في ظل تكرار مهاجمة تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لـ"داعش" أهدافاً أمنية ومنشآت حيوية على مقربة من قناة السويس المصرية، لجأ الجيش المصري إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الاحترازية، للحيلولة دون مساس التنظيم بمكونات القناة، لما لذلك من تأثير بالغ الأهمية على الأمن والاقتصاد المصري.
وهاجم تنظيم "داعش"، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وحتى مطلع الشهر الحالي، محيط قناة السويس، مرات عدة، مما أدى إلى وقوع خسائر مادية وبشرية في صفوف قوات الجيش.
وتمثلت الهجمات بتفجير آلية في منطقة جلبانة، أدت إلى مقتل قائد كتيبة وعدد من المجموعات القبلية المساندة، ومهاجمة مدينة القنطرة شرق، ومحاولة السيطرة على مقار حكومية فيها، فيما كان آخرها الهجوم على كمين المثلث الذي يربط بين القنطرة شرق والطريق الدولي إلى محافظة شمال سيناء. وتبنى التنظيم كافة الهجمات في بيانات رسمية أصدرتها وكالة أعماق التابعة له.
حماية قناة السويس من هجمات "داعش"
ووفقاً لمصادر محلية في مدينة القنطرة شرق، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن قوات الأمن والجيش عززت بآليات مصفحة نقاط ارتكازها وكمائنها على امتداد قناة السويس، ونشرت كتائب من القوات الخاصة والمظليين، وبدأت بتسيير دوريات أمنية طيلة ساعات الليل في محيط القناة، تحسباً لأي هجوم جديد لتنظيم "داعش".
كذلك بدأت طائرات بتصوير ومراقبة تقوم بطلعات يومية خلال ساعات النهار لمراقبة المناطق الزراعية المحيطة بالقناة وبمدينة القنطرة شرق، فيما يتم التدقيق في بطاقات المواطنين خلال دخولهم وخروجهم من المدينة.
قوات الأمن والجيش عززت نقاط ارتكازها وكمائنها على امتداد قناة السويس
وأفادت المصادر بأن قوات الجيش أمرت بإغلاق الأنفاق الممتدة أسفل قناة السويس من الساعة 12 ليلاً وحتى السادسة صباحاً، في ظل تخوفها من إمكانية تفجير "داعش" سيارة مفخخة في أحد الأنفاق، ما قد يؤدي إلى تضرره، أو وقف الحركة فيه مؤقتاً.
وكذلك التدقيق على كل الداخلين والخارجين عبر الأنفاق والمعديات خلال ساعات النهار، والتأكد من خلو ملفهم الأمني من أي معلومات سلبية، ما أدى إلى حالة من التذمر في أوساط المواطنين، نظراً إلى أن التدقيق في معلوماتهم يحتاج إلى عدة ساعات.
يشار إلى أن الجهات الحكومية المحلية أعلنت أن الإغلاق جاء من أجل إتمام أعمال الإصلاح والصيانة، إلا أن قرار الإغلاق جاء بعد محاولة التنظيم السيطرة على مدينة القنطرة قبل أسبوعين، والتي أدت لمقتل ضابط بارز في الجيش المصري وعدد من المجندين.
وأمر الجيش بإغلاق الأنفاق ليلاً نظراً إلى تحرك "داعش" خلال تلك الفترة من الساعة 12 ليلاً وحتى 6 صباحاً، وكذلك إغلاق الطرق المؤدية إلى الأنفاق ليلاً، منعاً لوصول أي مركبة إلى المنطقة.
وتتوقع الجهات الأمنية والحكومية معاودة التنظيم هجماته في المنطقة، فيما تستعد قوات الجيش والشرطة لصد أي هجوم. في حين حصل "العربي الجديد" على معلومات تفيد بأن محافظة الإسماعيلية التي تتبع لها مناطق جلبانة والقنطرة شرق ومحيط قناة السويس إدارياً وأمنياً، ستصدر مجموعة من النصائح والمعلومات للمواطنين، بهدف المساعدة في ملاحقة التنظيم والإبلاغ عن أي تحركات في مناطق سكناهم، بما يخدم قوى الأمن في محاصرة التنظيم والحيلولة دون شنه هجمات جديدة.
ومن أهم مكونات قناة السويس المجرى الملاحي الذي تمرّ منه مئات البواخر التجارية بشكل يومي، وكذلك جسر السلام المعلق أعلى القناة، وهو أطول جسر معلق للسيارات داخل مصر، يربط بين قارتي آسيا وأفريقيا، وكذلك جسر الفردان للسكة الحديد، وعدة أنفاق لحركة مرور السيارات أسفل القناة.
وكذلك معديات نقل السيارات من فوق القناة، عدا عن مراكز تحكّم وسيطرة وتمركز لقوات الجيش في محيط القناة، وكذلك خطوط نقل المياه من نهر النيل باتجاه سيناء، والتي تعتبر أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية التي قامت بها الدولة خلال العامين الماضيين.
إجراءات أمنية للجيش المصري
ويدرك الجيش المصري خطر اقتراب "داعش" من قناة السويس، والحرص على حمايتها بكل الوسائل الممكنة، على الصعيدين الأمني والعسكري، مع استغلال حالة الضعف التي يعاني منها التنظيم في محافظة شمال سيناء المجاورة، بعد طرده من كافة مدنها خلال الأشهر الماضية، على يد قوات الجيش والمجموعات القبلية المساندة لها.
محافظة الإسماعيلية ستصدر مجموعة من النصائح للمواطنين، بهدف المساعدة في ملاحقة التنظيم
وبالتزامن مع تصاعد الأوضاع الأمنية في المناطق الغربية من شبه جزيرة سيناء، وظهور "داعش" منذ منتصف أغسطس/ آب الماضي فيها، بعد أن مني بخسائر فادحة في المناطق الشرقية في مدن رفح والشيخ زويد والعريش، وصولاً إلى بئر العبد ووسط سيناء، فإن المناطق الشرقية تشهد حالة من عدم الاستقرار.
ويعود السبب هذه المرة إلى الخلاف المتنامي بين المجموعات القبلية من جهة وقوات الجيش من جهة أخرى، في ظل إجراءات الجيش لطرد أهالي القرى المتاخمة للحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، وهم أهالي المقاتلين البدو الذين شاركوا الجيش في طرد التنظيم.
ويحتاج الجيش للمجموعات القبلية لتطهير المناطق الزراعية المحيطة بقناة السويس، بسبب خبرة هذه المجموعات في الأماكن صعبة التضاريس وتتبّع الأثر، ومهاجمة التنظيم بشكل مفاجئ، وفي كل التوقيتات، إذ إن المجموعات القبلية أثبتت براعتها في فعل ذلك خلال مواجهات المناطق الشرقية.