يبدو أن الأهمية الجيواستراتيجية لألمانيا، كونها بلد عبور ومركزا لوجستيا لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومنطقة عمليات خلفية يتم فيها إمداد القوات العسكرية وتجهيزها وإعدادها للانتشار، ستجعلها ملزمة بتأمين الدعم للدول الأعضاء في "الناتو"، في حال توسع الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حدود بولندا.
وبات واضحاً أن عمليات الانتشار العسكري للناتو عبر ألمانيا، أخيراً، تشير إلى الانتقال لمرحلة الدفاع إذا ما تطور العمل العسكري في أوروبا مع تمادي العدوان الروسي على أوكرانيا، الذي يدخل أسبوعه الرابع، ووصول النيران إلى منطقة جافوريف بالقرب من الحدود البولندية، العضو في حلف "الناتو".
والأربعاء، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، إنّ الحلف "نشر نحو 140 ألف جنديّ في أوروبا".
وقال ستولتنبرغ: "لقد بدأنا بالفعل في تنفيذ خطط للدفاع عن الحلف، وزيادة استعدادنا ونشر جنود على جانبي المحيط الأطلسي، والآن في دول الحلف يوجد مئات الآلاف من الجنود في حالة تأهب قصوى".
وفي هذا الإطار، أفاد الجيش الألماني في ولاية ساكسونيا، بأن العديد من الدول الغربية تقوم حالياً "بنقل المعدات والأفراد عبر ألمانيا كجزء من التدريبات لتقوية الجناح الشرقي لحلف الناتو". ولفت إلى أن "القوافل العسكرية تتم مرافقتها من قبل الشرطة العسكرية الألمانية، عدا عن توفير الوقود والإقامة لها".
وأبرز موقع شبكة "أم دي آر" الإخبارية الألمانية، أن الجيش الألماني ووزارة الدفاع، لا يريدان تحديد أعداد القوات العسكرية لوحدات الناتو الموجودة حالياً على الأراضي الألمانية إلى جانب تلك التي يتم تجهيزها من القوات الألمانية.
وبحسب الشبكة الألمانية فقد أوقف نقل تسجيلات الفيديو من كاميرات الطرقات السريعة عبر الشبكات الإلكترونية، من قبل السلطات في ألمانيا، لأسباب قيل إنها "أمنية".
إلى ذلك، تحدثت وزارة الدفاع الألمانية، بحسب الشبكة الإخبارية، أنه وبسبب الأوضاع هناك حاجة لمزيد من التدريب، وهذا بدوره يؤدي إلى مزيد من الحركة للوحدات العسكرية على الطرقات.
مع العلم، أن المناورات يجب أن تكون قد انتهت بالفعل منتصف مارس/آذار. بينما لم تكشف تفاصيل إنجاز التدريبات والعودة المحتملة للقوات العسكرية.
وفي الإطار ذاته، أشارت صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية، إلى أن الجيش بدأ قبل أيام بنقل نظام الدفاع الجوي، باتريوت المضاد للطائرات، والصواريخ الباليستية التكتيكية، وصواريخ كروز من مدينة هوسوم على ساحل بحر الشمال إلى سلوفاكيا الواقعة على حدود غرب أوكرانيا.
ويستخدم نظام باتريوت ضد الطائرات والصواريخ الباليستية التكتيكية وصواريخ كروز، التي تقترب من مسافة تصل إلى 1000 كيلومتر.
وكان البرلمان السلوفاكي قد صوت، الثلاثاء الماضي، بأغلبية لنشر قوات ألمانية وغيرها من قوات الناتو على أراضي الدولة.
كما أعلنت وزارة الدفاع السلوفاكية من قبل أن خطة الحكومة المتفق عليها مع شركاء الحلف تنص على تمركز 2100 جندي.
ومن المتوقع أن يأتي من ألمانيا 700 جندي، و600 آخرون من التشيك، و400 من الولايات المتحدة، و200 من هولندا، و100 من كل من بولندا وسلوفينيا. ويأتي هذا الانتشار في إطار رد الناتو على الهجوم الروسي لأوكرانيا.
وأمام ذلك، أشار موقع الجيش الألماني إلى أن القوات المسلحة يجب أن تكون قادرة على الانتشار بسرعة، والمهمة معقدة والمسؤولية على حلفاء الناتو لصد الهجمات الروسية.
وأشار إلى "دور مجموعة الدعم المشترك في مدينة أولم الألمانية"، والتي قال إنها "تعمل بشكل أساسي لتنسيق تحركات قوات الناتو، كتنسيق نقل 500 من القوات الفرنسية إلى رومانيا".
وأبرزت التقارير أنه وفي حال حدوث نزاع أو أزمة يجب ألا يكون من الممكن فقط نقل العديد والعتاد على وجه السرعة إلى أوروبا وداخلها والعودة عبر المحيط الأطلسي، بل إن الأمر يتطلب تعزيزها المستمر وتأمين الإمدادات عبر خطوط آمنة لضمان قدرة التحمل والفعالية القتالية للوحدات العسكرية للتركيز على مهمتها الأساسية، وبالتحديد بالدفاع عن أراضي دول الحلف.
ويبرز رئيس قسم المفاهيم والعقيدة في مجموعة الدعم والتدريب الألماني هانز مارتن هورنهوز، أن من مهام المجموعة استقبال القوات والمعدات العسكرية وجمعها ونقلها إلى منطقة العمليات، ومتابعة التوريد للقوات المقاتلة وما يسمى بالحركة الخلفية والتجهيز والإرسال.
ولفت إلى ضرورة أن "تبقى البصمات اللوجستية الصغيرة حاضرة قدر الإمكان حتى لا يتم ربط المواد دون داع، بينها مثلا أن تكون الدول المضيفة أو شريك التحالف قادرة على توفير المياه أو الوقود كما الغذاء للجميع".
وأضاف "وقد يصار مثلاً لتأمين خدمات الطوارئ الفرنسية من المواد وقدرات النقل المتوفرة عبر خط إمداد ألماني، إذ من المهم أن يتم دعم ربط قدرات الدول المختلفة في شقيها اللوجستي المدني والعسكري".