"قانون الأوليغارشية" في أوكرانيا: ورقة زيلينسكي لتحجيم المتمولين المعارضين

01 أكتوبر 2021
يمتلك زيلينسكي أغلبية في البرلمان (Getty)
+ الخط -

على الرغم من موجة الشعارات الشعبوية التي وصل بها إلى السلطة في عام 2019 وافتقاره لأي خبرة سياسية، إلا أن الممثل الكوميدي السابق، الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، تمكن خلال عامين ونيف من حكمه من زيادة تحكمه في شؤون البلاد، عن طريق تمرير مجموعة من القوانين والمبادرات. 
آخر هذه القوانين كان "قانون الأوليغارشية" الهادف إلى الحد من نفوذ طبقة النخب المالية في الحياة السياسية للبلاد. وينصّ القانون الجديد المحددة مدته بعشر سنوات، والذي صادق عليه الرادا العليا (البرلمان الأوكراني) قبل أيام، على تنظيم علاقة الموظفين الحكوميين بكبار رجال الأعمال، وإنشاء سجل النخب المالية الذين يعرفهم بأنهم "أفراد من أصحاب التأثير على الحياة السياسية والاقتصادية في أوكرانيا ويسيطرون على قطاعات من الفضاء الإعلامي".

من المفترض أن يتم العمل بالقانون الجديد 10 سنوات

وبعد دخول القانون حيز التنفيذ، سيحظر على هؤلاء تمويل الأحزاب السياسية، بما في ذلك عبر وسطاء، وكذلك المشاركة أو الاستفادة من خصخصة أصول هامة، وسيتعين عليهم تعريف أنفسهم بصفتهم عند التعامل مع الموظفين الحكوميين، وتقديم إقرارات سنوية عن مداخيلهم وممتلكاتهم.
في هذا الإطار، يعتبر مدير المركز الأوكراني للتحليل وإدارة السياسات، رسلان بورتنيك، أن تبني القانون الجديد يهدف إلى زيادة تحكم السلطة في قطاع الأعمال النشط سياسياً، محذراً من تفاقم فقدان الثقة بين زيلينسكي ومختلف المجموعات المالية والإقليمية. ويقول بورتنيك في حديث مع "العربي الجديد" من العاصمة الأوكرانية كييف، إن "الدافع الرئيسي للقانون هو السيطرة على قطاع الأعمال النشط سياسياً، الذي يموّل الأحزاب والحركات السياسية ووسائل الإعلام، لا سيما المعارضة منها والمستقلة، ويروج لمصالحه عبر الحكومة. ويتيح القانون الجديد فلترة الأوليغارشيين انتقائياً وفرض القيود عليهم واستهدافهم".

وحول تأثير القانون المثير للجدل على الحياة السياسية الأوكرانية، يشرح بورتنيك: "يحصل الرئيس على صلاحيات جديدة ستتيح للسلطة الضغط على قطاع الأعمال الكبرى ومطالبته بالولاء تحت التهديد بالقيود والعقوبات. وسيؤثر القانون بشكل كبير على توازن القوى السياسية، في ظل تفاقم حالة فقدان الثقة بين قطاع الأعمال الكبرى ومختلف المجموعات في السياسية والمجتمع، وتعزيز سلطة الرئيس".
ومع ذلك، يحذر بورتنيك من أن تفرّد زيلينسكي بالسلطة سيزيد من هشاشة المنظومة الحاكمة بعد تنامي التوتر بين الرئاسة وقطاع الأعمال، عازياً ذلك إلى تعرض أوكرانيا إلى تأثيرات خارجية عدة ووجود مجموعات إقليمية ومالية كبرى في الداخل.

بدورها، توقعت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية أن تتسبّب المصادقة على "قانون الأوليغارشية" بأزمة سياسية جديدة في أوكرانيا، بعد إعلان كتل المعارضة البرلمانية أن زيلينسكي سيركز بواسطة هذا القانون السلطة المطلقة بين يديه، مع تشبيه الوضع بتصويت البرلمان في منتصف يناير/كانون الثاني 2014 لصالح "القوانين الدكتاتورية" للرئيس الأسبق الموالي لروسيا، الهارب فيكتور يانوكوفيتش، قبيل سقوطه في فبراير/شباط من العام ذاته.
وفي تقرير بعنوان "مكافحة الأوليغارشية تنذر بأزمة سياسية في أوكرانيا"، لفتت الصحيفة إلى أنه تم تمرير القانون في الوقت الحالي رغم إحالته إلى "لجنة فينيسيا" (جهاز استشاري لمجلس أوروبا حول القضايا الدستورية في كييف)، التي كان من المنتظر أن تصدر نتائجها بحلول نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل. وأشارت إلى أن أياً من ممثلي السلطة لم يشرح بشكل واضح العجلة في تبني القانون، مع تذكير البعض بأن "نزع الأوليغارشية" هي مسألة حيوية لزيلينسكي.
وكان البرلمان قد صوّت يوم الخميس ما قبل الماضي، على "قانون الأوليغارشية"، بأغلبية 279 صوتاً من أصل 450، لمصلحة مشروع قانون "منع التهديدات للأمن القومي المتعلقة بالنفوذ المفرط للشخصيات ذات ثقل اقتصادي أو سياسي كبير في الحياة الاجتماعية (الأوليغارشية)"، في مقابل معارضة 54 نائباً وامتناع 27 آخرين عن التصويت.

يستهدف زيلينسكي السيطرة على قطاع الأعمال الكبرى
 

وأحال زيلينسكي مشروع القانون إلى البرلمان في يونيو/حزيران الماضي، بحجة "ضرورة التدقيق من أجل تعريف الأوليغارشية، وتحديد معايير الانتساب إلى هذه الفئة، من جهة النفوذ وقيمة الأصول"، محذّراً النواب من محاولات التأجيل أو المماطلة في النظر فيه. وهدد بإجراء استفتاء شعبي حول وضع الأوليغارشية في هذه الحالة. وبدأ زيلينسكي حربه على الأوليغارشيين في مارس/آذار الماضي، معلناً أن الموارد الطبيعية والمنشآت الإستراتيجية تم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني، داعياً إلى "استعادة العدالة".
وفي مايو/أيار الماضي، قررت محكمة في كييف وضع رجل الأعمال والسياسي المعارض للسلطة في أوكرانيا، الموالي لروسيا، فيكتور مدفيدتشوك، رهن الإقامة الجبرية. ومدفيدتشوك يحتل المرتبة الـ12 بين أثرى أثرياء أوكرانيا بثروة قيمتها 620 مليون دولار، وفق تقديرات مجلة "فوربس" العالمية. وأثارت ملاحقة مدفيدتشوك استياء الكرملين، إذ اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن السلطات الأوكرانية تقوم بتطهير الفضاء السياسي من القوى الداعية إلى التسوية السلمية للنزاع بين كييف والانفصاليين في منطقة دونباس (تضمّ إقليمي لوغانسك ودونيتسك في الشرق الأوكراني) وعلاقات حسن الجوار مع روسيا.

المساهمون