أحلاهما مرّ... كلاهما إسرائيل

06 نوفمبر 2024
من تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في نيويورك، 22 أكتوبر 2024 (سلجوق أكار/الأناضول)
+ الخط -

سواء فاز دونالد ترامب أو كامالا هاريس في انتخابات الرئاسة الأميركية لن يغيّر ذلك شيئاً في السياسات الأميركية تجاه العالم العربي وقضاياه المركزية، وخصوصاً القضية الفلسطينية، وليس من الوارد أن يحدث تغيير بشأن ذلك، إلا داخل مربع المصالح الإسرائيلية. خلال الحملة الانتخابية، قالت هاريس: "سأمنح إسرائيل القدرة للدفاع عن نفسها"، أما ترامب فقال: "ملتزم بالدفاع عن إسرائيل الصغيرة وبأمنها وتفوقها". هذه هي المرة الأولى التي تتاح للمجتمع السياسي والإعلامي العربي متابعة انتخابات رئاسية أميركية يتنافس فيها مرشحان، كلاهما كانا في سدّة الحكم، بما يعني وجود فكرة واضحة وكافية عن سياستهما السابقة وتصوراتهما إزاء المنطقة العربية والقضية الفلسطينية.

ظلّ ترامب يرى في المنطقة العربية مصدراً للتوترات والإرهاب ومورداً للمال، وقد قال ذلك بلسان صريح. ولا تختلف هاريس عنه كثيراً. خلال أكثر من عام من الحرب والعدوان الإسرائيلي على غزة ثم لبنان، لم تكن لهاريس مواقف غير تلك التي تخدم إسرائيل.

يختلف ترامب وهاريس في الموقف من الكثير من القضايا الخاصة بالداخل الأميركي، المتعلقة بسياسات الهجرة والاقتصاد والضرائب والنظام الصحي والإجهاض وغيرها، وفي القضايا الخارجية، كالعلاقة مع الصين وكوريا الجنوبية وروسيا، إلا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإسرائيل، فإنهما لا يتمايزان قيد أنملة من حيث الانحياز بشكل كامل إلى حماية أمن الكيان، والالتزام بالدفاع عنه، والتأكيد على سياسات الدعم المادي وإمدادات الأسلحة في كل الظروف، وضمان تفوقه الاستراتيجي والحيوي في المنطقة، والإقرار بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ضمن سياق تبرير كل عمل عدائي تقوم به ضد الفلسطينيين، وفي لبنان وسورية وإيران واليمن وغيرها. 

لا تكفي بعض الاختلافات البسيطة والتكتيكات السياسية بين ترامب وهاريس بشأن القضية الفلسطينية، لكي تتيح تعليق الأمل على أي إمكانية لتغيير جوهري في الاتجاهات الأميركية بشأن المسألة، بما فيها حديثهما عن حلّ الدولتين الذي أصبح أكثر تعقيداً سياسياً وواقعياً على الأرض التي التهمها الاستيطان، وهو حديث انتخابي لاستهلاك الأصوات العربية، ذلك أن كلاً من المرشحين يتصرف ضمن إطار مؤسسة الحكم الأميركية المعقدة والتي تتداخل فيها السياسة والاقتصاد والإعلام، وكلاهما يتحركان بالموقف ضمن ثوابت لا يحيد عنها أحد في القرار والخيار الأميركي، عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وفلسطين وقضايا المنطقة العربية.

التعويل على ترامب أو هاريس لتحصيل استحقاق فلسطيني ليس أكثر من وهم كَبر وشاخَ، كونه يتكرر ضمن عناوين التطلعات العربية في كل انتخابات أميركية. بخلاف ذلك، فإن كلاً من ترامب أو هاريس يضعان كأولوية على صعيد المنطقة العربية الدفع إلى مزيد من التطبيع الذي يتيح لإسرائيل تعزيز وجودها واختراق البنى الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية، كما يحدث في المغرب والإمارات بعد اتفاقات أبراهام، والسعي لتوسيع وتمكين الكيان من الوصول إلى عقد مزيد من اتفاقات السلام مع دول عربية وازنة، مثل السعودية. ذلك أن السياسات الأميركية نجحت في إحداث ربط وثيق وغريب بين التطبيع وبدء تسوية القضية الفلسطينية على أي نحو كان... لا يعرف كيف اقتنع بعض العرب بهذه المسألة، لكنهم اقتنعوا فعلاً.

المساهمون