تختار أرمينيا، الأحد المقبل، برلمانها الجديد في انتخابات مبكرة دعا إليها رئيس الوزراء نيكول باشينيان، الذي اختلّت سلطته إثر الهزيمة العسكرية أمام باكو.
وكانت انتفاضة سلمية قد حملت باشينيان إلى سدّة السلطة عام 2018، واعداً بالإطاحة بنخب الفساد في هذه الجمهورية السوفييتية السابقة في القوقاز، بيد أنّ شعبيته قوّضتها الهزيمة العسكرية في إقليم ناغورنو كاراباخ في خريف 2020.
وخلصت الأعمال القتالية هناك، التي أودت بحياة نحو ستة آلاف شخص على مدار ستة أسابيع، إلى توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، ولكن يريفان اضطرت بموجبه إلى الخروج من مناطق ظلّت تحت سيطرتها طوال 30 عاماً، في خطوة أشعلت تظاهرات كبيرة ودعوات إلى استقالة باشينيان.
هذا المشهد، الذي ترافق واندلاع نزاع بين رئيس الوزراء وهيئة الأركان في الجيش، دفع باشينيان، الذي نعتته المعارضة بـ"الخائن"، نحو الدعوة إلى الانتخابات التشريعية المبكرة.
وأقام رئيس الوزراء، مساء أمس الخميس، آخر تجمّع انتخابي له في ساحة يريفان الرئيسة، حيث احتشد نحو 20 ألفا من مناصريه في استعراض للقوة رغم أنّ الفوز الانتخابي ليس في متناول يده.
وقال للحشد: "سنذهب لنقترع عند الثامنة في 20 يونيو/ حزيران، لتحقيق ثورة فولاذية"، واعداً بـ"فوز ساحق للشعب الأرميني".
وعلى غير ما درجت العادة، امتنع خلال خطابه عن مهاجمة خصومه، بعدما رفع خلال الأسبوع مطرقة موجّهة لهم مناشداً مناصريه منحه "تفويضا فولاذيا".
وقال: "أحذّر جميع من مارسوا ضغوطاً على الناس: بعد الانتخابات، سنأتي إليكم"، فيما أجابه منافسه سيرج ساركيسيان بحثّه المناصرين على الردّ عليه بضربات "مطرقة كبيرة".
وأكد رجل الأعمال الستيني ميخائيل كيراكوسيان: "لا نريد عودة النظام القديم"، معتبراً أنّ "الفوضى والفساد" سادا أرمينيا قبل وصول نيكول باشينيان إلى الحكم عام 2018.
ويحظى باشينيان بقدر من الشعبية بفضل قيادته إصلاحات ومواجهته القلّة النافذة ونخب الفساد الذين سقطوا في انتخابات 2018، بيد أنّ إنجازاته تضررت بصورة مزدوجة نتيجة النزاع العسكري مع أذربيجان والأزمة الناجمة عن تفشي وباء كوفيد-19.
خشية من وقوع صدامات
وبعيداً عن نسبة تجاوزت السبعين في المئة حازها تكتله عام 2018، يرجّح استطلاع رأي حديث حصول حزبه "العقد المدني" وحزب منافسه الرئيس السابق روبرت كوتشاريان على نسب متقاربة، الأحد، مع نحو 24%، يليهما رئيس الوزراء الأسبق ساركيسيان مع نحو 7%.
ويخشى كثر من وقوع صدامات بين مناصري أقوى حزبين، في وقت استبق باشينيان النتائج داعياً منافسيه إلى التجمّع، الإثنين، في الساحة نفسها للاحتفال بالفوز.
ولطالما تشهد أرمينيا اضطرابات تعقب الانتخابات. فقبل انتفاضة 2018، سجِن باشينيان، الصحافي السابق، لنحو عامين على خلفية دوره في تظاهرات قمعت بشكل دموي عام 2008.
وكان اتفاق وقف إطلاق النار، الذي رعاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونص على نشر جنود سلام روس، قد أتاح ليريفان الحفاظ على الجزء الأكبر من ناغورنو كاراباخ، الإقليم الأذربيجاني الذي تسكنه غالبية أرمينية.
غير أنّ أرمينيا خسرت السيطرة على مساحات شاسعة في محيط الإقليم وسط عودة أذربيجان إلى حدودها، ما أسفر عن اشتباكات عسكرية في الأسابيع الأخيرة.
ودعي نحو 2.6 مليون ناخب أرميني لاختيار مئة ونائب على الأقل لمدة خمس سنوات، حيث تتنافس أربع قوائم انتخابية و22 حزبا.
وفي حال عدم انبثاق أي غالبية أو ائتلاف أكثريّ، تنظّم جولة ثانية في 18 تموز/يوليو بين الحزبين اللذين نالا الأرقام الأكبر.
( فرانس برس)