أردوغان يرفض قرار بايدن بشأن "إبادة الأرمن": خالف الحقيقة استجابة لضغوط المتطرفين

27 ابريل 2021
دعا أردوغان الولايات المتحدة والدول الأوروبية لفتح أرشيفاتها بخصوص القضية (الأناضول)
+ الخط -

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن نظيره الأميركي جو بايدن رضخ لضغوطات الجماعات الأرمنية المتطرفة والمعادية لتركيا، عبر وصف أحداث 1915 بـ"الإبادة الجماعية" بحق الأرمن.

جاء ذلك، الإثنين، في مؤتمر صحافي عقده أردوغان عقب ترؤسه اجتماعاً للحكومة في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.

وقال أردوغان إن "بايدن استخدم عبارات غير محقة لا أساس لها وتخالف الحقائق بشأن أحداث أليمة وقعت قبل أكثر من قرن".

وأضاف: "نعتقد أن الوصف الذي استخدمه بايدن جاء نتيجة لضغوط الجماعات الأرمنية المتطرفة والمعادية لتركيا".

وأكد أردوغان أنه "يجب ترك مهمة تقصي الأحداث التاريخية وكشف الحقائق للمؤرخين وليس الساسة".

وأضاف: "إذا كنتم تتحدثون عن إبادة جماعية فيتعين عليكم النظر إلى المرآة ومحاسبة أنفسكم".

وأشار أردوغان إلى تهجير نحو مليون شخص من إقليم كاراباخ في فترة الاحتلال الأرميني في التسعينات، وفشل مجموعة مينسك بقيادة روسيا وفرنسا والولايات المتحدة في حل قضية الإقليم المحتل على مدار 3 عقود.

كما لفت أردوغان إلى أن ما تعرض له الهنود الحمر في أميركا أمر معلوم ولا داعي للخوض في هذا الموضوع بشكل مفصل.

وتابع: "بينما كل هذه الحقائق ماثلة للعيان، لا يمكنكم إلصاق تهمة الإبادة الجماعية بالإنسان التركي والأمة التركية".

ولفت أردوغان إلى أن تركيا لم تتلق لغاية الآن رداً على اقتراحها بإنشاء "لجنة مشتركة للتاريخ" بشأن المزاعم الأرمنية.

وأشار أردوغان إلى أن الدولة العثمانية اتخذت قرار نقل وإسكان الأرمن "كتدبير ضد تمرد قائم ومجازر متصاعدة وليس ضد تهديد محتمل".

ولفت إلى أن قرار نقل وإسكان الأرمن اتخذ في 27 مايو/أيار 1915 وجرى تنفيذه اعتباراً من 1 حزيران/ يونيو من ذلك العام.

وأشار إلى أن قرار النقل والإسكان المؤقت لم يشمل كافة المواطنين الأرمن في الدولة العثمانية وإنما اقتصر فقط على الحاضنة الشعبية للعصابات الأرمنية التي ترتكب المجازر في مناطق محددة.

وأردف: "عدد الذين شملهم قرار النقل والإسكان (من الأرمن) لا يتعدى 600 ألف على أقصى تقدير بحسب التقارير الأميركية والرقم الحقيقي أقل في الواقع".

وتابع: "عدد الذين فقدوا حياتهم من الأرمن خلال عملية تبديل أماكنهم بالكاد يصل إلى 150 ألف شخص وذلك جراء الأوبئة والحوادث الأمنية أو الاشتباكات مع قوات الأمن وبالطبع كل واحد منهم روح بشرية ورقم هام والمؤرخون والساسة الأرمن يعترفون أيضاً بتضخيم الأرقام الحقيقية عبر إضافة صفر إليها".

وشدد على أن الدولة العثمانية لم ترسل السكان الأرمن إلى أي بلد آخر بل انتقلوا داخل أراضي البلاد.

وأشار مخاطباً بايدن، إلى أن الدولة العثمانية أقامت دور أيتام للأطفال الأرمن الذين لم يتبق لهم معيل، ولم تضع أي عراقيل أمام تقديم مساعدات خارجية للمتضررين.

وأكد أردوغان أنه لم يحدث شيء يوصف بالمأساة الإنسانية في يوم 24 نيسان/أبريل 1915 (وهو اليوم الذي يعتبره الأرمن ذكرى لمزاعمهم).

ولفت إلى أن ما حدث في ذلك اليوم هو أن الحكومة العثمانية أغلقت منظمات تعاونت مع البلدان المعادية أثناء الحرب (العالمية الأولى)، وأوقفت 235 من قياداتها.

وأكد أنه "لا يوجد أي دليل ملموس على المزاعم الأرمنية كما أنه لا يوجد قرار صادر عن محكمة دولية".

وأردف: "هناك مقابر جماعية للأتراك قتلهم الأرمن في أماكن كثيرة لكن لا يوجد أي مكان تجدون فيه مقبرة جماعية للأرمن لأنها لم تقع أصلاً".

وأشار أردوغان إلى أن العصابات الأرمنية قامت بنحو 40 عملية تمرد لحين اندلاع الحرب العالمية الأولى، وأقدمت على ارتكاب مجازر كبيرة، بدعم سياسي واقتصادي من الغرب وعسكري من الروس.

ولفت إلى أن تلك العصابات اقتحمت القرى والمدن وقتلت المدنيين بمن فيهم النساء دون تمييز بين كبير وصغير.

كما أشار إلى أن تلك العصابات التي يقدر عدد أعضائها بين 150 و300 ألف وقفت بشكل نشط إلى جانب الجيش الروسي الذي هاجم أراضي الدولة العثمانية.

وأشار إلى أن تلك العصابات أقدمت على قتل ما يقدر بمليون شخص من المدنيين الأتراك والأكراد في مناطق مختلفة من الأناضول.

ولفت أردوغان إلى عدد السكان الأرمن في إسطنبول بلغ في فترة من الفترات نحو 650 ألف نسمة مع احتساب العائدين عقب الحرب.

وأضاف متسائلاً: "سيد بايدن، من المؤكد أن الناس لا يعودون طواعية إلى مكان تعرضوا فيه لإبادة جماعية".

ولفت أردوغان إلى أن أحد أسباب تشبث الأوساط الأرمنية بأكذوبة الإبادة هو خوفها من تحميلها مسؤولية المجازر والانتهاكات التي ارتكبتها على مدار نحو قرن ونصف القرن.

ومضى قائلاً: "قبل قرن كان أكثر من 80 بالمائة من السكان في المنطقة الجغرافية التي تقع فيها أرمينيا اليوم مسلمين، أما اليوم لم يتبق أحد تقريبًا من المسلمين الأتراك والشركس في نفس المنطقة".

ولفت أردوغان إلى أن "تركيا لا ترى أن جعل آلام الشعوب في الماضي محل منافسة أمراً إنسانياً، لكن إن كان ولا بد فإنها (تركيا) الدولة الوحيدة التي ستخرج من هكذا منافسة (مقارنة الآلام التي عاشها كل طرف) مرتاحة الضمير".

وجدد أردوغان دعوته إلى كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لفتح أرشيفاتها فيما يتعلق بأحداث 1915 إن كانت تمتلك الشجاعة لذلك.

وقال: "أميركا والدول الأوروبية تقف إلى جانب مغالطات وافتراءات وأكاذيب من يتهربون من الحديث بوثائق أرشيفية تاريخية، وبذلك لا يظهرون العداء لنا فحسب، بل يخونون العلم أيضًا".

وأعرب أردوغان عن أمله في أن تعود الولايات المتحدة بأسرع وقت عن هذه الخطوة الخاطئة، مؤكداً أن الاتهامات كالإبادة الجماعية هي مواضيع حساسة للغاية ولا يمكن أن تكون موضوعاً للسياسة.

وأكد أن قيام رؤساء دول وبعض البرلمانات بإطلاق الأحكام جزافاً في مثل هذه المواضيع بعيداً عن علم التاريخ، لا يسهم سوى في تعقيدها أكثر.

وجدد تأكيده على رغبة تركيا الصادقة في العمل سوية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ظروف عادلة وعلى قدم المساواة، مؤكداً أن هذا التعاون المنشود سيكتسب أهمية أكبر وسيكون لمصلحة الجميع لا سيما في مرحلة إعادة هيكلة النظام العالمي السياسي والاقتصادي.

وأكد أردوغان أن بيان بايدن الأخير حول أحداث 1915 له تأثير سلبي على العلاقات التركية الأميركية المتراجعة أصلاً بسبب قضايا مثل دعم واشنطن لتنظيمات غولن وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سورية، الأمر الذي يعد خطاً أحمر بالنسبة لتركيا، فضلاً عن أزمة صواريخ إس-400 الروسية التي اشترتها أنقرة بعدما امتنعت أميركا عن تزويدها بمنظومات "باتريوت".

من ناحية أخرى، قال أردوغان: "مثلما خلّصنا حدودنا مع سورية والعراق من تحرشات التنظيمات الإرهابية لن نسمح بتشكيل كيان إرهابي وراء حدودنا أيضاً".

وفيما يخص القضية القبرصية، قال أردوغان: "لن نتهاون حيال العقلية التي تسعى لتركيع أشقائنا القبارصة الأتراك عبر الحصار وعرقلة الحل في قبرص".

وأكد دعم تركيا التام لرؤية جمهورية شمال قبرص التركية التي تؤكد ضرورة التفاوض من الآن فصاعداً على أساس حل الدولتين في الجزيرة المقسمة بين القبارصة الأتراك والروم، بعد فشل مفاوضات الحل الفيدرالي على مدار نصف قرن.

(الأناضول)

المساهمون