"كوتا النساء" لا تحقق طموح المرأة في العراق: عمل تحت هيمنة الأحزاب

13 فبراير 2021
تمثيل "رمزي" للمرأة العراقية في الانتخابات (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

على نحو مغاير لتحركات مشابهة قبل كل انتخابات، تشهد العاصمة العراقية بغداد، حراكاً مبكراً لناشطات سياسيات وبرلمانيات حاليات وسابقات، للدفع باتجاه تفعيل دور المرأة في البرلمان المقبل، ومنع تحول كوتا النساء في الدورة الانتخابية المقبلة إلى مجرد عدد يصادر قراره قادة الكتل والزعامات السياسية في البلاد.

ويلزم الدستور العراقي بألا يكون عدد النساء في البرلمان أقل من الربع في البرلمان، وهو ما دأبت على عمله مفوضية الانتخابات العامة في إقرار نظام الكوتا الذي يلزم فوز عدد معيَّن من النساء عن كل دائرة انتخابية.

ووفقاً للقانون الجديد للانتخابات، المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، فإن كل دائرة انتخابية تلزم فوز ثلاثة مرشحين منها، أحدهم يجب أن يكون امرأة.

النائبة في البرلمان، آلا الطالباني، التي ترأست أخيراً تجمّعاً للبرلمانيات العراقيات لحشد الدعم والتنسيق بشأن "أخذ المرأة دورها في العمل السياسي"، أبدت قلقها من التضييق المستمر على هذا الدور، مؤكدة، في بيان، أنّ "الرئاسات الثلاث هي التي تصنع القرار، ولا وجود للمرأة في هذه الرئاسات، وأن حصول المرأة على إحدى الرئاسات الثلاث بكل دورة انتخابية، يحول دون تحقيقه الكتل والأحزاب السياسية".

وأضافت: "المرأة تمنع أيضاً من أن تكون عضواً في لجنة الأمن البرلمانية، ويتهمونها بالقصور عن أداء هذه المهمة"، مؤكدة سعيها "للارتقاء بوعي المجتمع إلى الحد الذي تكسب فيه المرأة ثقة الناخب، فيتم ترشيحها دون اللجوء إلى الكوتا".

وأشارت إلى أن "النساء يفزن في الانتخابات التشريعية من دون كوتا، لكن قوائمهن الانتخابية تحيلهن على الكوتا، وتمنح أصواتهن لآخرين، وهذا إجراء مخالف للقانون الذي ينص على أن الفائزة بأصواتها لا تحسب على الكوتا".

النائبة السابقة عن التيار المدني، شروق العبايجي، قالت لـ"العربي الجديد"، إنّ "الكوتا النسوية من المفترض أن تكون لإبراز دور المرأة العراقية في العمل البرلماني والسياسي ومنحها حق التمثيل، ويجب أن تكون للمساهمة الفعالة بالنهوض بواقع المرأة العراقية، لكن للأسف بهذا الجانب لم نشاهد حراكاً نسوياً برلمانياً يلبّي متطلبات النهوض بواقع المرأة، والتمثيل النسوي اختصر بأن تكون الكوتا مجرد إكمال عدد للمقاعد البرلمانية لا أكثر، ولم تُختَر النساء المدافعات عن حقوق المرأة والكفاءات بالتخصصات الأخرى".

وشددت على أنّ "الهيمنة الحزبية للقوى السياسية على المرأة، واستقطابها قبل الانتخابات، وانتماءها إلى قوى معينة أفقدت المرأة دورها السياسي، وهو أداء سياسي لا يرتقي إلى مستوى الطموح، وحل المشاكل المستعصية".

وعبّرت عن "عدم تفاؤلها بحصول النساء على وزارات مهمة كالخارجية أو النفط وغيرها من الوزارات المهمة، في ظل هذه الأجواء، فضلاً عن العقلية الذكورية المهيمنة على العمل السياسي التي تمنع ذلك، فهم (الأحزاب) ينظرون إلى الوزارات مغنماً لهم، ولا يعتقدون بإمكانية إدارة هذه الوزارات من قبل المرأة بشكل جيد، علماً أنّ نسبة الفساد عند المرأة أقل بكثير من الفساد عند الرجال".

واعتبرت أنّ "هناك تهميشاً لدور المرأة بشكل واضح، وأن النساء الكفوءات والنزيهات لا يمكن وصولهن إلى ما يطمحن إليه"، مشيرة إلى أن "الكوتا تضمن 25% كتمثيل للمرأة في البرلمان، هي الحد الأدنى، ويجب أن تكون محفوظة، أما إذا كانت المنافسة فوق الكوتا، فيجب أن تحسب أصوات النساء التي تحصل عليها في الانتخابات التي تزيد على الـ25%، لزيادة تمثيلها ضمن الاستحقاق الانتخابي".

عضو لجنة المرأة في البرلمان العراقي، النائب ريزان شيخ دلير، بدت غير متفائلة كذلك بالتمثيل النسوي في البرلمان المقبل، وقالت لـ"العربي الجديد"، إنه "في الانتخابات المقبلة لا أتوقع تمثيلاً جيداً للمرأة".

وأكدت أنّ "دخول النائبة من طريق الأحزاب والقوى السياسية أفقدها دورها، وأن القوى السياسية تبحث عن امرأة تتمسك بالحزب وبقراراته وبأجنداته بعيداً عن كونها مهتمة بقضية المرأة وداعمة لها".

وأشارت إلى أنه "لهذا السبب لم نلاحظ في الدورات البرلمانية أي دور كبير للمرأة، فالأحزاب السياسية التي تنتمي إليها النساء تستحوذ على المناصب والوزارات المهمة، وإذا ما فازت نساء من طريق الأحزاب، فإن تلك الأحزاب لا تمنحها (النساء) أية وزارة مهمة، ولا يمكن حصول ذلك".

موقف
التحديثات الحية

ويؤكد مراقبون أن نظام الكوتا يتعارض مع الأنظمة الديمقراطية، وقد حجّم دور المرأة في العمل السياسي، في وقت أن ظاهره يمنحها استحقاق ممارسة دورها. 

وقال الخبير في شؤون الانتخابات، محمد البهادلي، إنه "في كل انتخابات تستقطب نساء لا علاقة لهن بالسياسية من قبل القوى السياسية المهيمنة على البلاد، بغية ضمان السيطرة على عملها داخل البرلمان، وهي لا تريد دعم نساء ذات كفاءة عالية وقوة تؤهلها لقيادة مؤسسات ووزارات مهمة، الأمر الذي أفقد المرأة دورها بالبرلمان، وأصبح ضعيفاً".

وبيّن في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "النساء لم يستطعن الحصول على وزارات مهمة، وأن وجودهن بالحكومة شبه رمزي".

وأشار إلى أن "تلك القوى تستقطب أيضاً النساء المتعصبات طائفياً أو عرقياً، لضمان أن تكون مسيَّرة من قبل الحزب، وهكذا أصبح من الصعوبة أن يكون هناك دور واضح ومستقل للمرأة تستطيع من خلاله إثبات وجودها في الساحة السياسية العراقية".

واعتبر أن "نظام الكوتا مخالف للنظم الديمقراطية، وهو بمثابة تمييز عنصري ضد المرأة، من خلال تحديد نسبة تمثيلها في البرلمان".

وأوضح أن "دور المرأة الحقيقي يكمن بإلغاء نظام الكوتا، واعتماد رأي الشعب بانتخاب من يمثلهم وفقاً للمعايير الديمقراطية، من دون تحديد أو قيود".