إسرائيل تسوّق لخطوات تطبيعية خلال زيارة بايدن للمنطقة: سوق مشتركة وتحالف أمني يضمّ السعودية
بينما يستعد الرئيس الأميركي جو بايدن لجولة في المنطقة، يوم الأربعاء المقبل، يبدأها من تل أبيب مروراً بالرياض، كثف القادة الإسرائيليون والإعلام العبري الترويج لهذه الزيارة وتصنيفها تحت خانة "المكسب"، وسط الحديث عن "سوق شرق أوسطية مشتركة"، إلى جانب تحالف إقليمي بمشاركة السعودية.
واليوم، الإثنين، أعرب وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان عن تطلعه إلى أن تضع زيارة باين للمنطقة الأسس لإقامة "سوق شرق أوسطية"، قائلاً: "لقد آن الأوان لبناء سوق مشترك جديد للشرق الأوسط يضم إسرائيل والسعودية والأردن".
وردّاً على سؤال، خلال مؤتمر اقتصادي تستضيفه صحيفة كالكاليست، عما يتوقع أن تسفر عنه زيارة بايدن، قال ليبرمان "إنشاء سوق جديدة مشتركة في الشرق الأوسط. هذا هو التحدي الكبير". ومضى قائلاً "(هذه السوق) ستغير الواقع هنا من الأول إلى الآخر في كل من المجالين الأمني والاقتصادي. لذلك آمل أن يكون التركيز خلال زيارة بايدن على إقامة هذه السوق الجديدة في الشرق الأوسط".
وأضاف ليبرمان أن رؤيته الإقليمية تشمل "نوعاً من طريق سريع عابر للشرق الأوسط" وشبكة للسكك الحديدية تربط الدول الشريكة. وجاء تصريح ليبرمان هذا في سياق إبراز وسائل الإعلام الإسرائيلية توقعات بأن تنجح زيارة بايدن إلى المنطقة، لا سيما حقيقة توجهه من مطار بن غوريون إلى جدة بشكل مباشر، كرمز للتطبيع مع السعودية.
ويروج الإعلام العبري لخطوات التطبيع مهما كانت صغيرة مع السعودية، وفق تصريحات في هذا الاتجاه تناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، أخيراً، نقلاً عن رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي يئير لبيد خلال جلسة الحكومة الأسبوعية وإعلانه أن بايدن سيحمل معه إلى الرياض رسالة "سلام إسرائيلية" لكل شعوب المنطقة.
ويحاول الإعلام العبري تصوير زيارة الرئيس الأميركي وكأنها تأتي لخدمة الموقف في تل أبيب، على الرغم من التحفظ الإسرائيلي من قرار بايدن زيارة مستشفى المطلع (أغيستو فيكتوريا) في الطور، في الشطر الشرقي المحتل من القدس عام 1967، كإشارة للفلسطينيين والسلطة الفلسطينية بأنه يواصل تأييد حل الدولتين، حتى وإن لم يفِ حتى الآن بوعده بإعادة فتح قنصلية أميركية في القدس المحتلة تقدم خدماتها للفلسطينيين.
وتسهب وسائل إعلام إسرائيلية في هذا السياق في الحديث عن صفقات جديدة قد تبرمها إسرائيل بوساطة أميركية، بما في ذلك مع السعودية، والتلويح لاحتمالات وضع أسس لتحالف أمني دفاعي إقليمي، موجه بالأساس ضدّ إيران ونشاطها في المنطقة.
وفي هذا السياق، ترفع وسائل الإعلام الإسرائيلية من فرص الإعلان عن مثل هذا التحالف بالرغم من أن مسؤولين عسكريين وأمنيين أبلغوا صحيفة "هآرتس"، مثلاً بأن هناك "تعقيدات قد تحول دون إعلان مثل هذا التحالف، وأن إمكانيات تشكيله ضعيفة"، إلا أن الدعاية الإسرائيلية، التي لا تخلو أيضاً من بعد انتخابي داخلي، تبرز مثل هذه التوقعات لترسيخ نجاح دبلوماسي لحكومة لبيد.
وتمضي السياسة الإسرائيلية في تعزيز اتفاقيات التحالف مع دول الإمارات والبحرين والمغرب والسودان والمعروفة باسم اتفاقيات "أبراهام"، وهي اتفاقيات أعقبتها اتفاقيات تعاون ثنائية بين هذه الدول وإسرائيل في كافة المجالات، تتجاوز المشروع المطروح بالأساس إسرائيلياً تحت مسمى حلف دفاعي إقليمي، على أساس إشراك إسرائيل كطرف في مواجهة إيران، لكنه يهدف أساساً من وجهة نظر تل أبيب إلى إخراج هذ الدول وسد الطريق أمامها وأمام إيران من التوصل لتفاهمات ثنائية بعيداً عن إسرائيل.
وعلى الرغم من إشارة الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية إلى "بوادر حسن النية" التي قام بها بايدن، وآخرها حثه كلاً من رئيس حكومة تصريف الأعمال يئير لبيد والرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ على الاتصال بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، حتى بعد اللقاء الذي جمع عباس ووزير الأمن في حكومة الاحتلال بني غانتس، عشية عيد الأضحى، وإبراز حقيقة أن بايدن سيعلن عن تقديم دعم للفلسطينيين بقيمة 200 مليون دولار، إلا أنها ترى أن الملف الفلسطيني لن يتجاوز خلال اللقاءات التي سيجريها الرئيس الأميركي عتبة حث الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على إطلاق حوار بينهما، أو إطلاق تحرك سياسي مهما كان.
من جهة ثانية، يرى الإعلام العبري أنه يمكن للسلطة الفلسطينية الحديث عن إنجازات لها من وراء هذه الزيارة، خصوصاً في ظل اللقاء المقرر بين بايدن والرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم، يوم الجمعة، قبيل توجهه مباشرة إلى جدة في السعودية.
وتبرز التقارير الإسرائيلية مسألة إحراز تقدّم في العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وأن يتم الإعلان عن هذه التفاهمات، من قبل بايدن، خلال وجوده في السعودية، بعد القمة المقررة مع زعماء عدد من دول الخليج، مشيرة إلى أن "هذا الإعلان لن يكون من تل أبيب وفقاً لما أورده موقع هيئة البث الإسرائيلية العامة (كان 11) مساء الأحد.
وأشارت "كان" إلى احتمال توقيع صفقة أمنية (أي صفقة أسلحة وعتاد عسكري) كبيرة بين السعودية وإسرائيل بجهود أميركية.
وتحاول إسرائيل التركيز على مسألة الرحلة المباشرة من تل أبيب إلى الرياض، التي من المقرر أن يقوم بها بايدن بعد إنهاء زيارته لإسرائيل، الجمعة، كمؤشر إلى تطبيع مع السعودية، واعتبار هذه الرحلة المباشرة الأولى من نوعها، على الرغم من أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، كان قد وصل إلى إسرائيل عام 2017 بعد قمة مع دول الخليج مباشرة، ولكن في الاتجاه المعاكس، أي من السعودية إلى مطار اللد.
وكرّر المسؤولون الإسرائيليون إبراز هذا الأمر في أكثر من مناسبة، كان آخرها اليوم، عندما أعلن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي أيال حولاتا، خلال مؤتمر سنوي لصحيفة كالكاليست الاقتصادية، أنه "ليست صدفة أن يأتي بايدن إلى هنا يوم الأربعاء، ثم يتجه إلى السعودية برحلة جوية مباشرة".