القوات الأميركية تنشر قاذفتي قنابل في الشرق الأوسط وسط انقسام بشأن الخطر الإيراني

31 ديسمبر 2020
قاذفتا القنابل من طراز B-52 لهما قدرة نووية(Getty)
+ الخط -

نشرت القوات الأميركية، أمس الأربعاء، قاذفتي قنابل من نوع B-52 في منطقة الشرق الأوسط وذلك بعد تصاعد التوترات مع إيران ومرور ذكرى اغتيال قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني، وسط انقسام مسؤولي البنتاغون بشأن الخطر الذي يمثله النظام الإيراني ومليشياته التي تتخذ من العراق مقراً لها.
وفي بيان، قالت القيادة المركزية الأميركية، التي تشرف على العمليات العسكرية في المنطقة، إن نشر القاذفتين بمثابة "رسالة ردع واضحة لأي شخص ينوي إلحاق الضرر بالأميركيين أو المصالح الأميركية".
ويأتي ذلك وسط توترات مستمرة مع إيران والمليشيات المدعومة من إيران في العراق، فضلاً عن مخاوف من أن إيران قد تسعى لمهاجمة المصالح الأميركية، في ذكرى غارة الطائرة دون طيار التي قتلت الجنرال قاسم سليماني، في الثالث من يناير/كانون الثاني.

ونقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية، عن قائد القيادة المركزية، الجنرال فرانك ماكنزي، قوله: "تواصل الولايات المتحدة نشر قدرات جاهزة للقتال في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية لردع أي خصم محتمل، وتوضيح أننا مستعدون وقادرون على الرد على أي عدوان موجه ضد الأميركيين أو مصالحنا".
وتابع ماكينزي: "نحن لا نسعى إلى الصراع، لكن لا ينبغي لأحد أن يقلل من قدرتنا على الدفاع عن قواتنا أو التصرف بشكل حاسم رداً على أي هجوم".

ومهمة الأربعاء، هي الثالثة لنشر هذا النوع من القاذفات في منطقة عمليات القيادة المركزية خلال الـ45 يوماً الماضية.
ونشرت القيادة المركزية مقطعا مصورا للحظة تزود إحدى هاتين القاذفتين ومقاتلة إف-16 بالوقود في الجو.


انقسام بشأن إيران 
وفيما نشرت القوات الأميركية قاذفتي قنابل من نوع B-52 في منطقة الشرق الأوسط، لا يزال مسؤولو الدفاع الأميركيون منقسمين بشأن الخطر الذي يمثله النظام والمليشيات التي تتخذ من العراق مقراً لها.
ويقول مسؤولو البنتاغون، لشبكة "سي أن أن"، إن استعراض العضلات العسكري يهدف إلى تحذير طهران من مهاجمة المصالح أو الأفراد الأميركيين بالتزامن مع الذكرى السنوية في بداية يناير/كانون الثاني لاغتيال قاسم سليماني.
في الوقت نفسه، قرر القائم بأعمال وزير الدفاع كريستوفر ميلر الأربعاء صد أي محاولة لتمديد انتشار حاملة الطائرات يو أس أس نيميتز في الخليج العربي، وإرسالها خارج المنطقة في إشارة صريحة لوقف التصعيد ضد إيران، وفقًا لأحد كبار المسؤولين في البنتاغون.

ووفقاً لـ"سي أن أن"، يمكن أن تعكس الرسائل المتضاربة الانقسامات داخل البنتاغون، حيث قال مسؤول دفاعي ثان، إن مستوى التهديد الحالي من إيران هو الأكثر إثارة للقلق منذ اغتيال سليماني. وأشار مسؤولون إلى معلومات استخباراتية جديدة تفيد بأن إيران والمليشيات المتحالفة معها في العراق ربما يخططون لهجمات ضد القوات الأميركية في الشرق الأوسط. 
واستند هؤلاء المسؤولين في معلوماتهم إلى نقل إيران، أخيراً، صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى العراق، مما دفع الولايات المتحدة إلى نشر أصول عسكرية إضافية في المنطقة.
ومع ذلك، يؤكد آخرون في البنتاغون أن التهديد مبالغ فيه، حيث قال أول مسؤول دفاعي كبير - منخرط بشكل مباشر في المناقشات - لشبكة "سي أن أن"، إنه "لا يوجد معلومة واحدة داعمة للاستخبارات" تشير إلى أن هجوم إيران قد يكون وشيكا.
وأثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعض حالة عدم اليقين، حيث ورد أنه طلب في اجتماع منتصف نوفمبر/تشرين الثاني خيارات عسكرية يمكن أن يستخدمها ضد إيران. ثم هدد إيران بعد هجوم 21 ديسمبر/كانون الأول على السفارة الأميركية في بغداد، والذي نسبه مسؤولون أميركيون كبار، بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو، إلى المليشيات العراقية التابعة لطهران.

وكتب ترامب على "تويتر" من على متن طائرة الرئاسة بعد اجتماع في البيت الأبيض في 23 ديسمبر/كانون الأول بشأن التهديدات الإيرانية "سفارتنا في بغداد تعرضت يوم الأحد لعدة صواريخ". وتابع "فشل إطلاق ثلاثة صواريخ. احزروا من أين أتت: إيران".


ثم قدم ترامب "بعض النصائح لإيران: إذا قتل أميركي سأحمّل إيران المسؤولية. فكروا في الأمر".
وقال مسؤول دفاعي لـ"سي أن أن" إن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي "يولي اهتماماً وثيقًا للغاية للوضع. لا يعتقد الجيش أن هجوماً وشيكاً، لكنه يتخذ جميع الاحتياطات لضمان ردع إيران عن أي هجوم محتمل".
وكانت البحرية الأميركية أعلنت في 21 ديسمبر الحالي أنها أرسلت غواصة تعمل بالطاقة النووية عبر الخليج العربي، مصحوبة بطرادات صاروخية موجهة.
قبل أن يستدعي ميللر حاملة الطائرات نيميتز، التي كان من المقرر أن تغادر الخليج، كان قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي يضغط من أجل تمديد انتشار السفينة الحربية هناك، في ما قد يكون أطول انتشار لحاملة طائرات منذ سنوات عديدة، بحسب ما قاله مسؤول دفاعي لـ"سي أن أن".
وأعرب هذا المسؤول عن قلقه من أن البعض داخل الحكومة يصورون الوضع مع إيران على أنه أكثر خطورة مما هو عليه في الواقع، وهم مشغولون مسبقاً باحتمالية شن إيران هجمات انتقامية بمناسبة ذكرى اغتيال سليماني.

بعد مقتل سليماني في العراق بضربة أميركية، ردت إيران بهجوم صاروخي على قواعد عسكرية أميركية في المنطقة.
والآن، تشير المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها الولايات المتحدة إلى "هجوم وشيك محتمل" من قبل المليشيات المدعومة من إيران على القوات الأميركية في العراق، على الرغم من عدم وجود يقين، كما قال مسؤول دفاعي آخر لشبكة "سي أن أن".
ومع ذلك، فإن القلق كبير بما يكفي لاتخاذ تدابير حماية إضافية للقوات الأميركية، حسبما قال هذا المسؤول ومسؤول دفاعي ثان. ورفض كلاهما تحديد الإجراءات التي يتم اتخاذها، بحسب الشبكة الأميركية.
كذلك نقل ثلاثة مسؤولين دفاعيين أميركيين لشبكة "سي أن أن"، تأكيدهم أن إيران تنقل أسلحة إضافية إلى العراق، بما في ذلك الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، وهي ترسانة يعتقد المسؤولون أنها يمكن أن تستخدم لضرب أهداف أميركية.
وبحسب أحد المسؤولين فإنه لدى الولايات المتحدة معلومات استخباراتية تشير إلى أن جماعات المليشيات العراقية كانت تلتقي بعناصر من فيلق القدس الإيراني، وهي قوة عسكرية ناشطة ميدانياً.