مع قرب عقد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي، يوم غد الأحد، وصل وفد يضم شخصيات دبلوماسية إيرانية، وقيادات من الحرس الثوري الإيراني إلى العاصمة العراقية بغداد، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين "التيار الصدري" و"الإطار التنسيقي"، لغرض تشكيل كتلة برلمانية كبرى تجمع الطرفين معاً.
ويمنح الدستور العراقي "الكتلة الكبرى"، الأكثر عدداً بمقاعد البرلمان، حق ترشيح شخصية لرئاسة الوزراء، يقوم بعدها رئيس الجمهورية بتكليفها تشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان خلال شهر للتصويت عليها.
وتتجه الأنظار في العراق إلى الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، المقرّر أن تنعقد غداً الأحد، لاختيار رئيس ونائبين لمجلس النواب، وسط خلافات سياسية بشأن الكتلة الكبرى.
وقالت مصادر سياسية عراقية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، إن "وفداً إيرانياً يضمّ شخصيات قيادية بارزة من الحرس الثوري، وكذلك شخصيات دبلوماسية، يجري حالياً زيارة إلى العاصمة بغداد لغرض تقريب وجهات النظر بين التيار والإطار في ما يخصّ الكتلة الكبرى، فضلاً عن مناقشة شكل الحكومة العراقية الجديدة".
وأضافت المصادر أن "الوفد الإيراني عقد لقاءات عديدة مع الأطراف المعنية بتشكيل الكتلة الكبرى، من أجل تقريب وجهات النظر بين الطرفين، والدفع نحو تشكيل كتلة كبرى بين التيار والإطار"، لافتة إلى أن "الوفد الإيراني يدفع باتجاه تشكيل حكومة توافقية تشارك فيها مختلف القوى السياسية دون تهميش أي طرف، وهذا ما يرفضه زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر". وتابعت المصادر أن "الوفد الإيراني يعمل حالياً من أجل عقد اجتماع يضمّ "التيار الصدري" وقيادات الإطار للوصول إلى اتفاق نهائي حول الكتلة الكبرى، وكذلك شكل الحكومة العراقية الجديدة".
من جانبه، قال القيادي في "الإطار التنسيقي" عائد الهلالي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "مهمة الوفد الإيراني هي تقريب وجهات النظر بين التيار والإطار، وليس فرض شيء عليهما إطلاقاً، ونتوقع أن ينجح الوفد بهذه المهمة، التي نجح فيها كثيراً خلال السنوات السابقة".
وبيّن الهلالي أنه "لغاية الآن، لا يوجد أي اتفاق حول تشكيل الكتلة الكبرى، وأن جلسة البرلمان الأولى يوم غد الأحد، لن تشهد اختيار رئيس البرلمان ونائبيه، وإنما ستكون مخصصة لأداء اليمين الدستورية للنواب الجدد فقط، وبعدها ستبقى الجلسة مفتوحة، إلى حين توصل القوى السياسية إلى اتفاق وتوافق حول الكتلة الكبرى وشكل الحكومة الجديدة". وأضاف أن "الحوارات مستمرّة حتى اللحظة بين كافة الأطراف السياسية، لكن التوصل إلى تفاهمات يحتاج إلى مزيد من الوقت، ولهذا نتوقع أن يكون هناك اتفاق نهائي على الكتلة الكبرى، وشكل الحكومة العراقية الجديدة بداية الأسبوع المقبل".
مرشحان لرئاسة البرلمان الجديد
وعلى الرغم من عدم اتضاح هوية التحالفات السياسية التي ستتولى مهمة اختيار الرئاسات الثلاث (البرلمان، الجمهورية، والحكومة) خلال المرحلة المقبلة، إلا أنّ مواقف وتصريحات وبيانات صدرت مساء أمس الجمعة، أشارت إلى وجود مرشحين اثنين سيتنافسان على رئاسة البرلمان، هما زعيم تحالف "تقدم"، رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، والقيادي في تحالف "العزم"، رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني.
وطرح نحو 20 نائباً في تحالف "العزم" مرشحاً لرئاسة البرلمان، هو محمود المشهداني، الذي سبق أن تولى منصب رئيس مجلس النواب عام 2006، قبل أن يستقيل في 2008 بسبب ضغوط سياسية.
وقال القيادي في تحالف "العزم" محمد نوري العبد ربه، في تصريح صحافي، إنّ قيادات التحالف اختارت المشهداني مرشحاً لرئاسة البرلمان، وذلك بعد اجتماع لقيادات التحالف عقد في بغداد، مساء الجمعة.
وفي السياق، أعلن عضو تحالف "العزم" خالد العبيدي، سحب ترشيحه لرئاسة البرلمان، من أجل فسح المجال للمشهداني، قائلاً، في بيان: "التزاماً بأخلاقيات العمل السياسي المسؤول نحو العراقيين، وتوحيداً لموقف تحالف "العزم"، أقدم شكري للتحالف على ترشيحي، وأعلن تنازلي عن الترشح لرئاسة البرلمان لصالح أخي الدكتور محمود المشهداني، لعلها تكون فاتحة عهد جديد، يسود فيه نكران الذات على الاستئثار بالمناصب والمصالح الشخصية".
يذكر أنّ نواب "العزم" أنهوا قبل يومين ائتلافهم مع تحالف "عزم" بزعامة خميس الخنجر، بعد ذهاب الأخير للتحالف مع الحلبوسي، ودعمه لتولي رئاسة ثانية للبرلمان.
إلى ذلك، قال رئيس حزب "الوطن" مشعان الجبوري، إنّ تحالفي "تقدم" برئاسة الحلبوسي، و"عزم" بزعامة الخنجر، اتفقا على المضي مجتمعين بقرار واحد نحو الجلسة الأولى للبرلمان، مؤكداً، خلال مقابلة متلفزة، أنّ التحالفين سيدعمان الحلبوسي لرئاسة مجلس النواب.
وأشار إلى أنّ دعم الحلبوسي لا يقتصر على تحالفي "تقدم" و"عزم"، موضحاً أنّ رئيس "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مسعود بارزاني، بعث له رسالة نصية أبلغه فيها دعمه للحلبوسي رئيساً للبرلمان الجديد.
ولفت الجبوري إلى وجود أغلبية برلمانية تتجاوز 180 نائباً (من أصل 329 العدد الكلي لأعضاء البرلمان) ستدعم الحلبوسي لرئاسة مجلس النواب.
ويستعد البرلمان العراقي الجديد لعقد جلسته الأولى بعد 3 أشهر على الانتخابات التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وقالت مصادر برلمانية، لـ "العربي الجديد"، إنّ الجلسة الأولى ستعقد في القاعة البرلمانية الكبرى عند الساعة الحادية عشرة صباحاً، موضحة أنّ جميع الإجراءات التي يتطلبها عقد الجلسة اكتملت، ولم يبقَ سوى حضور النواب لترديد القسم واستئناف عمل البرلمان.
ويترأس محمود المشهداني (74 عاماً) الجلسة الأولى للبرلمان، وفقاً للسياقات الدستورية التي تمنح أكبر الأعضاء سنّاً حق إدارة الجلسة الأولى التي يُختار خلالها رئيس لمجلس النواب لمدة أربع سنوات.