تطوي تونس يومها الثالث دون أن يعلن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، عن رئيس الحكومة الثالث في ولايته، بعد أن خلّف قيامه بإعفاء هشام المشيشي وعدد من الوزراء فراغاً حكومياً، ليتداول التونسيون أسماء الشخصيات الأقرب لتولي المنصب بحكم ولائها لسعيّد.
وتناقل التونسيون أسماء كثيرة، من بينها وزير الداخلية الأسبق توفيق شرف الدين، إلى جانب كل من وزير المالية السابق محمد نزار يعيش، والأمين العام المستقيل لحزب "التيار الديمقراطي" محمد عبو، كأقرب الشخصيات لتولي رئاسة الحكومة الجديدة.
ومع مرور مزيد من الوقت على انقلاب الرئيس التونسي على الدستور والمسار الديمقراطي، بإقالة المشيشي وتعليق عمل البرلمان لمدة 30 يوماً، وغيرها من القرارات التي أعلنها مساء الأحد، يزداد الغموض حول مستقبل الأوضاع، وتتصاعد المخاوف على التجربة الديمقراطية.
ويعد المحامي شرف الدين، الذي يترأس هيئة حقوق الإنسان، أبرز المرشحين لرئاسة الوزراء بحكم قربه وعلاقته القوية بسعيّد.
ويعد شرف الدين (53 عاما) من الشخصيات التي تحظى بقدر كبير من الثقة عند سعيّد كما تجمع الرجل بالرئيس علاقة سياسية قوية منذ توليه قيادة الحملة الانتخابية الرئاسية لصالحه عن جهة الساحل انطلاقاً من محافظة سوسة والمحافظات المحيطة حيث أدار حملة تقديم برنامجه الانتخابي في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
وأقال المشيشي شرف الدين من وزارة الداخلية بسبب ولائه التام لسعيّد وتنسيقه المتواصل مع الرئيس مباشرة، متجاوزاً رئيس الحكومة في كثير من المناسبات.
كما أن شرف الدين شخصية مستقلة ولم يسبق له الانخراط في حزب سياسي وله تجربة في تسيير وزارة سيادية، ما يجعله مرشحاً قوياً لرئاسة الوزراء في الحكومة الجديدة.
وعلاوة على شرف الدين يطرح بقوة اسم وزير المالية في حكومة إلياس الفخفاخ، محمد نزار يعيش، كمرشح بارز لرئاسة الحكومة الجديدة باعتباره مختصّاً في الاقتصاد في وقت تحتاج البلاد إلى شخصيةٍ متمكنة من الملفين الاقتصادي والاجتماعي لتجاوز الأزمة الحانقة.
ويعيش (46 عاماً) مهندس اقتصاد متخرج من جامعة باريس وقد عمل في عديد من المؤسسات الاقتصادية والمالية والمكاتب الاستشارية والاستراتيجية المحلية والدولية.
ويعدّ يعيش من الشخصيات التي تحظى بثقة سعيّد، ولا ينسى التونسيون اللقاء الذي جمعهما في مارس/ آذار الماضي حيث قدم له عرضاً حينها حول وضعية الاقتصاد والمالية العمومية والميزانية وتهديداتها المباشرة على الأمن القومي، وحلولاً ومقترحات وإصلاحات للمساعدة على الخروج بالبلاد من الأزمة، بحسب ما كشفه بيان الرئاسة وقتها.
وتذهب بعض التكهنات إلى إمكانية تعيين شرف الدين في رئاسة الحكومة ويعيش في المالية.
ولم يتوان الرأي العام في تونس عن طرح اسم الأمين العام لـ"التيار الديمقراطي" المستقيل والوزير السابق في حكومة الفخفاخ، محمد عبو، كأحد المرشحين لرئاسة الحكومة المقبلة.
ويمتلك عبو (55 عاماً) تجربة سياسية وحقوقية وتجربة حكومية، إذ شغل منصب وزير في مناسبتين؛ الأولى زمن حكومة الترويكا الأولى بعد الثورة بقيادة حمادي الجبالي، ثم في حكومة الفخفاخ الأخيرة. كذلك انتُخب نائباً في المجلس التأسيسي عن حزب "المؤتمر" الذي كان يتزعمه الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي قبل أن يؤسس "التيار الديمقراطي" مع عدد من المنشقين.
ويسجل قرب عبو من الرئيس التونسي الذي استقبله في مناسبات عديدة بهدف التشاور معه، كما يعرف باستماتته في الدفاع عنه وعن قراراته.
ويرى مراقبون أن رئيس الحكومة الأقرب لرئاسة الوزراء في حكومة سعيّد "الثالثة" يرجح أن يكون شخصية مستقلة من الكفاءات الاقتصادية التي تتمتع بخبرة في مجال الدولة والعمل الحكومي، وإن كان شرف الدين ويعيش مستقلين تماماً عن الأحزاب ولا يمتلكان ماضياً سياسياً، ما يجعل حظوظهما أوفر من عبو الذي قد يُثير تاريخه في قيادة "التيار" ومواقفه وتصريحاته زمن حكومة الفخفاخ بعض الرفض.