يبدو أن مشروع خط غاز "نورد ستريم 2" المثير للجدل سيواجه المزيد من التعثر قبل تشغيله، وذلك مع إعلان وزيرة الخارجية الألمانية في الائتلاف الجديد والمنتمية الى "حزب الخضر" أنالينا باربوك، أنه لا يمكن الموافقة على شهادات خط الأنابيب بهذا الشكل، لأنه لم يتم الوفاء بمتطلبات قانون الطاقة الاوروبي بعد.
إضافة إلى إعلان وزيرة الخارجية الألمانية، فإن هناك عقبات أخرى تقف في طريق المشروع منها، موقف ألمانيا الحازم إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية لدعم أوكرانيا، ودعم العقوبات الأميركية في حالة وقوع هجوم روسي. كل ذلك يأتي في ظل ارتفاع قياسي لأسعار الغاز في أوروبا التي تعتمد بشكل متزايد على إمدادات الطاقة الروسية.
وفي الإطار، أبرزت صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية، أن حكومة ائتلاف المرور الجديدة تواجه أسئلة حول موقفها من "نورد ستريم 2" وسط تباين في المؤشرات إزاء المشروع الذي يعتبر حاليًا أهم قضية في السياسة الخارجية للائتلاف الجديد بزعامة الحزب "الاشتراكي".
وتجنب المستشار أولاف شولتز الرد على سؤال حول الأنبوب المزدوج عبر بحر البلطيق خلال مؤتمر صحافي عقد الأحد الماضي مع رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي الذي طالب المستشار الألماني الجديد بوقف المشروع لما يشكله من ورقة ضغط روسية على أوروبا ولما يشكله من أضرار اقتصادية على دولها الشرقية.
وبعد ربط تشغيل "نورد ستريم 2" بالصراع بين أوكرانيا وروسيا، طالب زعماء أوروبيون ببدء العمل على تزويد أوروبا بالغاز عبر "نورد ستريم 2"، ومن بين هؤلاء الزعماء المستشارالنمساوي الجديد كارل نيهامر الذي قال، أمس الثلاثاء في حديث مع صحيفة "دي فيلت"، إنه يجب تشغيل الخط قريباً كما هو مخطط له.
كما حذر المرشح المحتمل لزعامة حزب المستشارة السابقة أنجيلا ميركل "المسيحي الديمقراطي" المخضرم فريدريش ميرز، اليوم الأربعاء، في حديث مع مجموعة "فونكه" الإعلامية، من جعل تشغيل خط أنابيب "نورد ستريم 2" يعتمد على حل الأزمة الأوكرانية، لافتًا إلى أن التأهب العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية يتطلب مزيدًا من العقوبات من الاتحاد الأوروبي، إلا أنه أشار إلى عدم إمكانية استخدام "نورد ستريم 2" لهذا الغرض.
وبحسب ميرز، فإنه كان من الخطأ إعلان خط أنابيب بحر البلطيق مشروعا اقتصاديا بحتا، مشيرًا إلى أن "تصحيح هذا الخطأ سيكون بالغ الصعوبة؛ لأن خط الغاز هذا يقسم أوروبا"، قبل أن يؤكد أن توجيهات الغاز الأوروبية تغيرت بعد أن بدأ بالفعل إنشاء خط "نورد ستريم 2"، فيما اقترح فرض عقوبات شخصية ضد الأوليغارشية في محيط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعائلاتهم.
ومن المعلوم أن ورقة "ائتلاف إشارات المرور" وفي الصفحة 59 منه، أشارت في جملة غامضة إلى أن "قانون الطاقة الأوروبي ينطبق على مشاريع سياسة الطاقة في ألمانيا أيضا"، وهذا لا يعني أن التحالف الجديد متمسك بموقف حكومة المستشارة السابقة ميركل.
وفي خضم ذلك، أشار موقع "هايزه أونلاين" إلى أن العقوبات الاقتصادية لم تفعل شيئاً في الماضي وأضرت بالأوروبيين أكثر من الروس، مشيرًا إلى أن "السياسة هي فن الممكن، ولسوء الحظ يبدو حاليا من المستحيل الاستغناء عن الغاز الطبيعي الروسي، مع استمرار تشغيل الفحم ومحطات الطاقة النووية، وسيكون لدينا الاختيار بين الطاعون والكوليرا".
وأضاف "بدلاً من المواجهة بلا معنى ضد (نورد ستريم 2)، يجب على باربوك أن تناضل من أجل ألمانيا خالية من الأسلحة النووية، وأن تقبل أننا على الجانب الأقصر من هذا الصراع، للتوصل إلى اتفاق ودي مع روسيا ينهي الأمر؛ لأن كل شيء آخر سيأتي بنتائج عكسية".
ورجح الموقع أن بوتين لا يريد على الإطلاق إخضاع أوكرانيا، مشيرًا إلى أنه "لو أراد ذلك لفعلها عام 2014، لكنه يريد بدلاً من ذلك منع كييف، وبأي ثمن من أن تصبح منطقة انتشار تابعة لحلف شمال الأطلسي ضد روسيا".
وإزاء ذلك، يرى مراقبون أن الحكومة الألمانية الجديدة ليس لديها ما تقوله في الواقع؛ لأن وزارة الاقتصاد في حكومة ميركل، أصدرت خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي بيانا تم فيه الإشارة إلى أن "نورد ستريم 2" لا يشكل أي خطر على أمن إمدادات الغاز في ألمانيا أو في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يضع حكومة شولتز أمام حقائق، إذ كانت حكومة ميركل قد ضغطت في الآونة الأخيرة على الأميركيين لمنع فرض المزيد من العقوبات ضد خط الأنابيب، وتم حينها تحذير واشنطن في رسالة غير رسمية من أن أي إجراءات عقابية جديدة ستضر بالنهاية بالوحدة عبر الأطلسي.