أسرى فلسطينيون يضربون لمطالبة السلطة بصرف رواتبهم المقطوعة

31 أكتوبر 2021
يتحمل أهالي الأسرى المقطوعة رواتبهم عبئاً كبيراً (مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -

بنبرة ملؤها الأمل بحثاً عن محاولات لصرف راتب أو مخصصات مالية لابنها الأسير منذ أربع سنوات، عمر العبد (23 عاماً)، تؤكد ابتسام العبد، من بلدة كوبر شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، أنها استنفدت كل المحاولات مع المؤسسات الرسمية وتلك التي تعنى بحقوق الأسرى. تقول ابتسام العبد، لـ"العربي الجديد": "لم أترك باباً إلا وطرقته من أبواب المؤسسات والجهات الرسمية الفلسطينية والمعنية بحقوق الأسرى وشؤونهم، لصرف راتب لابني الأسير أسوة بباقي الأسرى وعائلاتهم، لكن من دون جدوى، لأجد نفسي أمام الجواب الوحيد المكرر: القتيل أميركي".

هناك 61 أسيراً فلسطينياً مقطوعة رواتبهم من قبل السلطة

61 أسيراً فلسطينياً مقطوعة رواتبهم من قبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، تحاول عائلاتهم جاهدة منذ سنوات صرف رواتبهم، أو استئناف رواتب آخرين. فبعض الأسرى كعمر العبد، وهو منفذ عملية داخل مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضي شمال غرب رام الله، والتي قُتل فيها أربعة مستوطنين، وهو محكوم بالسجن أربعة مؤبدات، لم يصرف له بالأصل أي راتب، ولا حتى لشهر واحد. تقول والدته ابتسام: "قالوا لي إن جهات أميركية منعت صرف راتب لابني، ولا أعرف من أين يمكننا إرسال المال لعمر وهو في السجن، إذ يحتاج شهرياً ما يزيد عن ألف شيقل (ما يقارب 350 دولاراً أميركياً)، ووالده لا يعمل طيلة الأسبوع، وهو مصاب بتشمع الكبد، كما أن إخوته أسرى محررون، أفرج عنهم حديثاً من سجون الاحتلال، وما زال لدي ابنان غير متزوجين، ما زلنا ننفق عليهما المصاريف الحياتية".
يتحمل أهالي الأسرى المقطوعة رواتبهم من قبل السلطة الفلسطينية عبئاً كبيراً بالتكفل بمصاريف "الكانتينا"، أو مقصف السجن، لأبنائهم بشكل شهري، كما يؤكدون، مع العلم أن بعض العائلات لا تستطيع توفيرها، عدا عن أن الأسير نفسه قد يكون هو المعيل الوحيد للعائلة، وباعتقاله أضيفت لعائلته مصاريف مرهقة إضافية. فقد اضطرت عائلة عمر العبد لبيع أكثر من قطعة أرض لبناء منزل جديد بعد هدم الاحتلال منزل العائلة، عقب اعتقال ابنهم، وحتى تتمكن من الإنفاق عليه داخل السجن.
تقول والدة العبد، لـ"العربي الجديد": "عندما تمكن 6 أسرى من الهرب من سجن جلبوع الإسرائيلي في السادس من سبتمبر/ أيلول الماضي، كان عمر قابعاً في السجن. وعندما تم الاعتداء على الأسرى وإخلاؤهم إلى سجن شطة القريب، لم يسمحوا لهم بأخذ أي شيء من مقتنياتهم ولا ملابسهم. لقد علمنا أن عمر خرج حافياً بعد الاعتداء عليه بالضرب، وها أنا أخطط لشراء مقتنياته الشتوية كاملة من جديد، لقد اشترى له والده بعض الملابس الشتوية ولا نعرف إن كانت إدارة السجون ستقبل إدخالها أو لا؟".

الحال ليس بأفضل لدى عائلة الأسير خليل جبارين (19 عاماً) من مدينة يطا جنوب الخليل جنوب الضفة الغربية. ويقول شقيقه أيمن جبارين، لـ"العربي الجديد": "لم يتلقَ خليل أي مستحقات مالية أو مصاريف من قبل السلطة الفلسطينية منذ اليوم الأول لاعتقاله عام 2018. وعلى الرغم من توجهنا للعديد من الجهات، فإن وعودها غير صادقة، إذ قالوا سنحل الأمر قريباً، وها هو خليل قد دخل عامه الرابع في الاعتقال على هذه الحال". منذ اعتقال خليل جبارين وعائلته تجابه إجراءات إسرائيلية تنكيلية زادت عبء الإنفاق على خليل في السجن وباقي أفراد العائلة خارجه، فقد سحبت سلطات الاحتلال أي تصريح عمل أو دخول للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 من عائلته، وخصوصاً الأب وهو المعيل للعائلة، وعلى إثر ذلك أصبح عاطلاً عن العمل، بحسب ما تؤكد عائلة الأسير جبارين في حديثها لـ"العربي الجديد".
ويطالب أهل الأسيرين عمر العبد وخليل جبارين الجهات الرسمية الفلسطينية بالتكفل بمصاريف ابنيهما في سجون الاحتلال، ومنحهما مخصصات مالية ثابتة كما باقي الأسرى. ومن المتوقع أن تنطلق مطلع الأسبوع المقبل حملة للأسرى المقطوعة رواتبهم على الصعيد القانوني والحقوقي والإعلامي لمطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالنظر في قضية الأسرى المقطوعة رواتبهم. وتقول مسؤولة اللجنة الإعلامية في الحملة نور إسليم، لـ"العربي الجديد": "من المقرر أن تكون الحملة وطنية وحقوقية متعددة الأدوات والمهام، ما بين جهد إلكتروني وميداني، ويشارك فيها أهالي الأسرى المقطوعة رواتبهم، ومؤسسات حقوقية تعنى بشؤون الأسرى، تبدأ باعتصام الأهالي، خاصة أهل الأسير رامي النجار من قطاع غزة وهو المضرب عن الطعام في سجون الاحتلال منذ خمسة أيام".

نور إسليم: من المقرر أن تكون الحملة وطنية وحقوقية متعددة الأدوات والمهام

ووفق إسليم، "فإن الحملة تطالب بصرف رواتب 61 أسيراً بينهم أسيرة محررة أفرج عنها قبل أسبوع، وهي نسرين أبو كميل، وقد قطع راتبها منذ ثلاث سنوات، أي بعد اعتقالها بثلاث سنوات، ومن المتوقع أن ينضم للإضراب عن الطعام والماء سبعة أسرى آخرين ينتمون لحركة الجهاد الإسلامي".
وكتب الأسير رامي النجار (33 عاماً) رسالة مؤثرة، قال فيها: "ما دفعني لأرسل هذه السطور من رحم المعاناة أنه طفح الكيل ولم يعد أمامي إلا ما أقدمت عليه من إضراب عن الطعام، فقد ساءني وما زال حتى هذه اللحظات التعدي على حقي وحق أهلي، ليسلب منا الحياة الكريمة التي عشناها إلا طالبين حياة كريمة، واليوم أفتقدها ولا أعلم أيدرك المسؤولون هذا أم لا؟ وليتهم يشعرون!". وأضاف في رسالته: "ماذا تبقّى للأسير إن انقطعت به أساليب حياة كريمة. لا أطلب الكثير، فقط احفظوا كرامتي وكرامة أهلي ولا تجعلونا متسولين. نحن الأسرى شرف، ورأس الحربة لحفظ كرامتكم، فلا تهدروها من أجل مصالح ضيقة وحسابات رخيصة".