- الضربات الإسرائيلية تقلص الوجود العسكري الإيراني في سورية، مع تسجيل انسحاب القوات الإيرانية من مقار في دمشق وجنوب البلاد، وتحول المهمة لحزب الله والمليشيات العراقية.
- القوات الأمريكية تجري تدريبات عسكرية وتستقدم تعزيزات إلى سورية، ما يعكس استمرار التوتر والتنافس العسكري في المنطقة، خصوصًا مع تجدد الاستهداف للقواعد الأمريكية شرقي البلاد.
سحبت إيران المزيد من مستشاريها العسكريين من سورية عقب الضربة الإسرائيلية الأخيرة لقنصليتها في دمشق، فيما حل مقاتلون من حزب الله اللبناني ومليشيات عراقية موالية لطهران مكان الإيرانيين، خاصة في الجنوب السوري. وذكر مصدر مقرّب من حزب الله اللبناني، لوكالة فرانس برس، أن القوات الإيرانية أخلت مواقعها في درعا والقنيطرة وريف دمشق جنوبي سورية خلال الأسابيع الماضية، وأنها أبقت في دمشق على مكتب تمثيلي فقط، يجرى عبره التواصل بين النظام السوري والحلفاء، في إشارة إلى الفصائل الموالية لإيران.
ولفت المصدر إلى أن الاجتماعات كانت تُعقد داخل القنصلية الإيرانية ظناً من منظِّميها أنهم في مأمن من الضربات الإسرائيلية، لكن غارة إسرائيلية استهدفت، مطلع إبريل/ نيسان الجاري، القنصلية الإيرانية في دمشق، ما أدى إلى مقتل 7 من "الحرس الثوري الإيراني"، بينهم قياديان، أحدهما العميد محمد رضا زاهدي، وهو أكبر مسؤول عسكري إيراني في سورية. وأوضح المصدر أن تقليص القوات الإيرانية بدأ بعد القصف الإسرائيلي على مبنى في حي المزة في دمشق يوم 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، والذي أسفر عن مقتل 5 مستشارين إيرانيين، بينهم مسؤول استخبارات الحرس الثوري في سورية ونائبه.
من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الإيرانية أخلت مقارَّ في دمشق وجنوب سورية، وصولاً إلى الحدود مع الجولان السوري المحتل، خشية استهدافها مجدداً، مشيراً إلى أن دفعة من المستشارين الإيرانيين غادرت سورية خلال شهر مارس/ آذار الفائت بسبب الضربات الإسرائيلية. وأضاف أن مقاتلين من حزب الله وعراقيين حلُّوا مكان القوات الإيرانية في تلك المناطق.
واعتبر المرصد أن استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق كان نقطة تحول كبيرة بالنسبة للحرس الثوري الايراني الذي سحب حوالي 8 من المستشارين، وأُوكلت المهمة لحزب الله اللبناني والمليشيات العراقية. كما ذكر المرصد أن روسيا أقامت في موازاة ذلك 14 نقطة مراقبة عند حدود الجولان السوري المحتل، وطلبت من إيران وحزب الله اللبناني عدم استهداف مناطق الجولان السوري من داخل الأراضي السورية، لافتا إلى وجود شكوك لدى بعض الضباط الإيرانيين بأن الضباط الروس وضباط النظام السوري يقدمون إحداثيات لإسرائيل عن تحرك المستشارين الإيرانيين في جنوب دمشق وفي شرق سورية ومناطق أخرى.
ووفق المرصد، ينتشر حوالي ثلاثة آلاف عنصر ومستشار عسكري من الحرس الثوري الإيراني في سورية، لكن طهران تتحدّث فقط عن مستشارين يعاونون قوات النظام السوري. وقال أحد المقيمين في دمشق، رافضا الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد"، إن "الحضور الإيراني في دمشق ومحيطها بات أقل ظهورا في الآونة الأخيرة، وبات الإيرانيون يتنقلون بحذر مع محاولة عدم لفت الأنظار أو الاختلاط بالسكان المحليين خشية وجود من يرصد حركتهم، ويتعرضون تاليا للاستهداف". لكنه أشار إلى أنه ما زال للإيرانيين وجود بارز في منطقة السيدة زينب جنوب شرقي دمشق، والتي تعتبر مزارا دينيا للطائفة الشيعية.
وكانت خمسة مصادر تحدثت لـ"رويترز"، مطلع فبراير/ شباط الماضي، عن سحب الحرس الثوري الإيراني كبار ضباطه من سورية بسبب سلسلة من الضربات الإسرائيلية، وتعزيز اعتماده على الفصائل الشيعية المتحالفة معه للمساعدة في الحفاظ على نفوذه من دون التورط في نزاع مباشر مع إسرائيل. وقال أحد المصادر للوكالة، وهو مسؤول أمني إقليمي كبير مطلع على شؤون طهران، إن "قادة إيرانيين كبارا غادروا سورية مع عشرات الضباط من الرتب المتوسطة"، واصفا ذلك بأنه تقليص لحجم الانتشار هناك.
ونقلت الوكالة عن ثلاثة من المصادر قولها إن الحرس الثوري تحدث عن "مخاوف مع السلطات السورية من أن تسريب معلومات من داخل قوات الأمن السورية لعب دورا في الضربات الإسرائيلية ضد المستشارين الإيرانيين". ودفعت إيران بقوات من حرسها الثوري ومستشارين إلى سورية لمساندة رئيس النظام السوري بشار الأسد ضد مقاتلي المعارضة، الذين سيطروا على مساحات كبيرة من البلاد في الصراع الذي بدأ عام 2011. وبعد سنوات من استعادة قوات النظام وحلفائه جزءا كبيرا من الأراضي السورية، لا تزال الجماعات المدعومة من إيران تعمل في مناطق واسعة، وخاصة في دمشق ومحيطها والجنوب السوري، إضافة إلى شرق البلاد على الحدود مع العراق.
تدريبات وتعزيزات أميركية شرقي سورية
وفي شرق سورية، ذكر مراسل "العربي الجديد" أن القوات الأميركية تجري، منذ صباح اليوم الأربعاء، تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية والطيران الحربي داخل قاعدة كونيكو للغاز بريف دير الزور الشمالي الشرقي، حيث تُسمع أصوات الانفجارات وعمليات إطلاق النار في البلدات المجاورة.
وكانت القوات الأميركية استقدمت، أمس الثلاثاء، تعزيزات عسكرية ولوجستية إلى الأراضي السورية عبر معبر الوليد بريف اليعربية شمال شرقي الحسكة. وذكرت شبكات محلية أن رتلا يتكون من 70 آلية، غالبيتها شاحنات وعربات محملة ومغطاة بإحكام، دخل من الأراضي العراقية واتجه إلى القاعدة العسكرية التي تسيطر عليها القوات الأميركية في خراب الجير بريف اليعربية، قبل أن تتوجه إلى مناطق وجود القوات الأميركية في أرياف الحسكة، وتحديداً الريف الجنوبي وريف دير الزور الشرقي.
ووصلت هذه التعزيزات العسكرية بعد يوم واحد من تجدد الاستهداف الذي يطاول القواعد الأميركية شرقي سورية، إذ تعرض مطار خراب الجير العسكري الذي تسيطر عليه القوات الأميركية لاستهداف بالقذائف الصاروخية والطائرات المسيرة، إضافة إلى هجوم آخر على قاعدة حقل العمر النفطي، وذلك بعد توقف تلك العمليات منذ مطلع فبراير/ شباط الماضي.