إسبانيا تتجه لتسليم المغرب إدارة المجال الجوي للصحراء: ما دلالات الخطوة؟

29 فبراير 2024
العلاقات بين إسبانيا والمغرب تعرف تطوراً ملحوظاً (أرشيف/ فرانس برس)
+ الخط -

تتجه إسبانيا إلى تسليم إدارة المجال الجوي للصحراء إلى المملكة المغربية، في خطوة تحمل معاني ودلالات سياسية خاصة أنها تحسم ملفاً طالما ظل شائكاً في العلاقات بين البلدين الجارين.

وكشفت صحيفة "إل كونفيدينسيال" الإسبانية قبل أيام أن مدريد قررت رفع الحظر عن نقل إدارة المجال الجوي للصحراء إلى المغرب، موضحة أن رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز وافق على نقل تدبير وإدارة المجال الجوي للصحراء إلى المملكة، بهدف تهدئة الأوضاع وتعزيز التعاون.

ووضعت القرار في سياق محاولات المغرب جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وعروض السياحة، وتعزيز شبكات الشحن الجوي في الأقاليم الجنوبية.

وكانت السلطات الإسبانية قد كشفت السنة الماضية أنها شرعت في مفاوضات مع المغرب، بشأن إدارة وتنسيق المجال الجوي بين البلدين، بهدف "تحقيق قدر أكبر من الأمن في الاتصالات والتعاون الفني"، وذلك تماشيا مع النقطة السابعة من الإعلان المشترك الصادر في 7 إبريل/ نيسان 2022، والتي كانت قد أشارت إلى أنه "سيتم إطلاق مباحثات حول تدبير المجالات الجوية".

ومنذ سبعينيات القرن الماضي ظلت السلطات الإسبانية، المستعمِر السابق للمنطقة، تشرف على الأجواء الجوية في الصحراء من جزر الكناري، وفق قوانين منظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة.

ويأتي القرار الإسباني في سياق التحول المعلن بشأن قضية الصحراء، والذي انطلق في 18 مارس/ آذار 2022، مع خروج مدريد من المنطقة الرمادية بإعلانها، لأول مرة علناً، دعمها موقف الرباط ومقترحها للحكم الذاتي في الصحراء، في تغيير جذري وتخل عما كانت تعتبره الدبلوماسية المغربية غموضا في الموقف الإسباني، وحياداً سلبياً تجاه الملف.

وفي حديث مع" العربي الجديد"، اعتبر مدير "مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية"، عبد الفتاح الفاتحي، "استعادة المغرب مراقبة مجاله الجوي للصحراء فيه تكريس للسيادة الترابية، وإعادة للتأكيد الإسباني على استدامة اعترافها بالسيادة المغربية على الصحراء خلال توقيع الإعلان المشترك بين البلدين في 7 أبريل/ نيسان 2022".

ولفت إلى أن "المغرب يولي لمسألة مراقبة مجاله الجوي أولوية بالغة، وأن الأمر لا يعد ترفاً سياسياً ورمزياً لسيادة المغرب على المجال الجوي الصحراء فحسب، بل لارتباطه بالأمن العسكري والقومي للمملكة".

وأوضح الفاتحي أن "إسبانيا ظلت تستفيد من هذا الإرث الاستعماري لاسيما أنه يوفر لها مداخيل مالية مهمة فضلا عن مراقبة نشاط الطائرات العسكرية المغربية في المنطقة"، معتبرا أنه وضع لا يمكن استمراره عسكريا بالنسبة للمغرب.

وذهب مدير "مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية" إلى أن "سيطرة المغرب على كامل ترابه ستجعله من الدول المهيمنة عسكرياً في سماء المنطقة، وسيمنحه ذلك قوة تفاوضية خلال المفاوضات مع إسبانيا على تثبيت حدود المياه الإقليمية، وما يرتبط بالصراع الإستراتيجي للسيطرة على رواسب الهيدروكربون في المنطقة البحرية لجنوب المملكة".

ورغم الأزمات المتتالية التي مرت بها العلاقات بين الرباط ومدريد خلال السنوات الماضية في سياق ما يسمى بـ"الجوار الصعب"، فإنها تتميز بالتطور على أكثر من صعيد.

وشكلت زيارة رئيس وزراء إسبانيا إلى الرباط، في 21 فبراير/ شباط الحالي، محطة جديدة من أجل إعطاء دفعة قوية للعلاقات بين البلدين، ومناقشة عدد من الملفات والقضايا المشتركة من قبيل الأمن والهجرة والاقتصاد والفلاحة والصيد البحري، فضلا عن ملف الاحتضان المشترك لكأس العالم لكرة القدم 2030.

وخلال الزيارة، جدد سانشيز دعم بلاده للمقترح المغربي القاضي بمنح الصحراء حكماً ذاتياً، واصفا إياه بـ "الجاد وذي الواقعية لحل الصراع"، وسط ارتياح مغربي للدينامية التي أطلقتها المرحلة الجديدة للعلاقات الثنائية.

المساهمون