أردوغان يلوح بتدخل عسكري في مخيم مخمور شمال العراق

02 يونيو 2021
أردوغان: مخيم مخمور منبع المسلحين (الأناضول)
+ الخط -

لوح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإمكانية إجراء بلاده تدخلاً عسكرياً في منطقة مخمور الواقعة في شمال العراق، استكمالاً لعمليات عسكرية مشابهة في منطقتي جبل قنديل وجبل متين وصولاً لجبل سنجار.

وفي مقابلة مع التلفزيون التركي الليلة الماضية، أفاد أردوغان بأن بلاده ستواصل ملاحقة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وأن مخيم مخمور الواقع على بعد 50 كيلومتراً من الموصل سيكون الهدف التالي لبلاده، واصفاً إياه بأنه "منبع المسلحين".

ويأتي تصريح أردوغان عقب استنكار السلطات العراقية قيام شركات تركية بمساعدة الجيش التركي بعمليات تجريف وقطع أشجار في الغابات العراقية ضمن إقليم كردستان ونقلها إلى داخل الأراضي التركية.

وكان وزير الزراعة في الحكومة العراقية محمد كريم الخفاجي، ووزير الزراعة في حكومة إقليم كردستان بيكرد طالباني، قد أصدرا بياناً مشتركاً الثلاثاء، قالا فيه إنه "منذ مدة ونحن نتابع في وسائل الإعلام تداول موضوع قيام مجموعة من الشركات التركية، وبمساعدة من القوات التركية، بقطع أشجار الغابات الطبيعية في مناطق بادينان في إقليم كردستان العراق، وتم نقل هذه الأشجار المقطوعة إلى داخل تركيا والتجارة بها".

 

وأضاف أردوغان "تكافح تركيا التنظيم الانفصالي منذ 40 عاماً، وفي العراق جبل قنديل له جانبان؛ عراقي وإيراني، ولا تأتي نتائج إيجابية من مكافحة الكردستاني بإيران، فوضعت قنديل العراقية في الهدف ما أخاف المسلحين، تركيا تقول للإخوة العراقيين طهروا المنطقة أنتم وإن لم تفعلوا، فإن تركيا ستفعل ذلك، لأنه لم يتبق خيار آخر لها".

وتابع "مكافحة الإرهاب لا تكون بانتظارهم، بل بالبحث عنهم والقضاء عليهم، وهو حقيقة تركيا، وهي حازمة في الانتهاء من هذا المستنقع، تركيا تحترم سيادة وحدود دول الجوار وتفعل ما بوسعها عبر القانون، وهذه المرة الأولى التي نتحدث فيها عن مخمور التي تعتبر منبع المسلحين لجبل قنديل، وإذا لم تذهب تركيا إليه، فسيستمر تصدير الإرهابيين منها، عندما يتم تدريب الأطفال هنا".

كلام أردوغان وجّه الأنظار إلى مخيم مخمور، ودفع المتابعين للحديث ربما عن عمل عسكري تركي قريب في هذه المنطقة، بالتنسيق مع الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق كما جرت العادة، خاصة أن حكومة الإقليم الكردي تعاني منذ فترة من مواجهات مع مسلحي الكردستاني في عدد من المناطق، ما يعتبر في تركيا بأنه فرصة للتنسيق المشترك والتخلص من عبء الكردستاني في المنطقة على سكانها وحكومتها.

وتفيد مصادر تركية، وفق ما نقل في الإعلام، اليوم الأربعاء، بأن "الحكومة التركية تهدف إلى تطهير ثلاث مناطق هي سنجار، وقنديل، ومخمور، وإيجاد حل لوجود المسلحين في هذه المنطقة".

وأضافت أن "المخيم يقع نظرياً تحت رعاية الأمم المتحدة منذ عام 1998، ولذلك لا يمكن لأحد التدخل فيه، وبنفس الوقت الأمم المتحدة فاقدة للسيطرة على المخيم من الداخل، وأن الخدمات في المخيم البالغ عدد سكانه قرابة 20 ألفاً، تدار من قبل الكردستاني، وتقديم خدمات طبية وصحية وغيرها، مدعومة بتمويل خارجي".

 

وتفيد نفس المصادر بأن "الكردستاني يعمل على تنفيذ فعاليات تعليمية عسكرية وسياسية ودبلوماسية وتدريب كوادره، وبالتالي يعتبر بالنسبة للأطفال والشباب مكاناً لتدريب وتأهيل عناصره، وكل من يخرج من المخيم ينتقل إلى جبال قنديل وجبل سنجار، وهو ما يدفع الحكومة التركية للتركيز على عدم تحول سنجار لجبل قنديل ثانية".

وشددت على أن "حكومتي بغداد وأربيل اتفقتا على خروج مسلحي الكردستاني من سنجار، وذلك في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفي ديسمبر/ كانون الأول، أعلن عن خروج المسحلين، ولكن الحقائق على أرض الواقع تشير إلى أن الوضع لم يتغير ولم تخرج تلك العناصر من سنجار".

وحول احتمال العملية العسكرية وخياراتها، نقلت قناة "سي إن إن" التركية عن مصادر أمنية قولها إنه "ليس من السهل تنفيذ عمل عسكري على المخيم بسبب وقوعه تحت حماية أممية، ووزارة الخارجية التركية تخاطب الأمم المتحدة منذ سنوات حول الموضوع، وأن كلام أردوغان معناه تكثيف الجهود الدبلوماسية التركية، بالعمل مع الأمم المتحدة وبالتوازي مع الدول المعنية والحكومة العراقية وحكومة إقليم شمال العراق، على أن يتم الطلب بالتفريق بين المدنيين ومسلحي الكردستاني، وإخراج هذه العناصر من حكمها وسيطرتها على المخيم".

وأضافت أن "تركيا ستعمل أيضا على الطلب بأن يتم تحكيم السيطرة على الطرق الواصل بين مخيم مخمور وجبلي سنجار وقنديل، من أجل منع عبور مرور المسلحين منها، وتأمينها عبر القوات العراقية وقوى البشمركة".

 

ويبدو أن تركيا تمضي في طريق سبق أن لجأت إليه فيما يخص المناطق التي تشهد حالياً عمليات عسكرية شمال العراق، إذ تطلب بداية من القوى المحلية بسط سيطرتها على هذه المناطق، مهددة بأنه في حال فشلها ستقوم بنفسها بتنفيذ هذه العملية، وبناء عليه إن لم تفض هذه الجهود الدبلوماسية إلى نتيجة، عندها يمكن أن تنطلق في مرحلة لاحقة للعمل العسكري الميداني.

ولن يكون من السهل تنفيذ عمل عسكري مباشر على المخيم، ولكن ربما تستهدف أنقرة عبر طائراتها المسيرة أي خروج ودخول مشبوه في المنطقة المحيطة لمسلحي الكردستاني، وربما التقدم لاحقاً للسيطرة على الطرق التي تؤدي إلى جبلي قنديل وسنجار من مخمور، لمنع انتقال المسلحين.

وربما تواجه أنقرة هذه المرة معارضة شديدة من حكومتي بغداد وأربيل، لأن المنطقة تقع على عمق غير قليل من الحدود التركية، كما قد تواجه أنقرة رفضاً شعبياً مع احتمال أن تؤدي العمليات العسكرية إلى سقوط مدنيين في المنطقة.