الولايات المتحدة تُعدّ عقوبات على روسيا.. وموسكو تردّ بمناورات عسكرية في الجنوب والقرم
أعلن مسؤول أميركي رفيع، اليوم الثلاثاء، أن حزمة العقوبات الاقتصادية التي تُعدّها واشنطن للرد على أيّ غزو روسي لأوكرانيا ستشمل قيوداً غير مسبوقة على صادرات معدات التكنولوجيا المتقدمة الأميركية، في وقت أطلقت روسيا من جهتها مناورات عسكرية في الجنوب والقرم.
وقال المسؤول للصحافيين: "نتحدّث عن تكنولوجيا متقدمة نصممها وننتجها"، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتكنولوجيا صناعة الطيران، وهو ما "سيضرب بشدة طموحات (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين الاستراتيجية لتحويل اقتصاده نحو التصنيع".
روسيا تطلق مناورات عسكرية
على الضفة الآخرى، نددت روسيا بوضع آلاف الجنود الأميركيين في حالة تأهب بسبب الأزمة الغربية-الروسية حول أوكرانيا، ورأت في ذلك "تصعيداً للتوتر" من جانب واشنطن، وأطلقت مناورات عسكرية في الجنوب وشبه جزيرة القرم.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحافيين: "نراقب بقلق كبير هذه التحركات الأميركية".
وأضاف أن الولايات المتحدة تسبب من خلال ذلك "تصعيد التوتر" كما فعلت أمس مع إعلان سحب عائلات الدبلوماسيين الأميركيين من أوكرانيا بسبب خطر وشيك، بحسب واشنطن، يتمثل باجتياح روسي لجارتها الموالية للغرب.
وكان البنتاغون قد أعلن، أمس الاثنين، أن قوة عديدها 8500 عسكري أميركي وُضعت في "حالة تأهب قصوى" تحسباً لاحتمال نشرها لتعزيز أي تفعيل لقوة التدخل التابعة لحلف شمال الأطلسي، رداً على الأزمة الأوكرانية.
وقد حشدت روسيا 100 ألف جندي قرب الحدود الأوكرانية، مثيرة المخاوف من أن تكون تخطط لغزو جارتها الموالية للغرب، ما استدعى تحذيرات من دول الغرب.
وأفادت وكالات أنباء روسية بأن القوات المسلحة الروسية أطلقت الثلاثاء سلسلة جديدة من المناورات بالقرب من أوكرانيا وفي شبه جزيرة القرم التي ضمتها، مع تدريبات تشمل ستة آلاف عنصر وطائرات مقاتلة وقاذفات.
من جانب آخر ستتسلم أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، مساعدة جديدة من الولايات المتحدة تشمل "تجهيزات وذخائر لتعزيز القوات المسلحة الأوكرانية" بحسب السفارة الأميركية، موضحة أنها قسم من مساعدة بقيمة 200 مليون دولار منحها البيت الأبيض في الآونة الأخيرة لكييف.
من جهته، أعلن حلف شمال الأطلسي أن دوله تُعدّ لوضع قوات احتياطية في حالة تأهّب، وأنها أرسلت سفناً ومقاتلات لتعزيز دفاعاتها في أوروبا الشرقية ضدّ الأنشطة العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا، فيما تعتبر روسيا من جهتها أن قوات الحلف في جوارها تشكل تهديداً وجودياً.
ويتهم الغربيون موسكو بحشد أكثر من مئة ألف عسكري على الحدود الاوكرانية بهدف اجتياح محتمل، فيما سبق أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية بعد ثورة موالية للغرب في كييف.
تعتبر موسكو أيضاً داعمة للانفصاليين الموالين لروسيا الذين تخوض معهم كييف حرباً في شرق البلاد منذ ثماني سنوات.
وأعلنت أوكرانيا الثلاثاء أنها فككت جماعة إجرامية تنشط تحت إمرة موسكو وكانت تُعدّ لهجمات مسلّحة لـ"زعزعة استقرار" البلاد.
وقال جهاز الأمن الأوكراني في بيان إن "قادة الجماعة كانوا يُعدّون لسلسلة هجمات مسلّحة على بنى تحتية"، مؤكّداً أن الجماعة "منسّقة" من جانب "أجهزة روسية خاصة".
رد هذا الأسبوع
ونفت روسيا أي مخطط لشنّ هجوم، لكنها تربط وقف التصعيد بمعاهدات تضمن خصوصاً عدم توسع حلف شمال الاطلسي ليشمل أوكرانيا.
هذه المطالب اعتبرتها أوروبا غير مقبولة، وكذلك الولايات المتحدة، لكن يجري التأكد من أنه يؤخذ قلق روسيا على محمل الجد، وأن هناك رغبة في التفاوض على حلول، بحسب "فرانس برس".
وبعد جولة محادثات، يفترض أن تسلم واشنطن هذا الأسبوع رداً خطياً على المطالب الروسية. لكن في موازاة ذلك، صعّد الرئيس الأميركي جو بايدن الضغط عبر وضع قوات في حالة تأهب.
هذا التشدد يبدو أنه باغت بعض القادة الأوروبيين الحرصاء على عدم استفزاز الكرملين.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يريد أن يقترح "طريقاً لوقف التصعيد" على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "في الأيام المقبلة". وأكد الكرملين إجراء محادثات خلال الأسبوع.
وتستقبل باريس أيضاً الأربعاء اجتماعاً لمستشارين رفيعي المستوى مع ألمانيا وروسيا وأوكرانيا، في محاولة لإعادة إحياء الحوار الذي يعود إلى عام 2015، وبات مجمداً اليوم.
ودعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، من جهته، إلى عدم "التهويل" بشأن الوضع.
وأكدت الولايات المتحدة أنه ليس هناك "أي خلافات" مع الأوروبيين حول العقوبات التي ستفرض على روسيا في حال غزوها أوكرانيا، ولا حول موضوع خطورة التهديد.
وتوعّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مرة جديدة روسيا بعقوبات غربية غير مسبوقة إذا غزت أوكرانيا.
وتقول واشنطن أيضاً إنها تريد التنسيق من كثب مع حلفائها الأوروبيين الذين باتوا مرتابين منذ الانسحاب الأميركي من أفغانستان الذي نُفِّذ، بحسب قولهم، بشكل أحادي الجانب.
تداعيات خطيرة
من جانب آخر نظم بايدن، أمس الاثنين، قمة عبر الفيديو حول أوكرانيا مع قادة أوروبيين ومن حلف شمال الأطلسي، بحسب ما أعلن البيت الأبيض.
للخروج من الأزمة، تطالب روسيا بالتزامات خطّية بعدم ضمّ أوكرانيا وجورجيا إلى حلف شمال الأطلسي، وبسحب قوات وأسلحة الحلف من دول أوروبا الشرقية التي انضمت إليه بعد عام 1997، ولا سيما من رومانيا وبلغاريا. ومطالب روسيا لا يقبل بها الغربيون.
ووعدت روسيا "بالتداعيات الأكثر خطورة" في حال جرى تجاهل "قلقها المشروع".
ويعتزم الغربيون فرض عقوبات شديدة غير مسبوقة في حال حصول غزو لأوكرانيا، رغم أن الكرملين بدا على الدوام غير مكترث بمثل هذا النوع من الردود.
وأعدّت المفوضية الأوروبية عدة احتمالات ستقدّمها إلى الوزراء المجتمعين الاثنين، وستُضاف إلى الإجراءات التي اعتُمدت بعد الردّ على ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014.
وقال مصدر أوروبي لوكالة "فرانس برس"، إنه بين الإجراءات خفض مشتريات الغاز والنفط الروسيين اللذين يشكلان 43% و20% من إمدادات الاتحاد الأوروبي، لكن هذا الموضوع يثير انقساماً بين الأوروبيين.
من الجانب الأميركي، يعتزم بايدن منع المصارف الروسية من استخدام الدولار، ما قد يوجه ضربة قاسية جداً إلى اقتصاد روسيا.
ومنذ مطلع السنة تواجه بورصة موسكو وأسعار صرف الروبل صعوبات بسبب حالة انعدام اليقين هذه.