"مواطنون ضد الانقلاب" في تونس: عشرات الآلاف تظاهروا اليوم ضد قيس سعيّد

تونس

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
14 نوفمبر 2021
+ الخط -

أكدت حملة "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس أن "عشرات الآلاف تمكنوا من المشاركة في الوقفة الاحتجاجية، وعشرات الآلاف منعوا من الوصول بشكل مقصود في اعتداء صارخ على حرياتهم وحقوقهم"، وذلك في المسيرة الاحتجاجية التي دعت إليها الحملة أمام مقر البرلمان في شارع باردو في العاصمة التونسية، وذلك للاحتجاج على الإجراءات "الاستثنائية" التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد في 25 يوليو/تموز الماضي، والمتواصلة منذ أن أقدم على تجميد عمل البرلمان وحلّ حكومة هشام المشيشي.

وقال بيان للحملة بعد انتهاء الاحتجاجات في باردو: "أنتم بالتأكيد أكثر بكثير من تقديرات وزارة الداخلية التي رأتكم ألفا فقط! وأقل من "مليون و800 ألف" الذين يزعم الانقلاب أنهم مناشدوه. تقديراتنا أن الوقفة شهدت حضور نحو 30 ألفاً إلى جانب أكثر من عشرة آلاف منعوا من الوصول".

وأضاف: "شكرا لأهلنا من كل ربوع الوطن.. شكرا للآلاف الذين تكبدوا عناء التنقل رغم المنع غير القانوني وأساليب الهرسلة والتعطيل، التي حاولت من خلالها سلطة الاستثناء الاعتباطية منع تنفيذ الوقفة الاحتجاجية".

وجاء في البيان: "هذه تونس في زمن الانقلاب: سلطة منتخبة مغلقة بدبابة وساحة عامة معسكرة يمنع المواطنون من ممارسة حقهم الدستوري والطبيعي في التعبير والتظاهر داخلها".

وأردفت الحملة: "انتصرت تونس الديمقراطية مجددا وفضحت الانقلاب ووجهه القبيح.. والقادم مزيد من التظاهر والنضال في كل الجهات من أجل تجذير معركة فرض الديمقراطية وإسقاط الانقلاب".

وفي بيان لها، قالت وزارة الداخلية التونسية إن "الوقفة الاحتجاجية التي تمت بتاريخ اليوم الأحد 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بباردو شارك فيها حوالي 3500 شخص، حسب تقديرات المصالح الأمنية".

انتهاك لحرية التنقل والتظاهر وعشرات الإيقافات

وفي السياق، أفاد "المرصد الدولي لحقوق الإنسان" بأنه سجل انتهاكا صارخا لحرية التنقل والتظاهر وعشرات الإيقافات.

وقال المرصد إنه كلف فريقا رقابيا بـ"مراقبة مدى احترام الاحتجاج السلمي وحرية التعبير خلال الوقفة الاحتجاجية، المبرمجة بتاريخ اليوم الأحد بساحة باردو قبالة مجلس نواب الشعب".

وأكد المرصد في بيان له أنه "وثق جملة من الانتهاكات وحالات المنع من الوصول إلى مكان التظاهر، كما سجل شهادات مصورة عن حالات منع لعدد كبير من سيارات اللواج والحافلات، التي كانت تنقل مواطنين تم منعهم من التنقل إلى العاصمة للمشاركة في التظاهرة الاحتجاجية".

وأكد أنه "سيصدر تقريرا مفصلا عن جملة الانتهاكات التي رصدها ووثقها ووردت عليه من عديد المواطنين".

دلالات مسيرة اليوم

 وفي هذا السياق، أكد أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية شاكر الحوكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "مسيرة حراك، مواطنون ضد الانقلاب"، اليوم الأحد، تعد "ناجحة بكل المقاييس والمعايير، رغم عملية العسكرة التي شهدتها مدينة باردو والكم الهائل من الحواجز التي وضعت في طريقنا نحو البرلمان لتعطيلنا، ومنع القادمين في تعدٍّ صارخ على حق الإنسان في التنقل ومنع الراغبين في الالتحاق للتعبير عن آرائهم".

وأضاف الحوكي أنه "في البداية كانت رمزية الاحتجاج هي كسر حاجز الخوف والصمت، وكان التحرك الثاني من أجل تكذيب الزعم والادعاء الذي يقوله الرئيس حول وجود شعب واحد يؤيده، بإظهار أن هناك آراء أخرى ووجهات نظر مختلفة للخصوم يمكنها تعبئة الشارع بطريقة أفضل من طريقته الفاشلة التي أحرقت الدستور، أو بحضور الأحزاب التي تدعم الانقلاب القومجية الثورجية..".

وفسر بالقول إن "مسيرة رفض الانقلاب اليوم في باردو تختلف عن سابقاتها من حيث الحضور والمشروع والمطالب التي أصبحت أكثر وضوحا من التحركات السابقة، وتتمثل في دعوة الرئيس المنقلب للاستجابة لهذا الأفق الذي نضعه بين يدي جميع الحساسيات السياسية والفاعلين السياسيين من أجل استئناف المسار الديمقراطي، والذي لن يحصل إلا بعودة الشرعية وبالذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها".

وشدد على أنهم "متيقنون منذ البداية بأن معركة العودة إلى الشرعية الدستورية هي معركة طويلة الأمد".

"مواطنون ضد الانقلاب" يتظاهرون في تونس

رمزية كبيرة

من جهته، اعتبر القيادي المستقيل من حركة النهضة عبد اللطيف المكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مسيرة اليوم "هي رفض للانقلاب، وهذا الحضور المكثف له رمزية كبيرة، فقد كان سعيّد يعتقد أن المحتجين سيضعفون ويتراجعون، ولكن رغم التضييقات الكبيرة، فالرافضون الانقلاب موجودون وسيواصلون النضال".

وأشار إلى أنه "بحكم خبرته وتجربته في الاحتجاجات، فإن عديد الفئات لم تكن تشارك في التعبير عن رفضها الانقلاب سابقا، وخرجت اليوم للاحتجاج، ما يعني توسع دائرة المعارضين".

 وأوضح أنهم" مع أي تحرك نضالي في أي مكان وجهة، والنضال سيستمر إلى أن يتوقف الانقلاب وإلى حين استعادة المؤسسات الدستورية، والدعوة اليوم هي لاستعادة الدستور والديمقراطية والحوار دون إقصاء الطرف الآخر".

وذكر أن "هذه الجهود والمسيرات كان من الممكن توظيفها في حل المشاكل الاقتصادية وخدمة تونس، ولكن سعيّد فرض الانقلاب وفرض النضال ضد الانقلاب"، مبينا أن "وصف سعيّد معارضيه بأبشع النعوت وشيطنتهم غير مقبولين لأنه رئيس كل التونسيين حتى معارضيه".

أخطر رسالة لمقاومة الانقلاب

أما الناشط السياسي وأحد قياديي "مواطنون ضد الانقلاب" لمين البوعزيزي فرأى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتجاج السياسي للدفاع عن الديمقراطية هو أخطر رسالة لمقاومة الانقلاب، ورسالة اليوم أسقطت أكذوبة التفويض الشعبي وبيّنت أنها غير صحيحة"، مؤكدا أنه إذا كان الشعب مع سعيّد كما يدعي فمن هم كل هؤلاء؟".

"النهضة" تدعو لـ"توحيد الجهود في وجه غول الديكتاتورية"

إلى ذلك، دعت حركة النهضة التونسية إلى "التعاون وتوحيد الجهود وتنويعها للوقوف في وجه غول الديكتاتورية الزاحف وحماية قيم الثورة والنظام الجمهوري".

وقالت النهضة في بيان لها، مساء اليوم الأحد، إنه بـ"إلغاء الدستور والبرلمان والهيئات التعديلية ومحاولات السيطرة على القضاء وتطويعه وسن القانون عدد 117 المناقض لقيم الجمهورية، تم إلغاء ضمانات الحقوق والحريات وفسح المجال لممارسات الاستبداد والديكتاتورية".

وقال البيان إن "المبادرة الديمقراطية ونواب البرلمان ومحامون ضد الانقلاب نظموا مسيرة اليوم 14 نوفمبر 2021 دفاعا عن الدستور والديمقراطية والسلطة التشريعية واستقلال القضاء. واتبعوا في تنظيمها كل الإجراءات التي يقتضيها القانون، وحصلوا على الموافقة كاملة. ولكن السلطة، بدلا من احترام القانون وما تعهدت به، سارعت إلى محاولة منع هذه التظاهرة بمنع المتظاهرين من الوصول إلى العاصمة، عبر إيقاف السيارات بالطرقات الوطنية والطرقات السيارة وفي محطات الاستخلاص وتعطيل مصالح المواطنين".

السلطة بدلا من احترام القانون وما تعهدت به سارعت إلى محاولة منع هذه التظاهرة بمنع المتظاهرين من الوصول إلى العاصمة

وقالت النهضة إنه تم "افتكاك أوراق السيارات للبعض وإرغامهم على العودة من حيث أتوا، وتفعيل النقاط الأمنية بالجهات لمنع تجمهر المواطنين بأعداد غفيرة في الطرقات المغلقة، وتم منع وكالات الأسفار من كراء الحافلات وتعطيل النقل العمومي بشتى الوسائل، واقتياد بعض المواطنين المحتجين على هذا التضييق في الطرقات إلى مراكز الأمن وهرسلتهم".

وأكدت أيضا أنه تم "منع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة باردو عبر الحواجز التي أغلقت كامل المنافذ المؤدية إلى الساحة مع وجود أمني مكثف جدا، في محاولة تقطيع أوصال المسيرة وإجبار المتظاهرين على الوجود في مجموعات متفرقة، وكذلك منع القائمين على التظاهرة من نصب منصة لإلقاء الكلمات وحجز الشاحنة المعدة لإلقاء الكلمات وحجز كافة المعدات الصوتية".

وقالت الحركة إنها "تعبّر عن دعمها هذا التحرك القانوني والسلمي، وعن تضامنها الكامل مع كل الذين تعرضوا على أيدي الأجهزة الأمنية للإيذاء والعدوان".

المساهمون