أعراض بوتين... خلخلة أوروبا

22 يوليو 2022
اضطر كونتي للاستقالة بعد مأزق تحضر موسكو فيه (أنطونيو مازييلو/Getty)
+ الخط -

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا قبل 5 أشهر، سعى ساسة أوروبا إلى لجم موسكو بالمقاطعة والعقوبات، معتبرين أن تقرير مصير الغاز والطاقة بيدهم. لكنهم الآن يصطدمون برغبة روسية لجعل القارة العجوز تئن قبل موسم الشتاء.

وعلى مستوى الاستثمار الروسي في بعض الطبقة السياسية-الحزبية الأوروبية، يبدو الاتحاد الأوروبي، الذي تُقدّمه الدعاية الروسية بأنه "محكوم من ديكتاتوريات"، في مواجهة تأثيرات كثيرة على وحدة موقفه، وعلى مستوى الداخل في بعض دوله.

منذ البداية، كانت المجر، بعهدة رئيس وزرائها القومي المحافظ فيكتور أوربان، تبدي تمرداً حيال مقاطعة روسيا، وينسحب ذلك بشكل مكتوم على دول أخرى، وهو أمر ليس ببعيد عن استثمار محيط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العلاقة مع أحزاب أوروبية.

أخيراً، أصبحت تأثيرات "أعراض بوتين" أكثر وضوحاً في روما، المهمة لاقتصادات القارة. فرئيس حكومة "الوحدة الوطنية" الإيطالية ماريو دراغي، اضطر إلى تقديم استقالته، بعد مأزق تسبّب فيه حزب "النجوم الخمس" الشعبوي، والمتهم من أحد قادته السابقين، وزير الخارجية لويجي دي مايو، بأنه تحت هيمنة جوزيبي كونتي، "يخدم مصالح روسيا". تلك الاتهامات تشمل أيضاً حزب "ليغا" وزعيمه ماتيو سالفيني، مع تراجع نسبة مؤيدي دعم أوكرانيا في الشارع الإيطالي، وتقدّم الفاشيين في الاستطلاعات.

وإذا أضيف الحديث عن عودة "الستار الحديدي"، ممتداً من الدائرة القطبية الشمالية، مروراً بالبلطيق، وحتى القوقاز، فإن الصراع الغربي-الروسي على المواد الخام في القطب الشمالي بات أكثر احتداماً، ويتخذ أشكالاً من العسكرة غير المسبوقة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي قبل نحو 30 سنة، وبالأخص في أقصى شمال اسكندنافيا، مع زيادة ملحوظة للتواجد الأميركي والغربي قرب شبه جزيرة كولا الروسية.

ويبدو أن "الستار الحديدي" صار ينعكس على أوضاع داخلية في دول البلطيق (ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا)، التي تخشى مصيراً أوكرانياً. وجاءت محاولة إسقاط رئيسة حكومة إستونيا كاجا كالاس أخيراً، على يد حزب للأقلية الروسية مرتبط بحزب بوتين، لتذكّر بمستوى التأثير الروسي.

في المجمل، فإن أوروبا التي تعتبر أن قوتها تكمن في ديمقراطيتها، تواجه جدياً اختراق النخبة الروسية لساحاتها الحزبية، وبشكل خاص لتلك الموصوفة بـ"الاحتجاجية"، المتمردة على الطبقات السياسية الغربية التقليدية، من إسكندنافيا وألمانيا إلى إيطاليا. وبهذا لا تواجه أوروبا فقط تحديات بدائل الغاز والطاقة الروسية، وارتفاع التضخم، بل شتاء قاسياً، مع بدء ظهور أعراض بوتين على امتداد "الستار الحديدي" الجديد.

المساهمون