السباق الرئاسي الإيراني: المحافظون يهيمنون على قائمة الترشيحات وروحاني يطلب تدخل خامنئي
بينما كانت القوى السياسية والشارع الإيراني في انتظار الإعلان رسمياً عن قائمة المرشحين إلى السباق الرئاسي الـ13، والذين من المقرر أن يجتازوا "فلتر" مجلس صيانة الدستور المخول الإشراف على الانتخابات على ترشحهم، بعد المصادقة على أهليتهم، نشرت وكالة "فارس" الإيرانية، في وقت متأخر من ليل الإثنين - الثلاثاء، قائمة غير رسمية بهؤلاء المرشحين.
والقائمة تشمل سبعة مرشحين، في مقدمتهم رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، المرشح الرئيس للتيار المحافظ في البلاد، لكن المفاجأة أنه لم يكن من ضمن القائمة رئيس البرلمان السابق، المحافظ المعتدل علي لاريجاني، ونائب رئيس الجمهورية القيادي الإصلاحي البارز إسحاق جهانغيري، فضلاً عن الرئيس السابق المثير للجدل محمود أحمدي نجاد، غير أن رفض أهلية الأخير كان متوقعاً، لتصريحاته شديدة اللهجة ضد السياسات الداخلية والخارجية خلال السنوات الأخيرة، فضلاً عن أنه سبق أن رفضت أهليته أيضاً للسباق الرئاسي عام 2017.
وكشف المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني عباس علي كدخدائي، اليوم الثلاثاء، أن المجلس أرسل مساء أمس القائمة إلى وزارة الداخلية المخولة دستورياً بالإعلان عن المرشحين، وذلك على الرغم من نفي مستشار وزير الداخلية الإيرانية روح الله جمعه إي، مساء أمس، تلقي الوزارة أي قائمة.
وأكد المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور أنّ المجلس وافق على أهلية سبعة مرشحين لخوض السباق الرئاسي، من دون تسميتهم، وهو نفس العدد الذي تحدثت عنه وكالة "فارس". وبعد تلقي الداخلية الإيرانية القائمة، يفترض أن تعلن عن المرشحين خلال 48 ساعة، لكن على الأغلب القائمة لا تختلف عن تلك التي نشرتها "فارس" بشكل غير رسمي.
في غضون ذلك، كشف الصحافي المحافظ محمد مهاجري، قبل قليل، عن أن الرئيس الإيراني حسن روحاني وجّه رسالة للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، مطالباً إياه بالتدخل لإحداث تغييرات في القائمة المرسلة من قبل مجلس صيانة الدستور إلى الداخلية الإيرانية.
وأضاف مهاجر، وفقاً لموقع "خبر أونلاين"، أن روحاني أمر وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي بعدم نشر القائمة حالياً، كاشفاً عن تعرض الوزير "لضغوط سياسية شديدة" للإعلان عن القائمة.
وفي حال لم تشمل القائمة التي ستعلنها الداخلية الإيرانية أسماء لاريجاني وجهانغيري، فإن احتمال تدخل خامنئي لمطالبة مجلس صيانة الدستور بمراجعة ترشيحاته يبقى وارداً، حيث سبق أن فعل ذلك خلال دورات سابقة.
وإن استقر عدد المرشحين النهائيين على سبعة، بعد إعلان وزارة الداخلية غداً القائمة، فالسباق سيقتصر على المحافظين، إذ إن خمسة منهم من هذا التيار، والمرشح الإصلاحي الوحيد، محسن مهرعليزادة، لا يمثل وزناً كبيراً في الشارع الإصلاحي، كما أن محافظ البنك المركزي شخصية مستقلة لا يمكنها منافسة المرشحين المحافظين.
وسجّل 592 شخصاً ترشحهم في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، بينهم 40 امرأة.
ونشر المسؤول بدائرة لإعلام بمكتب المرشد الإيراني الأعلى، مهدي فضائي، اليوم الثلاثاء، تغريدة ملفتة للنظر على "تويتر"، تؤكد صحة قائمة "فارس"، إذ قال "الدكتور لاريجاني أمام اختبار سياسي إيماني صعب ومهم"، متمنياً أن يخرج منه "مرفوع الرأس"، حسب قوله.
والمرشحون السبعة، حسب وكالة "فارس"، هم رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام القائد العام السابق للحرس الثوري محسن رضائي، الإصلاحي محسن مهرعليزادة، مندوب المرشد الأعلى في مجلس الأمن القومي سعيد جليلي، البرلماني المحافظ السابق علي رضا زاكاني، محافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي، ونائب رئيس البرلمان المحافظ أمير حسين قاضي زاده هاشمي.
إلى ذلك، ذكرت قناة "إصلاحات برس" على منصة "تليغرام" أنّ علي لاريجاني أكد نبأ رفض أهليته من قبل مجلس صيانة الدستور، قائلاً إنه "قطعي ونهائي".
ونقل المصدر عن لاريجاني قوله إنه أكد قبوله برفض ترشحه وعدم اعتراضه عليه وعدم المطالبة بإعادة النظر فيه، مشيراً إلى أنه طلب من شقيقه آملي لاريجاني، العضو في مجلس صيانة الدستور، عدم التدخل لتغيير رأي المجلس.
بدوره، أكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، اليوم الثلاثاء، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي الافتراضي، تابعه "العربي الجديد" أنّ "المشاركة الأدنى بالانتخابات ليست لصالح أحد والشعب هو أول المتضررين ولن يربحها أي تيار سياسي"، قائلاً إن "المشاركة القصوى في هذه الدورة مطلوبة أكثر من أي وقت".
ودعا ربيعي جميع المؤسسات الناشطة في مجال الانتخابات، إلى "ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية في الظروف الراهنة للبلاد، من خلال التمهيد لمشاركة واسعة في الانتخابات".
فتور انتخابي
ولم يبقَ حتى إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية الـ13 إلا 24 يوماً، لكن عكس الدورات السابقة في هذا التوقيت، يخيم على المشهد الانتخابي فتور يعكسه المشهد الراهن حتى هذه اللحظة، وسط دعوات لعدم المشاركة في الانتخابات، سواء من المعارضة في الخارج أو أوساط داخلية، فالفتور هذا مدفوع بعدة تحديات وأزمات داخلية، في مقدمتها الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه المواطنون الإيرانيون منذ أكثر من ثلاث سنوات، على خلفية العقوبات الأميركية الشاملة على الاقتصاد الإيراني، وضعف أداء الحكومة الإيرانية، فضلاً عن امتعاض متراكم في الشارع نتيجة سوء الإدارة، ما قد يرفع منسوب العزوف عن المشاركة، بالمقارنة مع الدورات السابقة.
وبحسب آخر استطلاع للرأي، نشر نتائجه مركز "إيسبا" لقياس الأفكار، الأحد، أكد 70.03 في المائة من المستطلعة آراؤهم اطلاعهم على موعد الانتخابات الرئاسية يوم 18 الشهر المقبل، فيما 29.7 في المائة منهم لم يكونوا على علم بالموعد.
كما أفادت وكالة "فارس" الإيرانية المحافظة، اليوم الثلاثاء، بأن نتائج استطلاع للرأي تشير إلى أن نسبة المشاركة قبل الإعلان عن قائمة المرشحين وبدء الحملات الانتخابية بلغت 53 في المائة، حسب قولها، مشيرة إلى أن إبراهيم رئيسي حصل على أكثرية أصوات المستطلعة آراؤهم.
وفي ظل هذا الوضع، سيدخل المشهد الانتخابي الإيراني الذي بدأ رسمياً قبل نحو عشرة أيام بفتح أبواب الترشح، بعد الإعلان عن المرشحين، المرحلة الثانية من نشاطه، حيث سيطلق المرشحون حملاتهم الانتخابية التي ستستمرّ حتى السابع عشر من الشهر المقبل، لتدخل فيه البلاد فترة الصمت الانتخابي قبل يوم من إجراء الانتخابات.
وخلال الدورات السابقة، غالباً ما كان المشهد الانتخابي يسخن أكثر بعد الإعلان عن القائمة، وسيزداد سخونة مع المناظرات الانتخابية بين المرشحين، لكن في هذه الدورة، إن استقرّ المرشحون النهائيون على ما أعلنت "فارس"، فذلك من شأنه أن يتسبب بفتور أكبر في المشهد الانتخابي، إلا إذا أعقب انتشار القائمة جدل سياسي وتدخل المرشد الإيراني الأعلى لصالح إعادة النظر في الترشيحات، ما من شأنه أن يسخّن المشهد.
انسحابات لصالح رئيسي
ولم تكتمل خريطة التنافس في السباق الرئاسي الإيراني بعد، بانتظار الإعلان عن المرشحين النهائيين وثم التحالفات الانتخابية المحتملة، لكن المرشح الأوفر حظاً حتى هذه اللحظة هو إبراهيم رئيسي، الذي ثقلت كفة الانسحابات لصالحه خلال الأيام الماضية.
وآخر المنسحبين لصالحه كان مستشار المرشد الإيراني للصناعات العسكرية، المرشح حسين دهقان، الذي أعلن أمس الإثنين انسحابه، قائلاً: "سأوظف جميع قدراتي لخدمة النظام والثورة ومرشح جبهة الثورة، في مقدمتهم السيد إبراهيم رئيسي".
كذلك سبق أن أعلن كلّ من قائد قوات الباسيج السابق علي رضا أفشار، والوزير السابق مسعود زريبافان، والوزير السابق محمد عباسي انسحابهم لصالح رئيسي.
وأفادت وكالة أنباء التلفزيون الإيراني، اليوم الثلاثاء، بأن المرشح رستم قاسمي، مساعد قائد "فيلق القدس" للشؤون الاقتصادية ووزير النفط السابق، وجّه رسالة لمجلس صيانة الدستور، معلناً انسحابه لصالح "جبهة الثورة"، وهي المظلة الرئيسية للمحافظين، التي رشحت إبراهيم رئيسي.