أحزاب جزائرية تدين التضييق على الإعلام واعتقال الصحافيين

10 سبتمبر 2022
بلقاسم حوام (وسط) موقوف منذ الخميس (فيسبوك)
+ الخط -

عبرت أحزاب سياسية في الجزائر، من المعارضة والموالاة، عن قلقها إزاء تعرض الصحافيين للاعتقال على خلفية نشرهم مقالات صحافية، بعد توقيف صحافي يعمل في صحيفة محلية الأربعاء الماضي، فيما دعا حزب تقدمي إلى تشكيل تكتل سياسي من أجل الدفاع عن الحريات في البلاد.

وأكدت "حركة مجتمع السلم"، أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان، في بيان أمس الجمعة إثر اعتقال الصحافي بلقاسم حوام، أن "تكرار مثل هذه الممارسات مع الصحافيين يؤكد التدهور الخطير في مجال حقوق الإنسان بالجزائر عمومًا، وتدهور حرية الرأي والتعبير خصوصًا، وهذا لا يشرِّف صورة الجزائر الجديدة". واعتبرت الاعتقال أنه يبزر "السلوك السلطوي المتكرر مع الصحافيين والإعلاميين، ومختلف وسائل الإعلام".

وقالت الحركة إن اعتقال الصحافيين "يمس بحرية الرأي والتعبير، والأصل أنه يكفي من الجهة المتضررة أن تستعمل حق الرد، لا أن تلجأ إلى توظيف القضاء في هذه المسألة الخلافية"، ودانت ما وصفته بـ"التعسف في استعمال الحبس المؤقت مباشرة، دون استكمال الصحافي إجراءات المحاكمة الكاملة والعادلة".

كذلك أشارت إلى أنه "من حقِّ الصحافي أن يتناول أي قضية تهم الرأي العام الوطني، ومن حقه الاحتفاظ بسرية مصدر معلوماته، وهو ما يكفله الدستور، ابتداءً من خصوصيته الإعلامية إلى منع عقوبته بالعقوبة السالبة للحرية".

وانتقدت "الازدواجية في التعامل مع المواطنين الذين يثبت الدستور أنهم سواسية أمام القانون"، موضحة أنه "سبق لمسؤولين كبار في الدولة أن صرحوا بمثل مضمون ما كتبه الصحافي (بلقاسم حوام) في ما يتعلق بالمنتوج الوطني ولم يلحقهم ما لحق بالصحافي".

وكانت السلطات الجزائرية قد أوقفت، الخميس، حوام، على خلفية نشره مقالا في صحيفة "الشروق" الأربعاء، بخصوص وقف تصدير التمور الجزائرية وإرجاع شحنات منها من فرنسا، بسبب وجود مبيدات كيماوية اعتبرتها السلطات الفرنسية مضرة، وتقرر إيداعه الحبس الاحتياطي إلى حين محاكمته في وقت لاحق، على الرغم من أن الدستور الجزائري يحظر حبس الصحافيين في قضايا تخص النشر.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

من جهتها، أعلنت "حركة البناء الوطني"، المشاركة بالائتلاف الحكومي، عن رفضها قرار اعتقال وحبس الصحافي حوام، واعتبرت أنه يناقض "حرص" الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على دعم حرية الصحافة.

وقال بيان للحركة، أمس الجمعة: "رغم عدم طعننا في الأحكام النهائية للعدالة الجزائرية، إلا إننا في حركة البناء الوطني سنكون في حالة أسفٍ شديد إذا ما ثبت أن قرار الحبس المؤقت لصحافي الشروق بلقاسم حوام كان فعلا على خلفية مقاله المنشور بالصفحة رقم 04 من جريدة الشروق".

وأضاف البيان: "وإذا ثبت قرار حبسه، فإننا نسجل رفضنا لهذا القرار على خلفية المقال الذي يدخل في عمومه بدور الصحافي، والذي حرص رئيس الجمهورية مشكورا على التصريح به مرارا وعلى دعم حريتها".

وتابع البيان: "نطالب الجهات المعنية بالمعالجة الضرورية لقضيته حتى يعود لأداء مهامه الصحافية، ورد الاعتبار له ولشرف مهمته".

وفي نفس السياق، دعا رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" (تقدمي) عثمان معزوز، في لقاء أمس مع كوادر الحزب في منطقة تيزي وزو قرب العاصمة الجزائرية، إلى "مضاعفة المبادرات المتعلقة بمسألة الحريات وسجناء الرأي ووقف انزلاق الغالبية العظمى من السكان إلى الجحيم"، على حد تعبيره.

وأضاف في كلمته قائلا إن "إعادة تجميع القوى الديمقراطية والنقابات العمالية حول الحريات، والقوة الشرائية والتوجهات الاقتصادية في وقت فيه فرص الإقلاع قريبة منا هو أمر ضروري".

وتحدث عن "تأجيل زيارة مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المقرر لها يوم 12 سبتمبر/ أيلول الجاري، للمرة الثامنة"، قائلا إن ذلك "يشير بوضوح إلى أن الحكومة الجزائرية تهتم دائما بشراء صمت القوى الكبرى عبر إشهار مصالح البلاد".

وقال معزوز إن "هناك أكثر من 300 من سجناء الرأي يقبعون في السجون بينما يخيم سيف ديموقليس على كل النشطاء السياسيين الذين لا يستسلمون"، في إشارة الى استمرار اعتقال نشطاء من قبل السلطات الجزائرية.

بدوره، عبر الوزير الجزائري السابق عبد العزيز رحابي عن صدمته بخصوص اعتقال حوام، والتضييق الجاري في الجزائر على وسائل الإعلام. وقال رحابي، وهو منسق سابق لمؤتمر المعارضة عام 2019، في تصريح له اليوم، إن "مصادرة حرية صحافي بعد نشره معلومات ذات طابع تجاري بحت دليل على استمرار استغلال العدالة لأغراض سياسية في الجزائر".

وبالنسبة لرحابي، الذي يقدم نفسه مناضلاً من أجل الحرية والعدالة، فإن اعتقال الصحافي حوام "لا يشكل عملاً معزولاً بالنظر إلى أنه يعقب سجن صحافيين من يومية ليبرتي لأسباب لا تتعدى كونها مضايقات سياسية ضد صحيفة يتم دفعها نحو الاختفاء".

ولفت رحابي الى أن يومية "الوطن" تتعرض "للضغوط نفسها ويمكن أن تختفي بدورها من مجال إعلامي أصبح دوره مختزلاً كناطق ينقل الرواية الرسمية دون أي تأثير حقيقي على رأي عام متفطن وأكثر انفتاحا على العالم من قادته".

وقال إن "البلاد تبنى في كنف التعددية والعدالة وحرية التعبير، الضامنة للكرامة الإنسانية"، قبل أن يضيف: "يتعين على حكومتنا أن تتعلم كيف تقبل أن المجتمع يحتم عليها تقديم الحساب بدلاً من إظهار سلطوية جربتها دون نجاح السلطات السابقة".

المساهمون