اتهامات داخل "الاشتراكي الديمقراطي" للقيادة بتغيير السياسة الدفاعية والأمنية لألمانيا

22 ديسمبر 2020
قيادة الاشتراكي: دعم الجنود بطائرات مسيرة قضية حساسة (Getty)
+ الخط -

ارتفعت حدة الانتقادات التي طاولت قيادة الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا من قبل مسؤولين مخضرمين في الحزب العريق، وذلك على خلفية تراجع الأخير عن اتفاق التحالف الحاكم بتدعيم قدرات الجيش بطائرات مسيرة جديدة من نوع (هيرون تي بي)، معتبرين أن تأجيل الموضوع هدفه تكتيكي، عدا عن أنه ينم عن قصر نظر ويؤشر إلى تغيير في السياسة الأمنية، بدلاً من الالتزام بالعمل الأوروبي المشترك.

وشن الزعيم الاشتراكي الديمقراطي السابق زيغمار غبريال، حملة عنيفة على القيادة الحالية لحزبه، ووصفها، في مقال نشرته "تاغس شبيغل"، بأنها تفتقر إلى القيادة السياسية، بعد أن أخلت بالتزاماتها مع الشريك في الائتلاف الاتحاد المسيحي الديمقراطي حول تحديث قدرات الجيش، ومن بينها تزويده بطائرات من دون طيار. 

واعتبر أن الحجج والنقد لاستخدام الطائرات المسلحة بدون طيار في الصراع العسكري بين أذربيجان وأرمينيا يجب ألا تركز على التكنولوجيا العسكرية، بل على الأشخاص المسؤولين عن هذه العملية، ومشيراً إلى أن "الأهم العمل وفق ما يتحدث مفتشون عامون في البوندسفير، وعن مدى أهمية عمليات الانتشار الحالية والمستقبلية من قبل الجيش الألماني"، قبل أن يوضح أنه "حتى بموجب معايير القانون الدولي، لا تختلف جودة الصاروخ الذي تطلقه طائرة مقاتلة عن جودة قذيفة طائرة بدون طيار يتم التحكم بها عن بعد". 

وأضاف: "على عكس ما يزعم الآن، فإن الطائرات بدون طيار ليست مرادفة للحروب الآلية، فالتشغيل يتم التحكم به بواسطة جندي يتلقى أوامره أيضاً من أشخاص أحياء، وبالتالي فإن البشر يمكن أن يسيئوا استخدام كل أنواع السلاح في حرب عدوانية، وعدا هذا فإن عمليات البوندسفير تخضع عادة للرقابة".

ومن وجهة نظره، فإن قرار الزعيم المشارك للاشتراكي نوربرت فالتر بوريانس بتأجيل بت تزويد الجيش بطائرات بدون طيار "مخرج قصير الأمد" هدفه فقط تجنب أي نقاش داخلي في صفوفه، مشيراً إلى أن النقاش حول إيجابيات وسلبيات شرائها استغرق ما يقرب 20 عاماً، ولم يعد ينقصها "النقاش المفصل والواسع". 

و"كل ذلك مؤشر على أن الاشتراكي يقدم على تغيير جوهري في سياسته الدفاعية والأمنية، والأجدى بقيادة الحزب العريق أن تتجرأ وتكشف عن هذا الأمر، كما والاعتراف بالعواقب على ألمانيا وأوروبا"، وفق ما أشار غابرييل.

وعليه، فـ"من المفيد أن تطلع الناخبين على التغييرات الأساسية للحزب فيما خص السياسة الأمنية قبل الانتخابات، وعندها فقط يمكن للمواطنين اتخاذ خيارات التصويت المبنية على أسس سليمة، ومن بينها التي تستند إلى سياسة خارجية ودفاعية موثوقة".

وأكد أن "النقاش لا يخدم الحزب فقط، إنما ألمانيا أيضاً، لأن البلد بحاجة لمناقشة مستنيرة حول دورنا في العالم. الموقف اللامبالي من جانب دولة صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا من شأنه أن يزعج جيراننا الأوروبيين مستقبلاً. علينا توضيح سياستنا الخارجية والأمنية: جهد الاشتراكي الديمقراطي الفردي أم الالتزام بالعمل المشترك في أوروبا؟، وهنا لا يجب أن نبتعد عن التفكير في كيفية التعامل مع الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة الأميركية في البيئة الأوروبية حتى بعد انتخاب جو بايدن".

وفي السياق، اعتبر أستاذ السياسة الدولية بجامعة البوندسفير في ميونخ، كارلو ماسالا، في حديث مع "شتوتغارتر تسايتونغ"، أن الاشتراكي مع زعيم كتلة الحزب في البوندستاغ رولف موتزينيتش، تحرك في سياسته الخارجية والأمنية صوب اليسار، و"انتقل تدريجياً من سياسة أمنية واقعية إلى سياسة أمنية مثالية"، ومستشهداً بمطالبة زعيم الكتلة سحب الأسلحة النووية الأميركية من ألمانيا، ومقاومته لخطط وزيرة الدفاع أنغريت كرامب كارنباور باستبدال سرب طائرات مقاتلة بأخرى حديثة من صنع بوينغ الأميركية، وما الرفض الحالي لتزويد الجيش بطائرات بدون طيار إلا دليلاً على توجهات الحزب الجديدة، وذلك بعد أن تذرعت القيادة بضرورة مواصلة النقاش في القضية".

هذا الأمر ناقضه المتحدث باسم السياسة الخارجية داخل كتلة الاشتراكي نيلس شميد، واعتبر أن زعيم الكتلة لم يغير المسار، والدليل أنه "عندما يتعلق الأمر بتحمل المسؤولية على سبيل المثال في أفغانستان ومنطقة الساحل الأفريقي، أو في القتال ضد "داعش"، نقف وراء العمليات العسكرية الخطرة"، ومن أن "ميزانية الدفاع في ارتفاع مستمر وبموافقة حزبه".

في المقابل، تبنى وزير الخارجية الاشتراكي هايكو ماس أخيراً، في حديث مع وكالة الأنباء الألمانية، الحجة الرئيسية للمؤيدين داخل حزبه، إذ قال: "أنا مع أن يحصل الجنود الألمان المتواجدون في مهمات خارجية على أفضل حماية ممكنة، ولا يمكنني كعضو في البوندستاغ اتخاذ قرارات تقضي بإرسال الجنود من دون توفير الأمان من المخاطر"، مبرزاً أن "هذه الطائرات تستخدم للاستطلاع في المهمات الدولية، ولكن أيضاً لدرء المخاطر المباشرة والملموسة"، إلا أنه عاد وأبدى تفهمه لتحفظات قيادة الحزب، والتي اعتبرت دعم الجنود بطائرات مسيرة قضية حساسة.

المساهمون