أرمينيا: من هو باغرات غالستانيان الذي يقود التظاهرات ضد باشينيان؟

29 مايو 2024
باغرات غالستانيان في يريفان أمس الأول (كارين ميناسيان/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- باغرات غالستانيان قاد تظاهرات ضد خطة تسليم قرى حدودية لأذربيجان، معلنًا عن حملة عصيان مدني، مستخدمًا تكتيكات احتجاجية لتشكيل "حكومة الشعب" ومعارضة التنازلات الإقليمية مع الحفاظ على دعم عملية السلام.
- استقال من منصبه الديني، مشيرًا إلى نواياه بتولي منصب رئاسة الحكومة، مستفيدًا من الدعم الشعبي والكنسي ضد السياسات الحالية والتنازلات الحدودية للحكومة الأرمينية.
- يحظى بدعم كبير من الكنيسة الأرمنية التي انتقدت الحكومة الحالية ووصفت التظاهرات بـ"انتفاضة الأرمن الصالحة"، مما يعزز موقفه في الساحة السياسية ويسعى لتغيير الواقع السياسي والتأثير على التسوية مع أذربيجان.

بعد أكثر من شهر على إطلاقه حملة في أرمينيا ضد خطة حكومة نيكول باشينيان التنازل عن أربع قرى حدودية لأذربيجان، قفز باغرات غالستانيان رئيس أساقفة أبرشية تافوش في شمال شرق أرمينيا، حيث تقع هذه القرى، إلى الواجهة بتصدره قيادة التظاهرات ضد باشينيان. وتحمل القرى الأربع، التي سلمتها حكومة باشينيان إلى أذربيجان رسمياً يوم السبت الماضي، أهمية استراتيجية بالنسبة لأرمينيا، إذ إنها تشرف على طريق سريع حيوي يوصل إلى جورجيا.

باغرات غالستانيان يقود التظاهرات ضد باشينيان

وفي مؤشر إلى انتقال التظاهرات ضد باشينيان إلى مستوى جديد، خرج مئات المحتجين إلى الشوارع في أنحاء البلاد، أمس الأول الاثنين، محاولين إغلاق الطرقات، في إطار ما وصفها غالستانيان بـ"حملة عصيان مدني على مستوى البلاد". وبعد يوم من إعلان المعارضة في أرمينيا ترشيحه لمنصب رئيس الحكومة، بعد مشاورات مع ممثلي الأحزاب السياسية والهيئات الحكومية والدوائر العلمية والثقافية، فضلاً عن رجال الأعمال والمحامين، أعلنت الكنيسة الرسولية الأرمينية في بيان، أمس الاثنين، تنحية غالستانيان من "الخدمة الدينية والإدارية" بناء على طلبه، من دون أن تتخلى عن دعمه. وكان رجل الدين قد أعلن، الأسبوع الماضي، أنه ينوي التخلي عن منصبه الديني لمنافسة باشينيان على منصب رئاسة الحكومة، تنفيذاً لـ"متطلب تقني".

 

تبنى غالستانيان التكتيكات الاحتجاجية التي اعتمدها باشينيان للوصول لرئاسة الحكومة

وكانت حركة "تافوش من أجل الوطن الأم"، التي يقودها غالستانيان، قد بدأت حملة التظاهرات ضد باشينيان في 21 إبريل/ نيسان الماضي بإغلاق الطريق السريع بين أرمينيا وجورجيا بالقرب من قرية كيرانت، وهي إحدى القرى التي كانت ستتأثر بعملية التسليم إلى أذربيجان. وبدأ غالستانيان حملة التظاهرات ضد باشينيان عبر قيادته في التاسع من مايو/ أيار الحالي، المتظاهرين نحو العاصمة يريفان. وانضم الآلاف إلى غالستانيان صاحب الشخصية الكاريزمية والمثيرة للجدل في مسيرته التي استمرت ستة أيام تضامناً مع سكان تافوش. وبينما كان يقود المتظاهرين في مسيرة إلى يريفان، شوهد غالستانيان، المصاب بمرض الدوالي، وهو يتوقف في الكثير من الأحيان على جانب الطريق لتضميد الجروح في ساقيه النازفتين.

تبني تكتيكات باشينيان الاحتجاجية

وتبنى غالستانيان التكتيكات الاحتجاجية التي اعتمدها باشينيان في العام 2018، والتي أدت لوصوله إلى رئاسة الحكومة، وهي تشمل مزيجاً من المسيرات الحاشدة ومجموعات صغيرة من المتظاهرين الذين يقومون بإغلاق الشوارع في جميع أنحاء العاصمة. وندد غالستانيان أمام المحتجين في يريفان، الأحد الماضي، بباشينيان ووصفه بأنه "كاذب" مسؤول عن الهزائم الأرمينية والتنازلات الإقليمية لأذربيجان. وقال: "نحن بحاجة إلى حكومة جديدة، حكومة الشعب، حكومة مصالحة". وأضاف: "إننا نعيش في زمن الفرح المسروق والعار عندما تكون كل حدود وطننا في خطر". ورغم التصريحات النارية بحق باشينيان، فإن غالستانيان لا يعارض عملية السلام وترسيم الحدود النهائية مع أذربيجان.

وتشي استقالة غالستانيان من منصبه كرئيس أساقفة أبرشية تافوش وتصريحات سابقة له بأنه يمكن أن يتخلى عن جنسيته الكندية وجود نوايا لديه بتولي منصب رئاسة الحكومة، لأنه وفقاً للدستور الأرميني فإنه لا يجب أن يحمل المرشح لرئاسة الحكومة جنسية أجنبية.وفي ظل النقمة الكبيرة على السياسيين من جميع الأطياف، يملك غالستانيان، الذي يقود التظاهرات ضد باشينيان والذي يتمتع باحترام جماهيري ودعم من الكنيسة نتيجة عمله في الشتات من روسيا إلى كندا، بحظوظ كبيرة في أن يطيح بباشينيان ويتولى منصب رئيس الحكومة.

ويبقى السؤال حول الأدوات التي يملكها لتغيير الواقع، وكيف سينعكس نجاحه، إذا أفلح في الإطاحة بباشينيان وكسب تأييد البرلمان لترؤس الحكومة، على التسوية السياسية مع أذربيجان، وعلاقات بلاده مع الجوار، خصوصاً مع إيران، مسقط رأس والديه، وروسيا الجارة الكبرى التي ربما ترحب هذه المرة بنجاح التظاهرات ضد باشينيان في الإطاحة بنظام عمل في السنوات الأخيرة على الابتعاد عن روسيا واقترب من أوروبا وأميركا. ويحظى غالستانيان بدعم قيادة الكنيسة الأرمنية التي كانت على خلاف دائم مع باشينيان منذ صعوده للسلطة في إبريل/ نيسان 2018 لأنه روج للعلمانية في مدارس البلاد، وهو ما تزايد مع هزيمة أرمينيا أمام أذربيجان في 2020 و2023، وتقديمه تنازلات حدودية "صعبة". وفي الأسبوع الماضي، وصف المجلس الروحي الأعلى للكنيسة، الذي يتمتع بنفوذ كبير في "الدولة الأبوية"، التظاهرات ضد باشينيان بأنها "انتفاضة الأرمن الصالحة".

يحظى غالستانيان بدعم قيادة الكنيسة الأرمينية التي كانت على خلاف دائم مع باشينيان

وربما وصل الخلاف إلى ذروته مع الكنيسة بعد تشديد باشينيان، في رسالة إلى الشعب في 24 مايو الحالي، على أنه حان الوقت للانتقال من مفهوم "أرمينيا التاريخية" إلى "أرمينيا الحقيقية". وقال باشينيان، وقتها: "مررت شخصياً بهذا المسار المؤلم من سيكولوجية أرمينيا التاريخية إلى سيكولوجية أرمينيا الحقيقية، ونحن الآن نسير في الطريق نفسه معاً. نحن نسير على هذا الطريق، وفي نهاية هذا الطريق توجد أرض ميعادنا، جمهورية أرمينيا، مع الفارق الوحيد أننا هنا الآن، ولكن في كثير من الأحيان لا نلاحظ أرض ميعادنا، ودون أن نلاحظ ذلك، فإننا نواصل بحثنا عن الأرض الموعودة".

محطات في حياة باغرات غالستانيان

وكان باغرات غالستانيان قد ولد في 20 مايو 1971 في لينيناكان (جيومري الآن)، في شمال غرب أرمينيا. وكان والداه، وهما من أرمن إيران، قد هاجرا في العام 1971 إلى لينيناكان، قبل أن ينتقلا في 1977 إلى يريفان. وتخرج غالستانيان في 1995 من المدرسة الإكليريكية بمرتبة الشرف الأولى، وناقش رسالة أهداها للمطران خسروف أندفيزاتسي، وهو عالم لاهوت أرميني، وكاتب، وزعيم الكنيسة الأرمنية في القرن العاشر. وشغل غالستانيان بين العامين 1995 و1998 منصب حامل صولجان كاثوليكوس عموم الأرمن غاريغين الأول. ومن 1998 إلى 2000 درس في جامعة ليدز وكلية القيامة في مويرفيلد، بينما كان راعياً لكنيسة الثالوث الأقدس الأرمنية في مانشستر، في المملكة المتحدة.

وأصبح باغرات غالستانيان في العام 2002 مديراً لمكتب الصحافة والإعلام والعلاقات العامة في الكاثوليكوسية في أرمينيا ورئيساً لمجلس إدارة قناة شوقكات التلفزيونية. وفي 2003 انتخب رئيساً لأبرشية الأرمن في كندا، التي حصل على جنسيتها، ورقي على يد غاريغين الأول إلى رتبة أسقف. وبعد عودته إلى أرمينيا عُين بين 2013 و2015 مديراً لمكتب القضايا المفاهيمية الكنسية في الكاثوليكوسية. وعينه في 2015 كاثوليكوس عموم الأرمن غاريغين الثاني رئيساً لأبرشية تافوش. وبعدها بعامين عين عضواً في المجلس الروحي الأعلى للكنيسة الأرمنية الرسولية. وفي 2023، رقاه غاريغين الثاني إلى رتبة رئيس أساقفة أبرشية تافوش.