إيران تحضّ السعودية على تغيير سلوكها "غير الودي" حيالها وخامنئي يأمر بالتحقيق في أحداث سيستان بلوشستان

14 نوفمبر 2022
كنعاني: ملتزمون بالحوار مع الرياض والتفاهمات التي توصلنا إليها (Getty)
+ الخط -

حضّت إيران، اليوم الإثنين، السعودية على تغيير سلوكها "غير الودّي" حيالها، وسط مراوحة تشوب الحوار بين الخصمين الإقليميين وتلميح طهران إلى دور للرياض في الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ شهرين.

واتهم مسؤولون إيرانيون "أعداء" لإيران، تتقدمهم الولايات المتحدة، بالضلوع في الاحتجاجات، كما تحدّثوا عن دور سعودي خصوصاً عبر وسائل إعلام ناطقة بالفارسية خارج البلاد، تعتبرها طهران "معادية" وتتهمها بتلقي تمويل من الرياض.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، اليوم الاثنين: "لا نسعى لزيادة التوتر في المنطقة وملتزمون بالحوار مع الرياض والتفاهمات التي توصلنا إليها"، وذلك في رده خلال مؤتمر صحافي على سؤال بشأن حوار إيراني-سعودي بدأ برعاية بغداد العام الماضي، وأكد أن طهران "تعتبر أمن جيرانها من أمنها".

وكانت الرياض قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في مطلع عام 2016، في أعقاب تعرض بعثات دبلوماسية تابعة لها لاعتداء من محتجين على إعدامها رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر.

وانطلق الحوار بين إيران والسعودية في إبريل/نيسان 2021، في بغداد، بعدما تكللت جهود الحكومة العراقية بالنجاح لجمع الطرفين على طاولة واحدة، وعقد الطرفان إلى الآن خمس جولات، آخرها كانت في شهر إبريل الماضي.

وعلى رغم إعلان بغداد في يوليو/ تموز الماضي التحضير للقاء علني بين وزيري الخارجية الإيراني والعراقي، لم يتم إلى الآن تحديد موعد للقاء كهذا، أو الكشف علنا عن جولات حوار إضافية.

وقال مصدر مسؤول في الخارجية العراقية لـ"العربي الجديد" حينها، إنه "كان من المفترض أن تجري الجولة السادسة من الحوار الإيراني – السعودي في نهاية يوليو/تموز الماضي، وقد أكملت بغداد الاستعدادات كافة لعقد هذه الجولة، التي كان من المقرر أن تكون بمشاركة مسؤولين كبار من الدولتين".

وتابع "لكن التطورات السياسية في العراق وما تلاها من اقتحام المنطقة الخضراء من قبل أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دفعت إلى تأجيل انطلاق هذه الجولة".

وأوضح المصدر أن "تأجيل عقد الجولة السادسة جاء بطلب من طهران والرياض، وليس من قبل بغداد، فالطرفان أكدا أن الوضع السياسي في العراق غير جاهز لجولة حوار كهذه على مستوى وزاري".

ونفى كنعاني تقارير صحافية عن توقف الوساطة العراقية بين البلدين بعد تولي محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء خلفا للكاظمي في أكتوبر/ تشرين الأول.

وقال كنعاني إن إيران "ستحاول استنفاد الدبلوماسية من أجل تصحيح التصرفات غير الودية للمملكة العربية السعودية، وتأمل في أن يحضّر الطرف المقابل الأرضية لذلك أيضا".

واتهم واشنطن بالسعي إلى "تعكير الحوار البنّاء" بين طهران والرياض.

وكرر مسؤولون إيرانيون تصريحاتهم المنتقدة للرياض منذ بدء الاحتجاجات التي تقترب من إتمام شهرها الثاني.

خامنئي يأمر بفتح "تحقيق مسهب" في أحداث سيستان بلوشستان

وفي سياق ذي صلة بالاحتجاجات التي تشهدها إيران، أمر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بفتح "تحقيق مسهب" في أحداث سيستان بلوشستان بجنوب شرق إيران، وفق ما أفاد اليوم الإثنين رئيس وفد بعث به إلى المحافظة التي شهدت أعمال عنف في الأسابيع الماضية.

وعرفت المحافظة، وخصوصا مركزها مدينة زاهدان، توترات في الأسابيع الماضية، أتت في وقت تشهد فيه إيران منذ 16 سبتمبر، احتجاجات على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران، على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس.

وشهدت زاهدان أحداثا دامية في 30 سبتمبر راح ضحيتها عشرات بينهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني. ومنذ ذلك التاريخ، تسجّل مسيرات وتوترات أسبوعية بعد صلاة الجمعة في المحافظة الحدودية مع باكستان وأفغانستان، والتي تقطنها نسبة كبيرة من السّنّة.

وأفادت وسائل إعلام محلية الأحد أن وفدا مرسلا من مكتب المرشد الأعلى يتقدمه حجة الإسلام محمد جواد حاج علي أكبري، رئيس مجلس أئمة الجمعة في إيران، التقى شخصيات في زاهدان الأحد.

ومن أبرز من التقاهم الوفد، إمام الجمعة للسّنّة في زاهدان مولوي عبد الحميد الذي سبق أن حمّل "كل المسؤولين ومن يديرون شؤون البلاد" المسؤولية عما حصل في المدينة.

وأفادت وكالة "إرنا" الرسمية أن حاج علي أكبري أبلغ مولوي عبد الحميد أن خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا لإيران، "أمر بفتح تحقيق مسهب في الأحداث الأخيرة التي وقعت في هذه المحافظة والعمل على أساس الحقائق".

وأضاف "لن يتم التسامح مع الذين أساؤوا إلى الأمن القومي، وارتكبوا جرائم ويجب معاقبتهم ومحاكمتهم لأن أمن المجتمع هو الخط الأحمر لجميع الأنظمة وتحت أي ظرف من الظروف لن يسمح قائد الثورة بتضييع حق أحد".

وأكد أن خامنئي "يرى أن التحقيق يجب أن يكون مبنيا على معايير العدل والشريعة".

ونقلت "إرنا" عن حاج علي أكبري قوله إن "الأشخاص الأبرياء الذين تم التعرض إليهم سيتم اعتبارهم بمثابة شهداء".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون