ألاعيب "عودة" اللاجئين السوريين

19 اغسطس 2022
مواطنون في دوما بريف دمشق، 2017 (عامر المهيباني/فرانس برس)
+ الخط -

تضم مناطق محافظة دمشق، مع غيرها من محافظات سورية، ملايين المُهجرين السوريين، نتيجة ممارسات نظام الأسد وداعميه، حصاراً وتجويعاً وقصفاً.   

في غوطتي دمشق الغربية والشرقية، تستمر جرّافات التغيير الديمغرافي والطبوغرافي في عملها، كما في كفرسوسة والمعضمية وداريا، ومخيمي فلسطين واليرموك وحيّ الحجر الأسود، وعشرات مناطق طريق المطار، وبينها السيدة زينب. وتحال كل مناطق "الانتصار على المؤامرة الكونية"، من حوران جنوباً إلى الشمال، مروراً بحمص ومنطقة سيطرة "حزب الله" اللبناني في القصير، إلى تقسيمات مليشياوية، و"بزنس" حيتان قصر المهاجرين.  

يعرف السوري والفلسطيني - السوري المهّجر، داخل سورية وفي مناطق الجوار، أنه لا يستطيع سوى النظر بحسرة إلى مسقط رأسه. فمجرد التجول بين ركامه يحتاج إلى "موافقة أمنية"، بعدما نُهبت (تعفيشاً) حتى أسياخ الحديد من مساكنهم.  

ملاحقة لاجئي سورية، وافتعال ضجيج حولهم ليس جديداً. فموسكو ساهمت منذ عام 2015 بتشويههم بالأخبار الكاذبة والزائفة، في موازاة إطلاق نظام الأسد تهديدات صريحة لهم بعد تخوينهم، وطلب "مجتمع متجانس" بمعية مليشيات متعددة الجنسيات.  

أما تسارع الجهود أخيراً لتسويق كذبة أن سورية باتت آمنة، لرفع مستوى ضجيج إعادة اللاجئين السوريين أو عودتهم "الطوعية"، فهي لا تهدف فقط إلى التطبيع مع نظام أحال حياة البشر والحلول السياسية إلى استحالة. بل إن أعين لوردات الحرب، وإقطاعياتهم، تركز على جيوب "المجتمع الدولي"، كما هو الأمر منذ عام 2018 بمؤتمرات خلّبية تحت عناوين العودة وإعادة البناء. وفي زلّات ألسنة ممثلي الأسد في الإعلام ما يوضح الهدف المالي، كما حصل بُعيد زيارة وفد لبناني (وزاري) أخيراً إلى دمشق، باعتبار أن عودة السوريين تتطلب "جهوداً دولية". 

في كل الأحوال، الوقائع التي يجري تجميلها، من خلال بروباغندا تزيين شوارع وافتتاح مطاعم، وإعطاء انطباع أن سورية صارت "واحة سياحية"، كلّها وغيرها في قائمة الانهيارات الحقيقية، لم تعد تقنع حتى "الموالين" الذين أقاموا حلقات الدبكة والرقص العام الماضي، تحت سقف "انتخابات رئاسية"، بـ"الأمل في العمل"، ويعيشون اليوم صدمات وخيبات "الانتصار"، مع بقايا نظام عاجز حتى عن تأمين شربة ماء أو إنارة منزل. 

باختصار، مثلما بقي مهجرو الداخل ينظرون بحسرة إلى مناطقهم المحظورة عليهم، يظل كل نقاش عن "عودة آمنة للاجئين" مرهونا بنهاية هذا النظام الأمني - المليشياوي، وإن تحت سقف قرار الأمم المتحدة 2254. بغير ذلك، لا شيء باق سوى مزيد من تحلل سورية وإفراغها من شعبها.