يخوض اليوم الخميس، نحو 1000 أسير فلسطيني من الفصائل الفلسطينية كافة في جميع المعتقلات الإسرائيلية إضراباً مفتوحاً عن الطعام، تحت شعار "موحَّدون في مواجهة السجّان"، وبذلك تكون الحركة الأسيرة قد سجّلت 26 إضراباً جماعياً في تاريخها منذ عام 1967، خلالها شاركت الأسيرات مشاركة فاعلة إلى جانب الأسرى في معظم الإضرابات.
ويأتي الإضراب الجماعي اليوم بعدما وصلت خطواتهم النضالية الاحتجاجية منذ 22 أغسطس/ آب الماضي إلى طريق مسدود مع إدارة المعتقلات في الاحتلال التي تصرّ على التنكيل بالأسرى والمسّ بحقوقهم الجوهرية في الحياة. وسبق إضراب اليوم حل الهيئات التنظيمية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الأحد الماضي، تلاها الامتناع عن الخروج إلى ما يُسمى "الفحص الأمني"، وإرجاع وجبات الطعام، بالإضافة إلى ارتداء الزي البني (الشاباص)، وإغلاق الأقسام.
وأكدت المتحدثة باسم نادي الأسير أماني سراحنة، لـ"العربي الجديد"، بدء الإضراب المفتوح عن الطعام، الذي يقوده ألف معتقل فلسطيني من الفصائل كافة في جميع المعتقلات الإسرائيلية، اليوم الخميس.
وعن تفاصيل هذه المعركة، قالت: "حتى ساعات الفجر الأولى، رفضت لجنة الطوارئ العليا للأسرى التي تشكلت بعد "نفق الحرية" في سبتمبر/أيلول الماضي، اقتراحاً قدمته إدارة المعتقلات الإسرائيلية ويفيد "بتجميد الإجراءات ضد الأسرى مقابل عدم الدخول بالإضراب".
وبحسب سراحنة، فقد ردت لجنة الطوارئ على مقترح إدارة السجون بالرفض والإصرار على إلغاء الإجراءات، وليس تجميدها.
وأوضحت أن "المفاوضات استمرت حتى ساعات الفجر الأولى بين إدارة المعتقلات والأسرى، ولكنها باءت بالفشل".
وأكدت مصادر من لجنة الطوارئ العليا للإضراب، لـ"العربي الجديد"، أنه "سيتم تسليم أسماء الأسرى المضربين عن الطعام لإدارة المعتقلات – وهو إجراء متبع في كل الإضرابات، نهاية اليوم".
وأكدت المصادر، التي تحفظت عن ذكر أسمائها، "أن الإضراب قد بدأ بالفعل، لكن خطوة تسليم أسماء الأسرى هي التي ستكون نهاية اليوم"، موضحة أن "المفاوضات الجارية حالياً لا تعني أن الإضراب لم يبدأ صباح اليوم".
وفي وقت سابق اليوم، أكدت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة، عزمها على خوض الإضراب عن الطعام ضمن خطواتها التصعيدية التي بدأتها منذ عشرة أيام لمنع فرض إجراءات جديدة من قبل إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت لجنة الطوارئ، في بيان، خاطبت فيه أبناء الشعب الفلسطيني: "نرسل لكم رسالتنا الأخيرة قبل خوضنا للإضراب المفتوح عن الطعام، الذي سنبدأ به هذا اليوم الخميس، 1/9/2022م، وذلك بعد تعنت الاحتلال وإصراره على إجراءاته التعسفية الانتقامية بحقنا، التي يسعى من خلالها للانتقام منا ولهدم مؤسساتنا التنظيمية التي هي أساس استقرار حياتنا الاعتقالية".
وتابعت اللجنة: "نخوض هذه المعركة بعزيمةٍ وإصرار لوقف هذه الهجمة، وهذا التعدي الصارخ على حياتنا وعلى منجزاتنا، نخوض هذه المعركة وكلنا ثقة بالله أنه ناصرنا ومخزي المعتدين".
وأعلنت لجنة الطوارئ تشكيل لجنة قيادة الإضراب، وهي الجهة المخولة بمتابعة التفاوض مع إدارة السجون وإدارة هذه المعركة، وذلك بالتشاور مع هيئاتها ومرجعياتها التنظيمية، وهم: "عمار مرضي ممثلاً عن حركة فتح، سلامة القطاوي ممثلاً عن حركة حماس، زيد بسيسي ممثلاً عن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وليد حناتشة ممثلاً عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حسين درباس ممثلاً عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين".
وقالت لجنة الطوارئ العليا للأسرى: "نخوض هذا الإضراب بوحدةٍ وطنية نتمنى أن تمتد وتترسخ في كافة ساحات الوطن وساحات مواجهة الاحتلال".
ودعت لجنة الطوارئ الشعب الفلسطيني وقطاعاته كافة لإطلاق "أكبر حملات الإسناد والتضامن مع أبنائكم الأسرى في معركة الأمعاء الخاوية، ولتقول الجماهير كلمتها بالتزامن مع بدء الإضراب وباللغة التي يفهمها عدونا، وبكافة الوسائل والإمكانات المتاحة".
ويقبع داخل السجون (4550) أسيراً، وذلك حتّى نهاية شهر يوليو/تموز 2022، من بينهم (27) أسيرة، و(175) قاصراً، ونحو (670) معتقلاً إداريا، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).
وتتدرج خطوات الأسرى التصعيدية، في إضرابهم الجماعي، بحسب ما نقله نادي الأسير الفلسطيني. فاليوم يبدأ 100 أسير من أصل أربعة آلاف وخمسمائة أسير في المعتقلات الإسرائيلية، على أن ينضم إلى الإضراب في المرحلة اللاحقة عدد آخر من الأسرى، مع تصعيد القسم الذي لم يدخل الإضراب بعد لخطواتهم الداعمة للأسرى المضربين، وصولاً إلى دخول الأسرى كافة في الإضراب المفتوح عن الطعام.
وحسب المعلومات المتوافرة لـ"العربي الجديد"، لا يوجد حتى الآن برنامج محدد لكيفية وتاريخ دخول بقية الأسرى للإضراب، وأي شيء بهذا الخصوص سيُعلَن من لجنة الطوارئ العليا للأسرى التي تشكلت بعد "نفق الحرية" في أكثر من سجن مثل "هدرايم" و"ريمون".
ومن أبرز الإجراءات التي يطالب الأسرى بإلغائها والتي أصبحت تمارس كسياسة يومية منذ "نفق الحرية"، استهداف الأسرى من ذوي الأحكام العالية بالنقل التعسفي المتكرر بحيث يمنع عليهم البقاء في الغرف والأقسام والمعتقلات ذاتها لفترات معينة، ويُنقَلون بشكل تعسفي متكرر.
كذلك يطالب الأسرى بإلغاء جملة إجراءات تستهدف نظام الحياة وتمسّ البنى التنظيمية للأسرى.
وبدأت إدارة المعتقلات بتفعيل قانون "تصنيف الأسرى بالخطرين" وهم الأسرى المحكومون بأحكام عالية، وهو أمر يطالب بإلغاء أيضاً الأسرى.
وإضافة إلى ما سبق، فإن من أبرز إجراءات إدارة السجون التعسفية التي أدت إلى تدهور الأوضاع في المعتقلات، استهداف أسرى حركة "الجهاد الإسلامي" بشكل وحشي بكل الإجراءات السابقة، نظراً لأن خمسة من أصل المعتقلين الستة الذين نفذوا عملية الهروب من "نفق الحرية" من جلبوع العام الماضي، هم أسرى "الجهاد الإسلامي" وهم: محمود العارضة، محمد العارضة، أيهم كممجي، مناضل نفيعات، يعقوب قادري، إضافة إلى الأسير من حركة فتح، زكريا الزبيدي.
وثمة مطالب إنسانية يدافع عنها الأسرى، ولعل إضراب اليوم ليس الأول في الحركة الأسيرة، إذ سبقه 25 إضراباً جماعياً، منذ 1967، تمكّن الأسرى من انتزاع حقوق أساسية، وخلالها شاركت الأسيرات مشاركة فاعلة إلى جانب الأسرى في معظم الإضرابات.
أبرز إضرابات الأسرى الفلسطينيين
- إضراب "عسقلان" عام 1970 وخلاله استشهد الأسير عبد القادر أبو الفحم، وهو أول شهداء الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال.
- إضراب "عسقلان" الشهير عام 1976 واستمر لمدة (45) يوماً، حيث استأنف الأسرى الإضراب مجدداً عام 1977 واستمر لمدة (20) يوماً، وهو من أطول إضرابات الحركة الأسيرة.
- إضراب "نفحة" الشهير عام 1980، وفيه استشهد الأسيران راسم حلاوة، وعلي الجعفري، والتحق بهما الأسيران، أنيس دولة، وإسحق مراغة.
- إضراب سجن "جنيد" عام 1984 استمر لمدة (13) يوماً.
- إضراب آخر في سجن "جنيد" نفّذه الأسرى عام 1987 شارك فيه (3000) أسير فلسطيني، واستمر لمدة (20) يوماً.
- وفي عام 1991، خاض الأسرى إضراباً عن الطعام في سجن "نفحة" استمر لمدة (17) يوماً.
- وفي عام 1992، نفّذ الأسرى إضراباً عرف بإضراب "أيلول" الشهير، وشارك فيه نحو 7000 أسير، واستشهد خلاله الأسير حسين عبيدات.
- وفي عام 2000 نفّذ الأسرى إضراباً استمر لمدة شهر.
- وفي عام 2004 استمر لمدة 19 يوماً.
- وفي عام 2011 أضرب الأسرى مدة 22 يوماً.
- وتلاه إضراب عام 2012 استمر 28 يوماً.
- وفي عام 2014، نفّذ المعتقلون الإداريون إضراباً عن الطعام استمر 62 يوماً.
- وكان آخر إضراب جماعي نفّذه الأسرى (إضراب الكرامة) عام 2017، واستمر لمدة 42 يوماً.
- ونفّذ نحو 400 أسير إضرابات فردية عن الطعام منذ أواخر عام 2011، جلها كانت ضد الاعتقال الإداري.