أفكار إسرائيلية مبكرة لمعبر رفح ومحور "فيلادلفيا" وإدارة غزة

23 نوفمبر 2023
تتحدث إسرائيل عن آلية عمل جديدة لمعبر رفح (علي مصطفى/Getty)
+ الخط -

تدرك إسرائيل وبقية الأطراف المعنية بالعدوان على غزة أن مصير القطاع وكل ما يتعلق بما يسمى "اليوم التالي" لانتهاء الحرب، ومن يحكم غزة وكيف، يتوقف على سير المعارك في الميدان. ووسط وجود إجماع على أن الحرب لن تنتهي قريباً على الأرجح، فإن المؤكد أنه من المبكر طرح مشاريع وأفكار لما قد يكون عليه ذلك "اليوم التالي".

لكن رغم ذلك، تستعجل تل أبيب طرح أفكارها وتصوراتها الخاصة على العواصم المعنية، ومنها القاهرة، حول إدارة غزة ومعبر رفح ومحور "فيلادلفيا".  

وتحدثت مصادر مصرية، لـ"العربي الجديد"، عن تفاصيل مقترحات إسرائيلية جديدة في هذا الخصوص. وقال مصدر مصري إن حكومة الاحتلال ترى أنه "لا يمكن استمرار عمل المعبر بالآلية السابقة قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتتحدث عن آلية عمل جديدة للمعبر، تقوم على إدخال تقنيات وأساليب مراقبة، تضمن عدم مرور أي من المواد التي قد تستعين بها المقاومة لاحقاً".

إسرائيل تسعى لتغيير شكل إدارة المعبر

وأوضح المصدر أن "النقاشات الإسرائيلية بشأن التصور الخاص بمعبر رفح عقب انتهاء الحرب، تطرقت أيضاً إلى إدارة المعبر، إذ تسعى حكومة الاحتلال إلى تغييرها بالشكل الذي يضمن لها دوراً رسمياً في مراقبته ومتابعة عمله، إلى جانب توسيع أدوار الأطراف الدولية والأممية في إدارته".

رجح مصدر مصري عدم قبول القاهرة بالحديث عن أنظمة مراقبة، تكون مسلطة على الإدارة المصرية للمعبر

وكشف المصدر عن "رغبة إسرائيلية في إعادة بناء المعبر عقب الحرب بشكل يعتمد أكثر على الجوانب التكنولوجية والتقنية في عمليات المراقبة والتفتيش، وتخفيض نسبة مشاركة العنصر البشري، مع التوسع في أنظمة كاميرات المراقبة على عمل المعبر".

وحول الموقف المصري من هذه التصورات الإسرائيلية، قال المصدر إن "القاهرة لم تتعاط معها بأي شكل من الأشكال في الوقت الراهن، معتبرة أن الأولوية القصوى حالياً هي لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن، معتبرة أن أي حديث عن المستقبل في الوقت الراهن سيكون غير ذي جدوى قبل وقف الحرب".

رفض مصري لوضع أنظمة مراقبة على المعبر

ورجح المصدر، في الوقت ذاته، "عدم قبول القاهرة بالحديث عن أنظمة مراقبة تكون مسلطة على الإدارة المصرية للمعبر، أو على الحدود المصرية، وهو ما سبق أن رفضته في وقت سابق عندما أثير في أعقاب واقعة المجند المصري محمد صلاح الذي قتل 3 جنود إسرائيليين، في إبريل/ نيسان الماضي، حين طلب المسؤولون في حكومة الاحتلال إعادة صياغة بعض الإجراءات الأمنية على الحدود بين مصر والأراضي المحتلة عبر تركيب كاميرات مراقبة، وهو ما تم رفضه بشدة في حينه".
 

وأشار المصدر إلى أن "قبول القاهرة في الوقت الراهن بتوسعة أدوار الفرق التابعة للأمم المتحدة عند معبر رفح يأتي فقط من أجل تسريع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة وتجاوز العراقيل الإسرائيلية"، لافتاً، في الوقت ذاته، إلى أن هذا "لا يعني قبول مصر استمرار هذا الوضع، أو القبول بأي إجراءات تمثل مساساً بالسيادة المصرية على أراضيها ومرافقها".

رفض مصري لوجود إسرائيلي على محور فيلادلفيا

في السياق نفسه، كشف المصدر عن نقل القاهرة ما وصفها بـ"رسائل واضحة" لحكومة الاحتلال وأطراف دولية، تتعلق "برفض أي وجود إسرائيلي على محور فيلادلفيا المتاخم للشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة من الجانب الفلسطيني".

ولفت إلى أن "مسؤولين إسرائيليين لمّحوا إلى خطط ترمي لذلك، تحت دعوى منع فصائل المقاومة من تشييد أنفاق في تلك المنطقة، ومنع تهريب السلاح إلى القطاع". وأوضح المصدر أن "المسؤولين في القاهرة ردوا على الحجج التي أطلقها مسؤولون إسرائيليون بأن الأجهزة المصرية المعنية تقوم بواجبها على أكمل وجه في ما يتعلق بتلك المخاوف، وأن مصر قامت بهدم كافة الأنفاق في تلك المنطقة، وأن هذا الأمر شهد وقائع من فترة قريبة تتجاوز العام بقليل".

وفي السياق، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور عصام عبد الشافي، في حديث، لـ"العربي الجديد"، إن "الحديث عن إمكانية التدخل الإسرائيلي بمعبر رفح مهم ووارد بقوة، في ظل التسويات الإقليمية في هذه المنطقة، بعد تداعيات أحداث عملية طوفان الأقصى".

وأضاف أن "إسرائيل يمكن أن تدخل في عملية المراقبة، سواء في حركة الأفراد أو البضائع، وهناك خشية من أن النظام في مصر يمكن أن يقبل بأي وجود إسرائيلي في هذه المرحلة".

عبد الشافي: التنسيق بين مصر وإسرائيل موجود منذ 2013

وأشار عبد الشافي إلى أن "الوجود الإسرائيلي ليس محصوراً في المعبر فحسب، لكن الوجود الأمني والاستخباراتي والمعلوماتي والتنسيق الأمني موجود وقائم منذ 2013 وحتى الآن، بل إن القوات الإسرائيلية شاركت في عدد من الحملات بطائرات من دون طيار ضد بعض المسلحين المناوئين للنظام في شبه جزيرة سيناء خلال السنوات الماضية، وتوجد الكثير من التقارير الرسمية الصادرة عن مؤسسات حكومية أو مراكز بحثية تؤكد ذلك".

وأضاف: "بالتالي فإن الخوف من عدم وجود تحفظ على عودة إسرائيل للتنسيق والإشراف والمتابعة للمعبر يظل وارداً، بدليل أنه إذا كنا نتحدث عن المعبر - حيث لا توجد أي صلاحيات لإسرائيل وفقاً لاتفاقية فيلادليفا، والمفترض أن هذا المعبر يربط فقط بين مصر وقطاع غزة، وبالتالي لا توجد ولاية رسمية لإسرائيل - لكننا تابعنا ما تقوم به إسرائيل، وعدم قدرة مصر على فتح المعبر دون استئذان وعدم قدرتها على تمرير أي شيء من أدوية ومساعدات إنسانية لمواطني القطاع".

كشف مصدر مصري عن طرح إسرائيلي جديد بشأن إدارة قطاع غزة يقوم على تشكيل مجلس مدني لإدارته

وتابع: "بالتالي أعتقد أن فكرة القبول بالتدخل والوجود الإسرائيلي واردة وبقوة، وقد يتم ذلك بعيداً عن وسائل الإعلام والتصريحات الرسمية التي سترفض الفكرة والتي ستؤكد أيضاً سيادة مصر على أراضيها، كما تابعنا التصريحات خلال الفترة الماضية منذ معركة طوفان الأقصى. ولكن هناك فارقاً كبيراً بين التصريحات العلنية التي يتم تداولها أمام وسائل الإعلام والممارسات والتنسيق الفعلي القائم".

من جهته، أشار المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير رخا أحمد حسن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى "اتفاقية عام 2005، الخاصة بتنظيم المرور عبر المعابر بين مصر وغزة وإسرائيل، وتحديد المسموح بدخوله من كل معبر".

وقال إنه "رغم انسحاب المراقبين الدوليين من مراقبة هذه المعابر بعد الانسحاب الأحادي لإسرائيل من قطاع غزة، وفرض الرقابة الإسرائيلية من كل جانب على غزة، فإن الاتفاقية لا تزال سارية حتى الآن، ولكن هل سيتم تنشيط الرقابة الدولية المشتركة على المعابر، أو إضافة ترتيبات أخرى، وإلى أي مدى ستقبل الأطراف المختلفة بها، كل هذا تجري مباحثات مكثفة بشأنه ولم تتضح الصورة بعد".

وفي السياق ذاته، قال الباحث المتخصص في الشأن الأمني والعسكري المصري وشبه جزيرة سيناء مهند صبري، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر منذ بداية الحرب في موقف رد الفعل وليس الفعل، وموقف التعاطي مع الأمر الواقع وليس فرض الأمر الواقع. كما أن إسرائيل تفعل ما يحلو لها، وصرحت في أكثر من مرة بأنها ستسيطر على قطاع غزة بالكامل، حتى أن الولايات المتحدة قالت إن محاولة إسرائيل إعادة احتلال القطاع والسيطرة عليه خطأ سياسي واستراتيجي".

وتابع صبري أنه "حتى دون السيطرة على معبر رفح، فإن إسرائيل هي التي تسمح لقوائم الأفراد الفلسطينيين بالخروج، بما في ذلك المصابون. وذلك يتم حتى دون سيطرة فعلية عسكرية على معبر رفح على الأرض، ومصر ترضخ لذلك. ولنا في هذا عبرة في ماذا يمكن أن يصير إذا حدث احتلال لمعبر رفح".

طرح إسرائيلي جديد لإدارة غزة

في غضون ذلك، كشف مصدر مصري آخر عن "تفكير إسرائيلي في طرح جديد بشأن إدارة قطاع غزة في أعقاب العدوان الدائر بالقطاع". وأوضح أنه "في أعقاب رفض مصر المقترحات الخاصة بإشرافها على إدارة القطاع لفترة انتقالية، وكذلك رفض السلطة تسلمه إلا في إطار حل الدولتين، بدأت دوائر إسرائيلية تطرح تصوراً جديداً على الإدارة الأميركية وبعض الأطراف ذات الصلة، يقوم على إدارة فلسطينية، ولكن عبر تشكيل مجلس مدني مكون من قادة محليين من زعماء العائلات الكبرى من غير المنتمين لحركة حماس ورجال أعمال من أصحاب الشركات الكبرى في القطاع، مدعومين بممثلين لمنظمات دولية تابعة للأمم المتحدة".

وأوضح المصدر أن "التصور الإسرائيلي يتضمن إشرافاً أميركياً أو إسرائيلياً على عمل المجلس، الذي من المقرر له أن يكون ضمن مرحلة انتقالية". ولفت، في الوقت ذاته، إلى أن "المناقشات الإسرائيلية بشأن هذا التصور لا تزال قائمة للوصول إلى صيغة متعلقة بإدارة الأمن في القطاع في هذه الحالة".

المساهمون