ما زالت فصول اغتيال الإعلامي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في تركيا تتكشف يوماً عن يوم، إذ كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن زرع برمجية تجسس في هاتف زوجته حنان العتر، قبل قتله على يد فريق سعودي في إسطنبول، في أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
وذكرت الصحيفة، في تقرير لها، اليوم الثلاثاء، أنّ جهاز استخبارات إماراتياً زرع برنامج "بيغاسوس" للتجسس، الذي طوّرته شركة "إن إس أو" الإسرائيلية، في هاتف زوجة خاشقجي قبل أشهر من اغتياله، مشيرة إلى أنّ تحليلاً جديداً يدحض مزاعم الشركة الإسرائيلية بكون هاتف زوجة الراحل لم يكن ضمن دائرة الاستهداف بأعمال التجسس.
وتعود فصول التجسس، بحسب ما أوردته "واشنطن بوست"، إلى اللحظة التي سلّمت فيها العتر هاتفيها وحاسوبها المحمول وكلمات المرور الخاصة بها إلى عناصر الأمن بمطار دبي لحظة عودتها للمطار، وانتهاء يوم عملها مضيفة طيران.
والعتر مصرية المولد إماراتية المنشأ، عملت في قطاع الطيران، وتحديداً مضيفة في "طيران الإمارات" لمدة 22 عاماً.
وأضافت الصحيفة أنه قد جرى استقدام العتر بعد ذلك، معصوبة العينين ومكبّلة اليدين، إلى غرفة للتحقيق الأمني على مشارف مدينة دبي. وكشفت الأخيرة لـ"واشنطن بوست" أنه قد جرى استنطاقها طيلة الليل وفي صبيحة اليوم الموالي حول مصادر دخلها وزوجها جمال خاشقجي.
وفي صبيحة 22 إبريل/ نيسان 2018، قام أحدهم بفتح صفحة ويب من أحد هاتفيها المحمولين، المصادرين أمنياً، لزرع برنامج "بيغاسوس" الخبيث بداخله.
وفي التفاصيل، ذكرت "واشنطن بوست" أنه وفقاً لتحليل أجراه على هاتفها بيل ماركزاك، من مجموعة أبحاث الأمن السيبراني "سيتيزن لاب"، تبيّن أنّ صفحة الويب التي فتحت من هاتف زوجة خاشقجي، مرتبطة بأحد زبائن شركة "إن إس أو" بالإمارات.
Elatr surrendered her two Android cellphones, laptop and passwords when security agents surrounded her at the Dubai airport in April 2018. https://t.co/Ku5SlvNcPY
— The Washington Post (@washingtonpost) December 21, 2021
وعلّقت الصحيفة على ذلك بالقول: "التحليل الجديد يوفر أولى الإشارات على أنّ جهاز استخبارات تابعاً للإمارات زرع برنامج تجسس ذا طابع عسكري بهاتف يستعمله شخص من الحلقة المقربة من خاشقجي قبل أشهر من اغتياله".
"لقد وجدنا الدليل على هاتفها"، كما قال ماركزاك للصحيفة، وقد أجرى التحليل بناء على طلب "واشنطن بوست" والعتر، فيما كانت السلطات الأمنية الإماراتية قد أعادت الهاتفين إليها بعد أيام من إخلاء سبيلها.
إلى ذلك، لفتت "واشنطن بوست" إلى أنّ هاتفي العتر تمت مصادرتهما بعد أيام من زواجها من خاشقجي، وكان الأخير يقيم في واشنطن، فيما العتر في دبي. كما كانا يبحثان تفاصيل رحلاتهما وأماكن لقائهما بالولايات المتحدة الأميركية وبالخارج عبر استخدام تطبيقات هاتفية.
وكان تحقيق نشرته 17 وسيلة إعلاميّة دوليّة، في 18 يوليو/ تموز الماضي، قد أظهر أنّ برنامج "بيغاسوس" الذي طوّرته شركة "إن إس أو" الإسرائيليّة سمح بالتجسّس على ما لا يقل عن 180 صحافياً، و600 شخصيّة سياسيّة، و85 ناشطاً حقوقياً، و65 صاحب شركة في دول عدّة.
وذكّرت "واشنطن بوست" بأنّ الإمارات واحدة من أهم زبائن "إن إس أو" الإسرائيلية المطورة لبرنامج "بيغاسوس"، مضيفة أنّ أجهزتها الأمنية استخدمته في استهداف الناشطين المعارضين، والصحافيين، وحتى أميرة من الأسرة الحاكمة، فيما تنفي الإمارات كل تلك الاتهامات.
من جانب آخر، كشفت "واشنطن بوست" أنّ حنان العتر علمت باختفاء خاشقجي من خلال موقع "تويتر" بعدما استفاقت من رحلة جوية طويلة، وحيدة في شقتها بدبي. وأضافت أنّ العتر وبينما كانت بصدد التفكير في إمكانية تعرّضه للاغتيال، اكتشفت كذلك أنه كان يخطط للزواج بخطيبته التركية، خديجة جنكيز.
وفي 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول، بينما كان هناك للحصول على وثائق لإتمام زواجه من جنكيز.
وكانت العتر زوجة خاشقجي الرابعة بعد ثلاث حالات طلاق سابقة له، ولم يكن الكثير من أصدقائه في واشنطن يعلمون بزواجه منها، وفق ما أوردته "واشنطن بوست".
كذلك كشفت "واشنطن بوست" أنّ هاتف العتر تعرّض لمحاولات سابقة لزرع برنامج "بيغاسوس" فيه، دون أن تدري بذلك. وقالت إنّ الاستخبارات الإمارتية حاولت زرع برنامج التجسس الخبيث منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017، عبر إرسال روابط على هاتفها وإيهامها بأنه في حال فتحتها ستتلقى باقة ورود، أو صوراً جديدة من أفراد عائلتها.