استمع إلى الملخص
- تحقق العمليات الأمنية تقدماً في محاصرة بقايا داعش شمالي العراق، بدعم من المعلومات المقدمة من الأهالي، مع التركيز على قطع خطوط الإمداد ومنع تسلل العناصر.
- الاستراتيجيات الأمنية تتطور لمواجهة تحديات داعش، مع التأكيد على أهمية الجهود الاستخباراتية وتغيير التكتيكات العسكرية، وفق توجيهات رئيس الوزراء العراقي لمراجعة الخطط العسكرية واتباع أساليب غير تقليدية.
تستبق القوات العراقية احتمالات قيام ما تبقى من عناصر تنظيم داعش بهجمات أو كمائن ضد القوى الأمنية والقرى في أطراف المدن، من خلال سلسلة من الضربات الجوية على معاقل التنظيم ومخابئه بين وقت وآخر، بالإضافة إلى مداهمات وتفتيش متواصل في مناطق تُعتبر وعرة وصعبة ونائية في محافظات متفرقة، لكنها تحت أنظار السلطة الأمنية العراقية، وفقاً لتعليقات مسؤولين وجنرالات فيها.
وخلال اليومين الماضيين، نفذت قوات الجو العراقية عملية عسكرية وصفتها بـ"الناجحة"، في وادي الشاي بمحافظة كركوك باستخدام طائرات إف 16، وتمّ تدمير مفرزة تتكون من ثلاثة أفراد مسلحين، بالإضافة إلى استهداف وتدمير أوكار وأنفاق المفرزة في المنطقة نفسها، وفق بيان رسمي. كما فككت القوات العراقية خلية تابعة لتنظيم داعش، مؤلفة من ثلاثة أفراد في منطقة حي القادسية وسط مدينة تكريت بمحافظة صلاح الدين، فيما أطلقت عملية عسكرية لتفتيش قرى بيشكان، وحاوي كبيبة، وحاوي الكلعه، المحاذية لنهر العظيم والحدود الفاصلة مع محافظة ديالى.
هكذا يتوزع عناصر تنظيم داعش
وفي السياق، قال العقيد الركن أحمد الساعدي، من قيادة العمليات العراقية المشتركة، إن "معظم المخابئ التي يستخدمها عناصر التنظيم الإرهابي، معروفة لدى السلطات الأمنية وهي تحت المراقبة، وقد تمكنت القوات العراقية بإسناد الطيران الحربي، خلال الفترات الماضية، من قطع جميع خطوط الإمداد لهذه الجماعات، وهي حالياً محاصرة بشكلٍ شبه كامل، في مناطق جبلية وعرة شمالي العراق، لكن بالنظر لطبيعة تلك المناطق، استطاع بعض العناصر التسلل إلى مناطق أخرى، لكن القوات دائماً بانتظارهم لتصفيتهم".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "بقايا تنظيم داعش تنتشر في أكثر من مخبأ بمناطق وعرة، بين المحافظات وعلى الحدود مع إقليم كردستان، وفي خمس محافظات تحت إدارة بغداد، وهي نينوى، وديالى، وكركوك، وصلاح الدين، والأنبار، وفي مناطق تقع على حدود محافظتي كركوك والسليمانية، مثل وداي زغيتون، ووادي الشاي، وجبال الشيخ يونس، ووادي حوران"، مبيناً أن "تقدماً أمنياً وعسكرياً تحقق في كركوك، ودور الأهالي كبير في توفير المعلومات من خلال استهداف بعض العناصر والمفارز الإرهابية".
والأربعاء الماضي، قال رئيس أركان الجيش الفريق عبد الأمير يارالله، إن "عصابات داعش انتهت عسكرياً بعد تحرير جميع الأراضي التي سيطرت عليها، لكنه تنظيم ليس إرهابياً فقط، بل هو عقائدي يوجد في المناطق التي من الصعب الوصول إليها، لكن طائرات إف 16 تقوم بواجباتها تجاه تلك العصابات"، موضحاً في تصريحٍ صحافي، أن "بقايا التنظيم تعمل في أماكن محددة تم تحديدها في المثلث (كركوك وصلاح الدين وديالى) وتم تشخيصها، ونقوم بالواجبات تجاه تلك المناطق لكي نمنع أي تسلل أو تقدم لهذه البقايا تجاه الأهداف، سواء كانت مدنية أو عسكرية".
وأضاف يارالله، أن "الأجهزة الأمنية العراقية درست خطط تقرب وعمل بقايا داعش، وبدأت بإنشاء خطوط صدّ قوية ومحصنة، مثل الجدار الذي يمنع الوصول إلى المحافظات، ونتقدم تدريجياً في الجزر مثل جزيرة نينوى، وجزيرة الأنبار، بهدف حرمان بقايا تنظيم داعش من أي منطقة من الممكن أن تستفيد منها، وبنفس الوقت ضمان لأمن للحدود العراقية - السورية".
بدوره، بيّن العميد المتقاعد في الجيش العراقي عماد علو، أن "تنظيم داعش يمر بآخر مراحله العمرية في العراق تحديداً، لكنه يمثل خطراً مستمراً، خصوصاً وأنه قد يخترق بعض مراكز المدن على شكل أفراد، وتنفيذ عمليات إرهابية، ما يحتاج إلى مزيدٍ من الجهود لإنهاء هذا الخطر"، معتبراً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الجهود الأمنية لا بد أن توجه نحو دعم الجهود الاستخباراتية، خصوصاً وأن المخابئ للتنظيم غير منظورة على مستوى المواجهة العسكرية، لأنهم ينتشرون في أراضٍ وعرة وصعبة على تقدم القوات الراجلة، بل حتى الضربات الجوية قد لا تؤدي غرضها، لكن توفير المعلومات عن بقايا التنظيم قد يؤدي إلى نتائج مهمة".
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد أصدر توجيهات للقيادات الأمنية، مطلع العام الحالي، بالتأهب وإجراء مراجعات شاملة للخطط العسكرية، مشدداً على تغيير التكتيكات العسكرية المتبعة في المناطق التي تشهد نشاطاً لـ"داعش"، واتباع أساليب غير تقليدية للمواجهة، بهدف إضعاف قدرات عناصر التنظيم، والحدّ من حركاتهم. عقب ذلك، كثفت القوات العراقية عملياتها الأمنية لمنع تحركات عناصر تنظيم داعش، خاصة بالمحافظات المحررة، وقد أعلنت قيادة الجيش أخيراً أن أعداد "الإرهابيين" الموجودين بالعراق حالياً لا تزيد عن 400.