أردوغان يلوح بعملية عسكرية في سورية... ويهاجم روسيا

28 أكتوبر 2020
استهدف النظام أريحا بقصف صاروخي (محمد الرفاعي/فرانس برس)
+ الخط -

وجّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رسالة واضحة إلى روسيا، اليوم الأربعاء، باستعداد بلاده للتحرك في إدلب ومحيطها، مع اتهام موسكو بعدم دعمها للاستقرار والسلام في سورية، بعد الضربة الجوية الروسية التي استهدفت، صباح الإثنين الماضي، معسكراً لـ"فيلق الشام"، أبرز فصائل المعارضة في إدلب الموالية لأنقرة، وأودت بحياة نحو 80 من مقاتلي الفصيل إضافة إلى إصابة العشرات، الذي رد، أمس الثلاثاء، بقصف على مواقع للنظام السوري، قبل أن يقوم الأخير باستهداف مناطق في ريف إدلب موقعاً ضحايا في صفوف المدنيين.

وبعدما بدا أن رد الفصائل على استهداف "فيلق الشام"، التابع لـ"الجبهة الوطنية للتحرير"، المدعومة من تركيا، بقي محدوداً لمنع انهيار اتفاق موسكو الموقّع في مارس/ آذار الماضي بين تركيا وروسيا حول الشمال الغربي من سورية، جاء الرد واضحاً من أردوغان، الذي قال إن هناك مؤشرات تظهر عدم دعم روسيا للاستقرار والسلام في سورية. وفي كلمة له خلال حضوره اجتماع الكتلة النيابية لحزب "العدالة والتنمية"، في مقر البرلمان بالعاصمة أنقرة، قال أردوغان إن "استهداف روسيا مركزاً لتأهيل الجيش الوطني السوري في إدلب، مؤشر إلى عدم دعمها للسلام الدائم والاستقرار في المنطقة". وفي تهديد بأن تركيا مستعدة لعملية عسكرية جديدة في سورية في حال لم يتم الالتزام بإبعاد المقاتلين الأكراد عن حدودها، قال أردوغان إنه "في حال لم يتم الوفاء بوعود إخراج الإرهابيين من الخطوط التي تم تحديدها في سورية، فإن لتركيا الحق في إخراجهم متى أرادت".

أكد أردوغان أن بلاده قادرة على تطهير كامل سورية من التنظيمات الإرهابية إذا لزم الأمر

وأكد أن بلاده "قادرة على تطهير كامل سورية من التنظيمات الإرهابية إذا لزم الأمر"، مضيفاً "ينبغي للذين يلتفون للسيطرة على أراضي سورية، والذين يتخلفون عن مكافحة داعش مثلنا، أن يتخلوا عن هذه المسرحية". واعتبر أن الذين ينسبون وجودهم في سورية إلى محاربة "داعش"، هم في الواقع يستخدمون ذريعة فارغة، مؤكداً أن تركيا هي البلد الوحيد الذي يخوض كفاحاً بالمعنى الحقيقي ضد التنظيم. ولفت أردوغان إلى وجود تنظيم إرهابي على حدود بلاده مع سورية، في مناطق خارج السيطرة التركية، على الرغم من الوعود التي قُطعت لأنقرة، في إشارة إلى المسلحين الأكراد. وذكر أن الكيان الذي تحاول الولايات المتحدة ترسيخه على طول الحدود العراقية السورية، هو نذير للصراعات والآلام والمآسي الجديدة. وأضاف أن الشعب السوري يدفع بدمائه وأرواحه، ثمن ألعاب النظام الاستراتيجية والتنظيمات الإرهابية التي تأتي من خارج المنطقة، مشيرا إلى أن تركيا لا يمكنها الوقوف إلى جانب هذا النفاق والظلم. ولفت إلى تمكن الأمن التركي من تنفيذ عملية مكافحة الإرهاب الناجحة في هطاي، جنوبي البلاد، مهنئا تلك القوات التي حالت دون وقوع هجوم إرهابي.

كلام أردوغان تزامن مع استمرار التصعيد في إدلب بعد قيام المعارضة السورية المسلحة بقصف مواقع تابعة لقوات النظام في حلب وإدلب وحماة واللاذقية، شمال غربي سورية، الثلاثاء، وذلك في إطار ردها على خرق النظام وحليفه الروسي لاتفاق وقف إطلاق النار واستهداف "فيلق الشام". وأعلنت "الجبهة الوطنية للتحرير" في بيان لها، الثلاثاء، عن مقتل وجرح عناصر من قوات النظام والقوات الروسية بقصف مواقع لهم في محور مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي، مضيفة أنها قتلت وجرحت قرابة خمسين عنصراً، ودمرت أربعة مرابض مدفعية و30 موقعاً وأربع آليات عسكرية، فضلاً عن تدمير مبنى غرفة قيادة عمليات في بلدة معصران. وكان المتحدث باسم "الجبهة الوطنية للتحرير" النقيب ناجي مصطفى، قد أكد في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هناك خطة لدى الجبهة للرد على هذه الجريمة التي ارتكبتها الطائرات الحربية الروسية"، مضيفاً: "سنوقع خسائر كبيرة في صفوف القوات المعادية".

في المقابل، رد النظام السوري على ذلك باستهداف أحياء في مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي، بالقصف الصاروخي، ما أدى لوقوع ضحايا من المدنيين. وقال مصدر من الدفاع المدني السوري لـ"العربي الجديد"، إن قصف قوات النظام بالمدفعية والصواريخ لأحياء في مدينة أريحا أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، بينهم طفل، وإصابة عشرة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.

مقتل أربعة مدنيين وإصابة عشرة آخرين بجروح بعد قصف قوات النظام على أريحا

وكانت قوات النظام قد قصفت الحي الشمالي من المدينة، ليل الثلاثاء، بعشرات القذائف موقعة أضرارا مادية في ممتلكات المدنيين. كما أسفر قصف من هذه القوات على مناطق في بلدة تيديل بريف حلب الغربي، مساء الثلاثاء، عن مقتل رجل وامرأة وإصابة 3 مواطنين بجروح متفاوتة الخطورة. وتأتي هذه التطورات لتزيد من اقتناع فصائل المعارضة وربما أنقرة معها، بأن الطرف الروسي لا يحترم تعهداته في سورية، وفق الاتفاقيات الموقّعة، وهو ما يزيد من مخاوف نحو 4 ملايين مدني في محافظة إدلب من عودة الأعمال العسكرية المتوقفة منذ أشهر على الرغم من استمرار الخروقات من قبل النظام وموسكو.

وكانت الولايات المتحدة قد دخلت على خط التصعيد في إدلب معربة عن قلقها الكبير مما حصل. وقال الممثل الخاص للتواصل بشأن سورية جيمس جيفري، الثلاثاء، في بيان: "نحن قلقون للغاية إزاء التصعيد الخطير من قبل القوات الموالية للنظام، والانتهاك الواضح لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب"، مضيفاً "نظام الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون يهددون استقرار المنطقة". ولفت إلى أن "تصرفات نظام الأسد تطيل أمد الصراع وتعمق معاناة الشعب السوري"، مجدداً دعم دعوات الأمين العام للأمم المتحدة من أجل وقف فوري لإطلاق النار، مضيفاً: "لقد حان الوقت لنظام الأسد وحلفائه لإنهاء حربهم الوحشية التي لا مبرر لها ضد الشعب السوري". وشدد جيفري على أن الحل لتحقيق السلام يكون "وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254".

إلى ذلك، قالت مصادر من إدلب لـ"العربي الجديد"، إن قوة تابعة لـ"هيئة تحرير الشام" اعتقلت أربعة أشخاص في المدينة، من بينهم ثلاثة يحملون الجنسية التونسية، مضيفة أن المعتقلين يتبعون لتنظيم "حراس الدين" المرتبط بـ"القاعدة". وبحسب المصادر، فإن الهيئة تشن حملة اعتقالات منذ بداية الأسبوع في المدينة ضد قياديين وعناصر في التنظيم، وبلغ عدد الذين اعتقلتهم منذ يوم الأحد الماضي قرابة خمسين شخصا، وذلك بعد أيام من تعرض اجتماع لـ"حراس الدين" وفصائل أخرى لقصف جوي أميركي أدى إلى مقتل وجرح العشرات من الأشخاص، بينهم قياديون.

المساهمون