أهالي الجنوب اللبناني يترقّبون هدنة غزة: خوف من مواجهات أعنف

27 نوفمبر 2023
خشية من اشتداد حدة المعارك بعد انتهاء هدنة غزة (محمود زيات/فرانس برس)
+ الخط -

يترقّب أهالي القرى الحدودية في الجنوب اللبناني المشهد في غزة، قبيل ساعاتٍ على انتهاء الهدنة المؤقتة التي بدأت صباح الجمعة، في ظلِّ خشيةٍ من تجدّد جولات القتال بين "حزب الله" وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وذهاب المعارك باتجاه أعنف، خصوصاً مع ارتفاع لهجة التهديد بين الجانبين.

وانسحبت الهدنة في غزة على الجبهة الجنوبية التي تشهد منذ يوم الجمعة الماضي هدوءاً حذراً، مع تسجيل بعض الخروقات التي بقيت في إطارها المضبوط، منها تعرّض دورية تابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان لنيران جيش الاحتلال في محيط عيترون، من دون إصابة أيٍّ من أفرادها، ما دفع الناطق الرسمي باسم "اليونيفيل" أندريا تيننتي، إلى إدانة هذا العمل، والتذكير بأن "أي تصعيدٍ إضافي قد تكون له عواقب مُدمِّرة".

ويقول مصدرٌ في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد" إن "الوضع حالياً هادئ نسبياً، وقد سُجّلت خروقات محدودة خلال الأيام القليلة الماضية، فيما يواصل طيران الاحتلال الإسرائيلي تحليقه في الأجواء الجنوبية، لكنّ الأوضاع ككلّ لا تزال مضبوطة"، مؤكداً أنّ "دوريات الجيش واليونيفيل مكثفة على طول الحدود، والعمل متواصل للحفاظ على الاستقرار".

من جهته، يأمل مصدرٌ في "اليونيفيل"، في حديث مع "العربي الجديد"، أن يستمرّ "حال الهدوء على طول الحدود، وأن تواصل الأطراف التزامها وقف إطلاق النار، فالقلق يبقى قائماً من عودة العنف، ومن أن يكون التصعيد أقوى ممّا كان عليه قبل سريان الهدنة".

إلى ذلك، يؤكد مصدرٌ مقرّبٌ من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لـ"العربي الجديد"، أن "الاتصالات لا تزال مستمرّة داخلياً وخارجياً للحفاظ على الاستقرار النسبي الراهن، ولوقف اعتداءات العدو الإسرائيلي بشكل كامل على الجنوب اللبناني، لكن لا ضمانات نهائية تلقاها لبنان بهذا الشأن".

وأكدت تصريحات عددٍ من مسؤولي "حزب الله" في الأيام الماضية، أنّ "المقاومة في موقع الدفاع عن الأرض التي يُعتدى عليها من الجانب الإسرائيلي، وأنّ ما يحصل في غزة ينسحب على لبنان، لكن في الوقت نفسه، فإنّ إصبع المقاومة يبقى على الزناد للردّ على أي اعتداء إسرائيلي".

سكان الجنوب يتفقدون الأضرار في ممتلكاتهم

واستغلّ الجنوبيون الهدنة في غزة للتوجّه إلى منازلهم في البلدات والقرى الحدودية، وتفقّد ممتلكاتهم، منهم من تمكّن من المبيت فيها في الأيام الثلاثة الماضية، فيما عاين آخرون الأضرار، وعادوا أدراجهم نحو مراكز إيوائهم أو البيوت التي نزحوا إليها منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وذلك تبعاً لحجم الأضرار التي تفاوتت بين الكاملة، المباشرة، والجزئية وغير المباشرة، في ظلّ خشيتهم من تجدّد القصف، وتطوّره أكثر، ولا سيما أن الليلة التي سبقت الهدنة شهدت واحدة من أعنف المواجهات بين "حزب الله" وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتفاوتت مواقف بعض الجنوبيين الذين يقطنون قرى حدودية شهدت قصفاً عنيفاً لأكثر من شهر، عند تواصل "العربي الجديد" معهم، إذ أكد بعضهم بقاءه في منزله، واستئناف عمله، خصوصاً من يملك محالاً تجارية أصابتها بعض الأضرار الجزئية، فقرّر فتح أبوابها، وسط ترقّب الأوضاع في غزة، على أمل أن تُمدَّد الهدنة، فيما طالب من أصابت منزله أضرار كاملة، الجهات الرسمية بالتعويض عليه، وإصلاحها.

في السياق، يقول رئيس بلدية الناقورة عباس عواضة، لـ"العربي الجديد"، إنه "بالتزامن مع سريان الهدنة في غزة، شهدت البلدة توافداً للعائلات التي نزحت في الفترة الماضية، والغالبية قرّرت البقاء حالياً في منازلها، وترقب الأوضاع، لكنها طبعاً قلقة من تجدّد القصف" مشيراً إلى أننا "كلنا ننتظر ما ستؤول إليه الأوضاع في غزة، ونأمل في أن تستمرّ الهدنة".

ويشير عواضة إلى أن "الأضرار تتفاوت في البلدة، وهي أكبر في النقاط التي كانت على مقربة من اللبونة والأطراف التي شهدت قصفاً عنيفاً، والأحياء بين علما الشعب والناقورة، لكن غالبية الأضرار التي طاولت المنازل كانت جزئية، واقتصرت على الزجاج وألواح الطاقة الشمسية".

من جهته، يقول رئيس بلدية عيتا الشعب، محمد سرور لـ"العربي الجديد"، إن "الهدوء يسود منذ بدء سريان الهدنة في غزة، مع تسجيل بعض الخروقات من جانب العدو الإسرائيلي الذي كان يلقي القنابل المضيئة على بعض أطراف القرى الحدودية، ويسيّر طائراته في الأجواء، لكن بشكل عام، المواطنون ارتاحوا في هذه الفترة، ولمسنا شوقاً لديهم وحماساً للعودة إلى أراضيهم ومنازلهم، وهم يتمنّون أن يطول أمد الهدنة، وتؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم ونهائي".

ويشير سرور إلى أن "أهالي الجنوب يُعرفون بصبرهم وعشقهم للأرض ومقاومتهم، ولكن لا يهدأ بالهم طالما أن هناك عدواً يواصل اعتداءاته واحتلاله الأراضي اللبنانية، فهم ليسوا هواة حرب ومعارك، لكنهم في المقابل يقفون للدفاع عن أنفسهم وأرضهم بوجه أي اعتداء".

ويلفت سرور إلى أن "نسبة كبيرة جداً من العائلات النازحة عادت إلى منازلها لتفقّدها، وسارع المزارعون إلى أراضيهم أيضاً لمحاولة قطاف الزيتون وجمع المحاصيل من الحقول لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموسم، فالخسائر كانت كبيرة جداً، ولم تقتصر على المنازل، إذ إن الضرر الأكبر طاول الأراضي الزراعية التي هي مورد رزق الجنوبيين".

كذلك، طاولت الأضرار بحسب سرور "البنى التحتية، وألواح الطاقة الشمسية، حتى أن أبسط مقومات الصمود باتت مفقودة، من الكهرباء والمياه والإنترنت، وغيرها من الخدمات التي انقطعت عن العديد من البلدات الحدودية"، لافتاً إلى أنّ "نمط الحياة كلّه بات بحاجة لصيانة، وهذه الأعمال لا يمكن القيام بها قبل عودة الاستقرار ووقف نهائي لإطلاق النار".

تعويضات للمتضررين

على صعيد متصل بالمواقف السياسية، أعلن عضو كتلة "حزب الله" البرلمانية "الوفاء للمقاومة" حسن فضل الله، أن "حزب الله" بدأ دفع تعويضات للمتضررين مباشرة من العدوان الإسرائيلي على القرى الحدودية، مشيراً إلى أن الجهات المختصة في الحزب عمدت إلى مسح الأضرار، ولم يبقَ أمامها إلّا القليل في بعض مناطق المواجهة المباشرة.

وقال فضل الله إن "الذي يحمي لبنان ويمنع إسرائيل من الاعتداء وشنّ حرب وتوسيع الحرب عليه، هو الخشية من معادلة الجيش والشعب والمقاومة"، مؤكداً أن "الرادع الأساسي للعدو اليوم هو هذه المقاومة وليس أي شيء آخر، ولأنها كذلك، ستبقى جاهزة وحاضرة في الميدان".

تجدر الإشارة إلى أن الجبهة الجنوبية في لبنان شهدت ليل الخميس، تصعيداً عنيفاً بين "حزب الله" وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد استخدم الحزب أسلحة جديدة وأكثر تطوراً في عملياته التي بلغت يومها 22 عملية، وجاءت بعد الغارة الإسرائيلية التي استهدفت عدداً من عناصره وقيادييه، جنوبي لبنان، من بينهم نجل رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" عباس محمد رعد (سراج).

ونعى "حزب الله" منذ بدء المواجهات مع جيش الاحتلال في 8 أكتوبر، بالتزامن مع انطلاق عملية "طوفان الأقصى" 83 عنصراً من الذين سقطوا بفعل القصف الإسرائيلي جنوبي لبنان، إلى جانب نعي "حركة أمل" (برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري)، عنصراً واحداً لديها، بينما نعت "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عنصرين، كما نعت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس تسعة عناصر.

المساهمون