شهدت مناطق شمال وشرق سورية، اليوم الأحد، فعاليات عدة في الذكرى العاشرة لتأسيس "الإدارة الذاتية" الكردية، والتي تتزامن مع الذكرى السادسة لسيطرة القوات التركية على منطقة عفرين، ذات الغالبية الكردية، شمالي غرب سورية.
وتوجت الفعاليات الثقافية والشعبية والرسمية، بمظاهرة مركزية كبيرة انطلقت من دوار عثمان صبري في المدخل الغربي للمدينة وصولا إلى ساحة الملعب البلدي، وانضم إليها مشاركون من نواحي تل خميس وعامودا والدرباسية والجوادية والقحطانية، فيما جرى إغلاق جميع الأسواق والمحلات التجارية.
وندد المتظاهرون بالقصف التركي الأخير على مناطق شرق سورية والذي تركز على البنى التحتية، ما أوجد أزمة حادة في توفير الوقود للسكان، فيما أصدرت الإدارة الذاتية بياناً بمناسبة ذكرى تأسيسها، أكدت فيه صوابية قرار التأسيس، واعتبرت أن الإدارة تمثل جميع مكونات المنطقة العرقية والدينية، كما هاجمت النظام السوري الذي قالت إنه "واجه مطالب الشعب بالحرية والكرامة بآلة الحرب والقتل، وما زال مستمراً بعدم قبوله الحلول السياسية والتحول الديمقراطي في سورية".
وهاجم البيان قوى المعارضة السورية، قائلا إنها "لا تحمل مشاريع الحل والتحول الديمقراطي بسبب عدم جدية ومسؤولية من ادعوا قيادة الثورة، الذين أصبحوا مأجورين للقوى الطامعة لاحتلال الأراضي السورية"، مؤكدا في الوقت نفسه أن تركيا "تستغل الظروف الإقليمية والدولية والملفات الساخنة على الساحة الدولية، لمحاربة تربة الإدارة والسيطرة على مناطقها والتهجير القسري لسكانها".
من جهتها، اعتبرت فيفيان بحو أوسي من "الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في مقاطعة الجزيرة"، أن تجربة الإدارة الذاتية كانت ناجحة برغم الظروف الصعبة التي ولدت من رحمها، والتي رافقتها طيلة السنوات الماضية.
وأضافت بحو أوسي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هذه الإدارة ضمن الإمكانيات الضعيفة، ومحاربتها من جانب قوى عدة، وفي مقدمتها تركيا، استطاعت تقديم خدمات مهمة لمجمل المواطنين في مناطق وجودها، معتبرة أنها نموذج فريد للتعايش والتعاون بين مكونات المنطقة على أساس المساواة والتمثيل الديمقراطي.
ذكرى السيطرة التركية على عفرين
وتتزامن هذه المناسبة مع ذكرى بدء العملية العسكرية التركية (غصن الزيتون) للسيطرة على منطقة عفرين عام 2018، والتي شهدت أيضا فعاليات كردية عدة، للتنديد بـ"الاحتلال التركي" للمنطقة، وما تسبب به من تهجير للسكان.
وقال إبراهيم شيخو، الناشط الحقوقي الكردي من عفرين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المنطقة بعد 6 سنوات من السيطرة التركية "تغيرت ملامحها كثيرا من النواحي الأمنية والديمغرافية والجغرافية، نتيجة اتخاذ تركيا إجراءات ساهمت بشكل مباشر في تغيير هيكلية المنطقة، خاصة تركيبتها السكانية، عبر تهجير السكان الأصليين، وتوطين فئات أخرى من العرب والتركمان بدلا منهم، وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة الكرد تدنت إلى 23 في المائة، بعد أن كانت 95 في المائة، ونسبة العرب والتركمان وصلت إلى 77 في المائة"، وفق قوله.
ولفت شيخو أيضا إلى محاولات "تتريك المنطقة من خلال رفع صور تركية أو تسمية الشوارع بأسماء زعماء أتراك، ورفع العلم التركي، وفرض اللغة التركية". مضيفا أن إدارة منطقة عفرين تتم من قبل الاستخبارات التركية والوالي التركي في هاتاي، والذي يشرف على كل المفاصل الإدارية والأمنية، ما يعني أن المنطقة تتجه نحو التتريك، وتخضع للقوانين والإجراءات التركية، وقد انفصلت عن محيطها السوري والكردي.
ورأى شيخو أنه إذا استمر الوضع على هذا الشكل، فسوف يكون مصير عفرين مشابها لمصير لواء اسكندرون الذي ضمته تركيا إليها في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، مؤكدا أن الاستخبارات التركية والفصائل التركمانية المدعومة من أنقرة، تدير المنطقة بقبضة من حديد، بهدف دفع السكان الأصليين إلى الهجرة من المنطقة.
في غضون ذلك، أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في بيان، أنها نفّذت سلسلة عمليات ضد القوات التركية أسفرت عن مقتل جنديين تركيين و17 من عناصر الجيش السوري الوطني المدعوم من قبلها خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال البيان إن "قوات مجلس منبج العسكري" التابع لقسد، استهدفت نقطة للفصائل الموالية لتركيا في قرية الصيادة، إضافة إلى استهداف قاعدة تركية في قرية شركراك شمال شرق بلدة عين عيسى، في محافظة الرقة، تزامناً مع عمليتين ضد قاعدة تركية، ومثلها للفصائل في قرية تينا، ومزرعة في قرية معلق في ريف محافظة الرقة.