أثار قرار مفوضية الانتخابات العراقية، الأسبوع الماضي، إلغاء عملية الاقتراع في الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي من المقرّر أن تجري في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل للعراقيين المقيمين في خارج البلاد، قلقاً لدى مكونات عراقية مختلفة، أبرزها الأقليات الدينية التي هاجر معظمها العراق بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، وخصوصاً العراقيين المسيحيين، الذين عدّوه قراراً يصادر حقوق الأقليات والمهجرين منهم، ملوّحين باللجوء إلى القانون للطعن فيه.
وبرّرت المفوضية قرارها الذي اتخذته الثلاثاء الماضي، بأن هناك أسباباً فنية وقانونية وصحية تتعلق بفيروس كورونا، تحول دون إمكانية إجراء عملية الاقتراع، ما دفع إلى إلغائها.
ويقدَّر عدد العراقيين الذين يقيمون خارج العراق بنحو 5 ملايين عراقي، يتوزعون على أكثر من 30 دولة مختلفة.
وأبدى رئيس كتلة الرافدين البرلمانية، النائب عن المكوّن المسيحي، يونادم كنّا، اعتراضاً شديداً إزاء القرار، معتبراً أنه "خطير يصادر حقوق المهجرين"، ويجب إعادة النظر فيه. وقال لـ"العربي الجديد"، إن "القرار كان صادماً وإنه لا يحدّ من التزوير، إذ إن التزوير الذي شهدته انتخابات 2018 كان في دول الجوار ولم يكن في ألمانيا ولا في كندا ولا أستراليا"، مبيناً أن "المتضرر من القرار هو المكونات التي هُجِّرت من العراق، وهذا القرار هو طلقة الرحمة لآخر حق من حقوقهم الدستورية".
وأكد أن "العراقيين في الدول المجاورة لن يتضرروا من القرار، إذ بإمكانهم الحضور إلى البلاد والإدلاء بأصواتهم، لكن المهجرين إلى الدول الأوروبية وفي أميركا وأستراليا لا يمكنهم تحمّل التكاليف من أجل الحضور إلى العراق للتصويت". وأضاف: "من المؤسف جداً اتخاذ هذا القرار، وعلى المفوضية أن تراجعه، وأن تعلم أن التزوير حصل في إيران والأردن وسورية ولبنان وليس في دول المهجر بالغرب، وأن الفساد مورس من قبل المفوضية نفسها، إذ أرسلت المئات من كوادرها إلى الخارج بحجة المراقبة، لكنها في الحقيقة لتحقيق الكسب المادي"، مشدداً على أنّ "من الممكن معالجة الأخطاء التي ارتُكبت سابقاً في انتخابات الخارج، لكن بطرق كثيرة، وليس بغمط حق العراقيين بحجج مختلفة، وهي حجج واهية".
يقدَّر عدد العراقيين الذين يقيمون خارج العراق بنحو 5 ملايين عراقي، يتوزعون على أكثر من 30 دولة مختلفة
وأشار إلى أنه "سيكون لنا حراك مع المفوضية ومن ثم الجهات الأخرى لمنع القرار، وسنوضح للمفوضية والجهات الأخرى النتائج الخطيرة المترتبة عنه، التي ستحرم الكثير من العراقيين حق التصويت، وسنوضح لهم ما حصل في الانتخابات الماضية التي شهدت تزويراً في ثلاثة مواقع كبيرة، وهي التصويت الخاص، والنازحون، ودول الجوار"، مشدداً على أنه "في حال عدم الاستجابة سيكون لنا حراك للطعن القانوني في القرار".
واعترض رئيس كتلة "عراقيون" عمار الحكيم، أيضاً على القرار، داعياً المفوضية إلى مراجعته، وقال في تغريدة له: "حرصاً منا على ضمان عملية انتخابية سليمة ومنصفة يشارك فيها جميع أبناء الوطن في داخله وخارجه بانسيابية عالية، فإننا نتوسم بمفوضية الانتخابات أن تعيد النظر بقرار إلغاء انتخابات الخارج، من خلال إيجاد آلية مناسبة لذلك، بوصفهم إضافة نوعية ولشدهم إلى بلدهم بقطع النظر عن عدد المشاركين".
حرصا منا على ضمان عملية انتخابية سليمة ومنصفة يشارك فيها جميع ابناء الوطن في داخله وخارجه بانسيابية عالية، فإننا نتوسم بمفوضية الانتخابات أن تعيد النظر بقرار إلغاء انتخابات الخارج من خلال إيجاد آلية مناسبة لذلك بوصفهم إضافة نوعية ولشدهم إلى بلدهم بقطع النظر عن عدد المشاركين.
— Ammar Al-Hakim | عمار الحكيم (@Ammar_Alhakeem) March 25, 2021
وانتقد النائب عن كتلة "الحل" محمد الكربولي، القرار، وعدّه غير صحيح، واقترح في تصريح متلفز، أن "تعمل المفوضية على معالجة مشاكل انتخابات الخارج، لا إلغائها"، معتبراً أن "الحجج التي ساقتها المفوضية لإلغاء اقتراع الخارج غير مقنعة، وعليها أن تراجع قرارها".
من جهته، رأى الخبير في الشأن السياسي العراقي عدنان الفراجي، أن "القرار سيصادر حقوق الأقليات تحديداً، ولا سيما أن مقاعدها قليلة في البرلمان، وأن أغلب أصواتها في دول المهجر"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنه "يتحتم على المفوضية أن تعيد النظر بالقرار، وأن يكون هناك إلغاء لمراكز اقتراع معينة بعدد من الدول، والتي تم تأشير تزوير فيها، وهي مراكز معروفة بالنسبة إلى المفوضية".
وشدد على أن "إلغاء اقتراع الخارج بشكل شامل سيؤثر بمهنية الانتخابات، وهو قرار مخالف لنص الدستور أساساً".
يشار إلى أن قوى سياسية عراقية تشكك في إمكانية إجراء انتخابات برلمانية في موعدها المقرّر، بسبب وجود أزمات مالية وأمنية وسياسية في البلاد. كذلك إن قوى سياسية كبيرة لا تريد إجراء الانتخابات في الموعد المحدّد، وتسعى لأن تكسب وقتاً إضافياً لتكون مستعدة لها تماماً.