة دولة على العتبة النووية لا يكمن في تهديد وجود إسرائيل واستهدفاها بقنبلة نووية، وإنما في انهيار نظام منع انتشار الأسلحة النووية.

وأضاف قائلاً "وصول إيران إلى هذه المكانة سيطلق سباق تسلح ورغبة دول مثل السعودية ومصر في تحقيق الشيء نفسه خلال عقد من الزمان، وكل نظام ديكتاتوري في العالم الثالث يرغب في الاحتفاظ بالحكم، أو حصول منظمة إرهابية على منشآت نووية مهما كانت بدائية وغير متطورة، وهو ما سيكون خطراً على أمن العالم ككل وليس فقط إسرائيل ويجب الاستعداد سياسياً لهذا الأمر منذ اليوم".

المساهمون